بعد "صدمة" نتائج سبر الآراء .. هل يكون الشاهد زعيم "النداء التاريخي" بتفويض من الرئيس السبسي ؟
منذر بالضيافي
دعا الأمين العام لحركة نداء تونس، عبد العزيز القطي، اليوم في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء، رئيس الحكومة يوسف الشاهد، الى “تزعم عملية إعادة لم شمل النداء التاريخي وتكوينه، للحفاظ على التوازن السياسي في تونس وإخراجها من الأزمات التي تعيشها”.
برغم تصاعد الخلافات التي تشق “نداء تونس”، التي أكدها مؤتمره الأخير، والذي زاد في تأزيم وضع الحزب، فانه لابد من التعاطي بجدية مع دعوة القطي للشاهد لتزعم “النداء التاريخي”، أي اعادة كل “شقوق” الحزب تحت سقف كيان تنظيمي واحد وقيادة واحدة.
ما يجعل المتابعين ينظرون لما قاله القطي ب”جدية”، ويستبعدون أن يكون مجرد “بالونة اختبار” للاستهلاك الاعلامي والسياسي، أنها تتوافق مع تفاعلات وتطورات المشهد السياسي والانتخابي قبل وبعد مؤتمري كل من “نداء تونس” و “تحيا تونس”، فضلا عن وجود مؤشرات على عودة “الدفء” في العلاقة بين رأسي السلطة التنفيذية.
فعلي الصعيد السياسي، وبرغم التزام الشاهد “الصمت” عن التفاعل أو الرد الرسمي الذي لا يعني برأي التجاهل، على مقترح الرئيس السبسي، الداعي الى رفع التجميد عنه في مؤتمر النداء والذي استجاب له المؤتمرين، وما تبعه من حضور لرئيس الحكومة، في الجلسة الختامية لمؤتمر “تحيا تونس”، فان هذا الأخير ترك كل الأبواب مشرعة في اختيار الحزب الذي سينتمي له، وبالتالي فانه في حل من كل التزام حزبي الى حد الان.
أما في المستوي الانتخابي، الذي أصبح يهيمن على المشهد السياسي والمجتمعي، خصوصا بعد دخولنا في الزمن الانتخابي:
** من جهة القدرة الاستثنائية التي بينتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، التي نجحت في تسجيل أكثر من 700 ألف خلال أيام، رقم يقدر كل المتابعين أنه سيكون مؤثرا بل حاسما في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
** وكذلك الواقع الجديد، الذي فرضته نتائج عمليات سبر الآراء، التي أحدثت ما يشبه “الزلزال” في الحياة السياسية والحزبية وأيضا الاعلامية، ما جعل كل مكونات الخارطة الحزبية في حالة “فزع”، وجلها مطالب بتعديل الأوتار والسعي للتدارك، في ما تبقى من الأشهر الخمسة، التي ما زالت تفصلنا عن الاستحقاق الانتخابي.
وفي هذا الاطار أو السياق، يجب أن نفهم الدعوات المختلفة لتوحيد “النداء التاريخي” تنظيميا وتحت قيادة واحدة، والتي استهلها الرئيس قايد السبسي، في خطابه الافتتاحي لحزب “نداء تونس”، في مدينة المنستير، وهي ترتقي الى “ندا جديد” من الرئيس المؤسس ل “النداء التاريخي”، الى كل مكونات وروافد الحزب للالتقاء وتجاوز خلافاتها.
وهو “نداء” ما يزال محل متابعة من قبل الرئيس وفق معلومات مؤكدة وموثوقة تحصل عليها موقع “التونسيون”، ولا نستبعد هنا بل نجزم بأن دعوته لرفع التجميد عن الشاهد، هي مدخل لهذه “المصالحة” بين الندائيين، وأيضا دعوة لاستعادة “شاهد العقل” (وفق عبارة صدرت عن الرئيس في خطاب عام) كمدخل لتفويضه لزعامة أطياف “النداء التاريخي”.
كما علم موقع “التونسيون”، من مصادر موثوقة جدا، أن الرئيس قايد السبسي لم يتفاعل مع دعوات لإقالة الحكومة، ولا يفكر في اللجوء لما لديه من صلاحيات لتغييرها، وبالتالي فانه مع الابقاء على “الاستقرار الحكومي”.
تطور جديد، يعني تراجع منسوب “التوتر”، الذي طبع العلاقة بين القصرين خلال الفترة السابقة، والذي أربك الوضع السياسي وأثر على الأداء الحكومي، ولعل العديد من الشواهد خلال الفترة الأخيرة، تؤكد على ما ذهبنا اليه.
مما تقدم نشير الى أن سيناريو وجود مؤشرات بل مساع لإعادة بناء “النداء التاريخي”، ومنح رئيس الحكومة يوسف الشاهد، فرصة لتولي هذه المهمة بضوء أخضر من قصر قرطاج، يبدو هو الأرجح وربما سيكون هو الورقة التي سيلعبها كل من رأسي السلطة التنفيذية.
الذين يتبين أن ما يجمعهما أكثر مما يفرقهما، فضلا عن كونه – لو تحقق – سيكون السيناريو الأمثل لهما و لإنقاذ الرئاستين و “نداء تونس”، خصوصا وسط تعالي الأصوات القائلة بأن الحكومة ليست الوحيدة المسؤولة عن حالة الانهيار التي الت اليها الأوضاع في البلاد.
Comments