الجديد

بعد الاستقلال الوطني و ارساء الديمقراطية  .. الانتصار على الفساد هو استقلانا الثالث

عبد المجيد المسلمي ( قيادي في حزب تحيا تونس)
طرح إيقاف نبيل القروي المترشح للانتخابات  الرئاسية بتهم تتعلق بتبييض الأموال معضلة الديمقراطية و الحرية خلال الحرب على الفساد.
فالبعض يعتبر أن المرشحين للانتخابات يكتسبون بعض الحصانة من خلال ترشحهم و يعتبرون إن إيقافهم في هذا الزمن الانتخابي يخدش العملية الديمقراطية و يستهدف منافسين سياسيين.
فيما يعتبر أخرون أن الزمن القضائي يهتم بتحقيق العدالة و لا يهتم بالزمن الانتخابي و أن الترشح للرئاسية أو التشريعية لا يعطي حصانة لأحد. من جهة أخرى فإن مقاومة الفساد هي الأولوية المطلقة لأن استشراء الفساد هو أكبر خطر على الديمقراطية و على الحرية إضافة على خطره على الاقتصاد و الاستقرار السياسي.
في فترة النضال ضد الاستبداد كانت إحدى شعارات المعارضة = إرساء الديمقراطية هو استقلالنا الثاني. بعد الثورة و إرساء الحرية و الانتقال الديمقراطي برزت عديدة المظاهر الخطيرة التي تهدد الانتقال الديمقراطي برمته مثل ضعف الدولة و الفوضى و الانفلات و الازمة الاقتصادية و الاجتماعية. و لكن مثل ظهور الإرهاب و استشراء الفساد أكبر المخاطر التي أحدقت ببلادنا على الإطلاق بعد الثورة.
و قد تمكنت الدولة التونسية من دحر الإرهاب بفضل قواتنا الأمنية و العسكرية مدعومة بتخصيص أكبر نسبة من الميزانية لهذبن القطاعي ( 15 بالماءة من الميزانية أي ما يعادل 6000 مليار)
و لكن أفة الفساد لا تزال تمثل  تحديا حقيقيا و خطرا محدقا على بلادنا و الحال أن جل المسؤولين يؤكدون أن مقاومة الفساد تعد أصعب و أخطر و أعقد من مقاومة الإرهاب.
ذلك أن بؤر الفساد منتشرة في ثنايا  الدولة و المجتمع و الإدارة مستغلة ضعف الدولة و حالة الانفلات التي سادت بعد الثورة. كما أن الفترة النوفمبرية كانت فترة الاستبداد و الفساد بامتياز. فخلالها كان الفساد سياسة دولة و كان الفاسدون في أعلى هرم السلطة.
و عملا بمقولة علم الاجتماع عن تشبه المحكوم بالحاكم أصبح الفساد ثقافة رائجة في المجتمع في عهد الرئيس المخلوع. صحيح أن شبكات الفساد كانت منظمة و ممسوكة بيد قوية حديدية من طرف عائلة الرئيس السابق. أما بعد الثورة فقد مثل الانفلات الذي عم جميع المجالات أحسن مناخ لانتشار الفساد في مجمل مفاصل المجتمع.
و تقدر بعض الأرقام أن نسبة القطاع الاقتصادي الموازي و الخاضع لشبكات الفساد تمثل أكثر من 50 بالمائة من الناتج الوطني الخام.
كما تقدر بعض الدراسات أن الفساد و سوء الحوكمة يتسببان في تخلف النمو بنسبة 4 بالمائة 2 بالمائة نتيجة الفساد و 2 بالمائة نتيجة لسوء الحوكمة.
لا شك أن إرساء الهيئة الوطنية لمقاومة الفساد مثل نقلة نوعية. و منذ انشائها تم رفع الغبار عن قرابة 12000 ملف و تم مضاعفة القضايا التي تم إحالتها للقضاء. و قد تدعم رصيدها البشري كما أصبحت ميزانيتها تناهز5 مليون دينار. و قد تمت المصادقة سنة 2016 على الخطة الوطنية لمقاومة الفساد من طرف الحكومة و الأطراف الاجتماعية و المجتمع المدني.
و يمثل إرساء القطب القضائي المالي و الاقتصادي خطوة هامة في مكافحة الفساد حيث تم تدعيمه بعدد هام من القضاة و الفنيين مما مكنه من  نجاعة و سرعة أكثر في معالجة ملفات الفساد المتراكمة.
كما تمت المصادقة على قوانين هامة مثل قانون حماية المبلغين و قانون التصريح بالمكاسب و القانون المنظم لمحكمة المحاسبات التي اصبحت تراقب مصاريف الإدارات العمومية و الأحزاب و الجمعيات.
كما مثل   رفع السر البنكي في قانون المالية لسنة 2018 و منع الشراءات نقدا بأكثر من 5000 دينار عند شراء العقارات و السيارات و الأصول التجارية إجراءات هامة في إطار مقاومة الفساد و التهرب الضريبي و التهريب و التجارة الموازية. و رغم كل هذه الإجراءات و القوانين لا يزال الفساد قويا في المجتمع.
إن الحرب على الفساد حرب طويلة الأمد. و هي تتطلب ترسانة  من القوانين و ارادة سياسية فولاذية حديدية و تضامنا و انخراطا مواطنيا كثيفا حتى تحقق أهدافها.
 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP