تحالفات الضرورة .. عودة سياسية ساخنة
تحمل الأسابيع القادمة أسئلة، قد تزيد في حدة الأزمة متعددة الأبعاد التي ترزح تحتها منذ فترة تونس. ذلك أن ملامح عودة سياسية ساخنة قد أخذت ترتسم ملامحها في الأفق ، و قد يكون تحالف الأضداد و ” الضرورة” هو عنوانها الأبرز ، في ظل تسريبات عن تحالف ممكن بين عبير موسي و حزبها و قيس سعيد رئيس الجمهورية صاحب شعار ” الشعب يريد”، الذي يبدو لحد الان غير قابل للتداول في سوق المنجز أو التأثير السياسي.
هذا التحالف الممكن يمثل ردا على تحالف كان قبل سنة من هذا التاريخ صعب التوقع، و هو الذي يجمع حاليا حركة النهضة بحركة قلب تونس و ائتلاف الكرامة.
و قد تردم الهوة الكبيرة التي تفصل نظريا عبير موسي و قيس سعيد ” ضرورات السياسة الواقعية”، و التي تمد عدة جسور حتى و إن بدت هشة بين الطرفين.
كلاهما يعتبر حاليا حركة النهضة و رئيسها راشد الغنوشي خصما بل ” عدوا ” شخصيا و سياسيا ، و كلاهما يخشى أن ” تحاصره” النهضة و حلفاؤها.
قيس سعيد يبدو في هذا الجانب أكثر حاجة لعبير موسي، لأنه يعلم أن جانبا من مستقبله السياسي سيلعب في مجلس نواب الشعب، و هو ما يجعله في حاجة إلى حضور فعلي داخل البرلمان، لا يملكه شخصيا لإحباط كل تحرك قد ينهي عهدته الرئاسية مبكرا .
و لا شك أن عبير موسي يمكن ان تلعب هذا الدور ، و هي التي أثرت في السنة الفارطة و بأساليب مختلفة في سير أشغال المجلس، و أصبح حزبها رقما وازنا في المشهد السياسي.
و من ” الجسور ” التي يمكن أن تجسر الهوة بين موسي و سعيد إشارات رئيس الجمهورية إلى أنه سيفتح ملفات ” تحرج ” حركة النهضة، و هو ما تطالب به رئيسة الحزب الحر الدستوري بشدة، و وجهت البارحة رسالة ضغط لهشام المشيشي ، و ذلك من خلال تحرك لا يخلو من دلالات رمزية.
من المفيد التذكير أن الفترة الفارطة شهدت تقاربا بين عبير موسي و قيس سعيد ، في مقاربة ملفات ذات أبعاد سياسة و إجتماعية ، إذ تمسك كلاهما بحكومة كفاءات مستقلة ، و برفض إدانة الخطوة الإماراتية في التطبيع مع الكيان الصهيوني، و في رفض المساواة في الميراث، و حين نضيف إلى ذلك ما تأكد من أن قيس سعيد أبعد ما يكون عن التمسك بثوابت معينة، و من حرص بعض ” ماكينات” صنع الرأي العام و توجيهه على إبراز أن عبير موسي لا تمثل في إنتخابات رئاسية محتملة تهديدا لقيس سعيد و منافسا من الصف الأول له.
يهذا يمكن أن نفهم أن بعض الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي قد تكون راغبة في هذا التقارب، و قد تدفع في اتجاهه دون أن يكون رئيس الجمهورية في حاجة حاليا لأن يلتقي بشكل شخصي عبير موسي، بل قد تكون ورقة الصلح الجزائي عامل تقارب آخر، إذ تسحب نهائيا ورقة المصالحة الوطنية من أيدي راشد الغنوشي، و توجد حلا يفيد البلاد.
خاصة وأن المعنيين هم عددا من رجال الأعمال المرتبطين بالنظام السابق، و هو ما يدعم انتخابيا عبير موسي و قيس سعيد…
ان فرضية تحالف مع ما يعتبرها البعض ” رمز الثورة المضادة” ، مع الذي رفعوه إلى درجة ” أيقونة النقاوة الثورية ” ، تمثل حتى كفرضية دليلا على حالة الفوضى، التي تسود الحياة السياسية و سببا لوجع رأس إضافي لراشد الغنوشي.
Comments