تسونامي المصالحات في المنطقة .. تحولات جيو بوليتيكية متسارعة .. السياسة ” فن الممكن” بامتياز
منذر بالضيافي
تتسارع وتيرة الاتصالات بل ” المصالحات السياسية” في المنطقة، التي بشرت بها منذ اشهر القمة الخليجية التي عقدت في مدينة ” العلا” السعودية، و التي اذابت جليد الخلاف الخليجي.
تلاها بداية “تطبيع” في العلاقات التركية ، مع كل من السعودية ومصر، ثم جاء الدور على عودة الدفء للاتصالات بين الدوحة و القاهرة، التي يتوقع ان تتوج بقمة بين البلدين قريبا.
جرت كل هذه المياه، في تزامن مع دور مصري فارق ومؤثر في الحرب الاخيرة بين حماس وإسرائيل، دور سمح بإنهاء العدوان الإسرائيلي.
كما سمح لمصر باستعادة ” الريادة الاستراتيجية” في المنطقة و خاصة في علاقة بغزة ، التي تعني مباشرة الامن القومي المصري، وهي تاريخيا تعتبر بمثابة امتداد للجغرافيا والاراضي المصرية، فضلا عن الروابط السوسيو ثقافية العميقة والممتدة، والتي لم يفسدها انتماء حماس الاخواني.
على ذكر الاخوان ، وبرغم حالة الحرب المعلنة بينهم وبين القاهرة، فانه لابد من الاشارة الى وجود محادثات سرية و تكتم كبير، بين قيادات اخوانية من الصف الثالث والرابع ومن الشباب والسلطة المصرية، وذلك لإنهاء الصراع بين الجماعة و النظام المصري.
يذكر ان التصادم بين جماعة الاخوان المسامين والنظام المصري، ليس هو الاول بين الاخوان والنظام المصري، ولن يكون الاخير. وبعد كل صراع ( على غرار ما حصل في عهود ناصر والسادات ومبارك وقبل ذلك في العهد الملكي)، تعود العلاقات لتشهد فصول من المد والجزر.
يبدو الان ان مطلب ” التطبيع” و ” التعايش ” هو المهيمن بين ” الاخوان ” و نظام السيسي، وحتى من بعض النخب العقلانية التي ام تنخرط في ” المعركة”.
ولا يستبعد ان تتم ” تسوية” ، يكون عنوانها تسريح المساجين، مقابل الاعتراف ب “شرعية النظام” الحالي، الذي يقوده المشير السيسي، الذي استعاد المبادرة في الداخل وفي الخارج، ليصبح السيسي من اكثر الرؤساء المصريين، الذين مسكوا بدواليب الهيمنة على الدولة، بدعم كبير من الجيش.
للإشارة، فقد تعالت الاصوات في الفترة الاخيرة، لإيجاد تسوية سياسية بين الطرفين، وهذا غير مستبعد بل انه اصبح متوقعا، في ظل حسم نظام السياسي المعركة لصاله، و عودة العلاقات والتواصل بين القاهرة من جهة و قطر وانقرة من جهة ثانية، وهما الداعمان لحركة الاخوان.
تتم كل هذه التطورات المتلاحقة والمتسارعة، بعد مرور مائة يوم على عودة الديمقراطيين للحكم في واشنطن، وفي ظل قناعة راسخة لدى النخب والشعوب مفادها أن بان النظام العربي الرسمي الذي كان ما قبل ثورات الربيع العربي ، لا يمكن له ان يستمر كما كان عليه، وان الديمقراطية مطلب شعوب المنطقة – برغم الانتكاسة الراهنة – ، التي لا يمكن ان تحكم بدولة سلطوية، تصادر حرية الجماهير وحقها في المشاركة السياسية.
Comments