بعد 8 سنوات .. “شكري حيي فينا”
هشام الحاجي
يمكن للبعض أن يعتقد أن أغلب ما يمكن ان يقال حول عملية اغتيال الشهيد شكري بلعيد قد قيل، و لكن هذا الرأي يبدو متسرعا ، و هو أقرب للانتصار لمنطق الرصاص الذي يريد فرض الصمت، و تكريس العدم منه إلى منطق الاحتفاء بدم الشهداء، في تساميه عن كل الادران و الأوساخ، و المتعالي عن الانتقام و كل أشكال الانتماء الزائفة.
و هو ما يفسر المكانة المركزية لنيل الشهادة في الثقافات الإنسانية، و خاصة في ثقافتنا العربية الإسلامية، لأن الشهداء لا يموتون حتى و إن غيب الموت أجسادهم، و ما الاحتفاء الواسع بالذكرى الثامنة لاغتيال الشهيد شكري بلعيد، إلا تأكيد على أن دماء الشهداء تغذي نهر الحياة، بقيم يصعب محوها أو الحد من دورها.
لا شك أنه يمكن قراءة دلالات استشهاد شكري بلعيد من عدة زوايا و توظيفها في عديد الاتجاهات، خاصة و أن الصمت أمام دماء الشهداء جريمة قد تضاهيها الثرثرة أمامها.
إغتيال شكري بلعيد جريمة سياسية، لأن من خطط لها و نفذها كان يبحث عن تحقيق ” مكاسب ” على المستوى السياسي، و لأنها تمت في سياق سياسي أرادت تغييره و إعادة توجيه مجرياته.
إذا كان إتهام هذه الجهة أو تلك دون أدلة قاطعة يمثل استخفافا بدم الشهيد فإن ما يشهده سير التحقيق في القضية من تمطيط و من عدم تخصيص ما يكفي من الإمكانيات البشرية و المادية للتحقيق جديا في الأمر يفتح الباب أمام التشكيك.
و أمام تعميق التوتر السياسي و تكريس ثقافة ” الحقد الأيديولوجي ” التي تلوث حاليا عقول جانب كبير من شبابنا ، و تكرس حالة من العجز عن التفكير و ” التحصن” بشعارات لا تنتج حياة، و لكنها تنتصر للموت.
الجهات التي اغتالت شكري بلعيد، أرادت إغتيال القدرة على التفكير و على الحلم بغد أجمل، و قطع الطريق أمام بناء فكر وطني جديد، يؤمن بمجتمع مفتوح لكل من يقبل بأسس العيش المشترك، و الوفاء لشكري بلعيد هو سير على هذا النهج الذي ينبذ العنف و يحتكم للقانون و يتعالى عن المصالح الضيقة.
Comments