بعد سنة: الانتخابات في تونس .. من فرصة الى مأزق !/1 من 3/
منذر بالضيافي
مثلما كان متوقعا، فان نتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية، التي مر عليها سنة بالتمام والكمال، لم تكن “فرصة” للخروج من الأزمة السياسية، التي دخلت في أتونها البلاد، في السنة الأخيرة من حكم الرئيس الراحل، الباجي قايد السبسي، بل أنها تحولت الى “مأزق” لتأبيد الأزمة بل جعلها أكثر تعقيدا، خاصة بعد أن أصبحت أزمة شاملة، يتداخل فيها السياسي بالاقتصادي والاجتماعي، ينضاف اليها “الفيروس المستجد” (وباء الكورونا)، وهذا حال البلاد اليوم، مثلما يقر بذلك الواقع المعيش في كل صوره ومجالاته، ما جعل فرص التغيير – التي حلم بها التونسيين – تتلاشى، يوما بعد يوم ولا وجود لنقطة ضوء في “آخر النفق”، مثلما يقال.
برأي وبرغم تعقد الوضع في تونس اليوم، فان أصل الأزمة السياسي بامتياز، تعود جذورها الى فشل سقوط اتفاق قرطاج 2 في ماي 2018 زمن حكم الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، الذي تمثل في انهاء “حكم التوافق” الذي حكم البلاد بعد انتخابات 2014، الذي تمثل في ما كان يعرف ب “توافق الشيخين”، وأعلن الرئيس السبسي قبل سنة من رحيله على نهايته، في لقاء تلفزي شهير، محملا الغنوشي وحزبه مسؤولية نهاية التجربة، وهم الذيم اختاروا تحويل وجهتهم نحو “رئيس حكومة “البجبوج”، يوسف الشاهد، الذي كانت له “قابلية” الانقلاب على معلمه، لتدخل البلاد في أتون صراع بين السلطتين التنفيذيتين (قرطاج و القصبة ).
وهو ما جعل القوى السياسية (أحزاب وشخصيات وطنية على حد السواء)، تدخل الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والتشريعي لسنة 2019 “مرهقة”، جراء الصراع السياسي الذي استنفد كل قواها وكذلك رصيدها خاصة الشعبي، والذي كشفت عنه نتائج الانتخابات، التي أتت ببرلمان مشتت وذا تركيبة “فسيفسائية”، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون مؤسسا للاستقرار السياسي، في نظام سياسي يوصف ب “الهجين” هو أقرب الى البرلماني، الذي يفترض “تعايش” أحزاب وكتل برلمانية، ضرورة تحتمها تشكيل “الحكومات الائتلافية”.
امتحان فشلت فيه الأحزاب البرلمانية، خلال السنة الأولى التي تلت انتخابات 2019، وهي التي عرفت “اسقاط” 3 حكومات، مع ما يعني ذلك من تداعيات سلبية يخلفها عدم الاستقرار السياسي والحكومي، تمثل في مزيد تدهور الوضع الاقتصادي، الذي تقول كل مؤشراته أنه كارثي وغير مسبوق في تاريخ البلاد، لا مفر من أن تكلفته الاجتماعية ستكون باهضه، ولا يستبعد أن تأخذ شكل “انفجار مجتمعي”، هو بصدد التغذي أيضا من الوضع السياسي، الذي من أبرز سيماته لا “غياب الاستقرار الحكومي” فقط، بل أيضا من حدة الصراع بين كل من قصر قرطاج من جهة والبرلمان والقصبة من جهة ثانية، صراع يتوقع أن يتمدد أكثر، ما يجعل سيناريو “الصدام” بين مؤسسات الدولة هو الأكثر ترجيحا، في ظل صعوبة “الالتقاء” بين “القصر” و “باردو”.
Comments