بين واشنطن والجزائر .. حوار استراتيجي ومنتدى أعمال في الأفق
التونسيون- وكالات – تحليل
ينتظر أن تعقد الدورة السادسة للحوار الاستراتيجي بين الجزائر والولايات المتحدة قريبا في العاصمة واشنطن، في وقت يحضر البلدان لمنتدى الأعمال الذي يجمع الشركات الكبرى ورجال الأعمال في ظل قانون الاستثمار الجديد الذي تريد من خلاله الجزائر استقطاب مزيد من الرساميل الأمريكية.
ينتظر أن تعقد الدورة السادسة للحوار الاستراتيجي بين الجزائر والولايات المتحدة قريبا في العاصمة واشنطن، في وقت يحضر البلدان لمنتدى الأعمال الذي يجمع الشركات الكبرى ورجال الأعمال في ظل قانون الاستثمار الجديد الذي تريد من خلاله الجزائر استقطاب مزيد من الرساميل الأمريكية.
وفي رسالة كشفت عنها الخارجية الجزائرية، وجّه كاتب الدولة الأمريكي للشؤون الخارجية أنطوني بلينكن دعوة لنظيره الجزائري أحمد عطاف، للقيام بزيارة عمل إلى واشنطن في أقرب فرصة تسمح بها التزامات وارتباطات كل منهما.
وستشكل هذه الزيارة، وفق نفس المصدر، فرصة لعقد الدورة السادسة للحوار الاستراتيجي الجزائري-الأمريكي، من جهة، ومن جهة أخرى وبشكل أعم، لتقييم واقع التعاون متعدد الأبعاد بين الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية.
وفي هذا السياق، سيولي الطرفان، حسب الخارجية الجزائرية، اهتماماً خاصا لمسائل الأمن الإقليمي، وجهود مكافحة الإرهاب، والشراكة الاقتصادية المتطورة باستمرار، وكذا مجالي الثقافة والتعليم اللذين تتوسع مكانتهما في العلاقات بين البلدين.
وتتبادل العاصمتان سنويا احتضان الحوار الاستراتيجي بين البلدين. وفي العام الماضي، ترأست نائبة الوزير شيرمان الحوار الاستراتيجي الخامس بين الولايات المتحدة والجزائر مع وزير الخارجية آنذاك رمطان لعمامرة بالعاصمة الجزائر، واتفقا في مخرجاته على أهمية تعزيز الاستقرار الإقليمي، بما في ذلك دعم الجهد الدبلوماسي بقيادة الأمم المتحدة بشأن الصحراء الغربية.
وتأتي جولة الحوار الاستراتيجي لهذا العام في ظل أوضاع إقليمية يميزها استقطاب حاد في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا وما يولده ذلك من ضغوط على الدول التي تتمتع تاريخيا بعلاقات متميزة مع روسيا مثل الجزائر التي قام رئيسها عبد المجيد تبون منتصف الشهر الماضي بزيارة لموسكو أسالت الكثير من الحبر في وسائل الإعلام الغربية.
ورغم ما صاحب تلك الزيارة من تأويلات، لم يظهر أنها انعكست سلبا على العلاقات الجزائرية الأمريكية التي تستمر على نفس النسق من إبداء حسن النوايا من الجانبين. ففي ذكرى استقلال الجزائر الأخيرة المصادفة لـ5 جوان ، أكّد الرئيس الأمريكي جو بايدن في رسالة للرئيس تبون أن الشراكة المستدامة بين الجزائر والولايات المتحدة قد “ساهمت في تعزيز السلام والازدهار لشعبينا ولشعوب العالم”.
وأبرز بايدن أن البلدين سيعملان سويًا، على مواجهة التحديات الأمنية الإقليمية الرئيسية، بما في ذلك مكافحة التطرف والإرهاب، مشيرا إلى أننا “نعمق روابطنا التجارية والاقتصادية”. وأعرب عن تطلع الولايات المتحدة إلى العمل مع الجزائر لتعزيز القيم الديمقراطية المشتركة ورؤيتنا المشتركة للعالم، في وقت تستعد الجزائر لتولي عضوية مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مطلع العام المقبل.
وسبق ذلك، في الفترة أعقبت زيارة الرئيس الجزائري إلى موسكو منتصف يونيو الماضي، إبداء مسؤولين أمريكان على أعلى مستوى حرصا على الاحتفاظ بعلاقات قوية مع الجزائر، وقد كانت نائبة وزير الخارجية، ويندي شيرمان، السباقة بعد الزيارة لإجراء مباحثات مع وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، وذلك في اتصال هاتفي نشرت مضمونه الخارجية الأمريكية.
ومبعث القلق في الجزائر من إمكانية توتر العلاقات بينها وأمريكا، هي تلك المحاولات التي قادتها “لوبيات” في الكونغرس خريف العام الماضي وفي هذه السنة أيضا لمحاولة تصنيف الجزائر ضمن المعسكر الروسي وفرض عقوبات عليها، وهو جوهر ما قام به في سبتمبر 2022، السيناتور الجمهوري ونائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي، ماركو روبيو، الذي قاد حملة لمعاقبة الجزائر بسبب مشترياتها من السلاح الروسي الذي زعم أن عوائده تذهب لتمويل بوتين في حربه ضد أوكرانيا.
وتحاول الجزائر إلى جانب ملفات التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب، لفت أنظار الجانب الأمريكي لقضية الاستثمار الاقتصادي في البلاد، خاصة مع تأكيد الجزائر على “التحفيزات التي أقرها قانون الاستثمار الجديد المعتمد السنة الماضية، والذي ينص على تسهيلات إدارية وإعفاءات ضريبية تصل إلى عشر سنوات لاستقطاب الاستثمار الأجنبي”.
وضمن هذا التوجه، يتم التحضير بقوة لمنتدى الأعمال الجزائري الأمريكي حول الاستثمار المقرر عقده شهر أكتوبر المقبل بالعاصمة واشنطن. وأكدت وزارة الطاقة والمناجم، في هذا الصدد أن وفدا كبيرا يضم كبار المسؤولين في القطاع سيشارك في هذا المنتدى، وذلك خلال لقاء جمع وزير القطاع محمد عرقاب، مع رئيس مجلس الأعمال الجزائري الأمريكي، اسماعيل شيخون.
وتريد الجزائر تطوير علاقات التعاون بين شركات الطاقة الجزائرية والأمريكية، وكذا آفاق تعزيز وتطوير العلاقات التجارية والاستثمارية ولاسيما في مجالات المحروقات والبتروكيماويات والطاقات الجديدة والمتجددة، والمناجم. وسبق للسفيرة الأمريكية إليزابيت مور أوبين، أن أكدت وجود اهتمام لدى رجال الأعمال الأمريكيين بفرص الاستثمار في الجزائر بعد التسهيلات الجديدة التي أقرتها الحكومة.
لكن الحضور الأمريكي بالسوق الجزائرية يبقى بعيدا عن الآمال، وفق الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن الذي عبّر قبل مدة عن أمله في تدارك ذلك بالنظر إلى إمكانيات البلدين والفرص الاستثمارية التي تتيحها السوق الجزائرية. وحاليا يبلغ التبادل التجاري بين البلدين نحو 5 مليارات دولار، فيما تقدر قيمة الاستثمارات الأمريكية في الجزائر والتي تتركز في مجالات النفط والصناعات الصيدلانية وإنتاج الكهرباء والتكنولوجيات الحديثة بنحو 2.7 مليار دولار.
Comments