تشريعيات 2019 .. هل تنهي ارث نداء تونس ؟
هشام الحاجي
اذا كان الاهتمام منصبا الى حد الان و بدرجة رئيسية على الانتخابات الرئاسية، في ظل ما افرزته نتائج الدور الاول من نتائج، تعتبر بكل المقاييس صادمة للناشطين و المتابعين، فان للانتخابات التشريعية رهاناتها، التي تفرض الاهتمام بها، اذ تكفي الاشارة في هذا المستوى، الى انها ستحدد الحزب الذي سيعهد له امر تشكيل الحكومة، و ايضا اسم الشخصية التي ستتولى رئاسة مجلس نواب الشعب.
واذا كان الفتور و الى حد ما عدم الاهتمام الشعبي، هو الذي يميز الحملة التي تقوم بها الاحزاب و القائمات الائتلافية و المستقلة للانتخابات التشريعية، فان ذلك لا يمنع “الكواليس ” من الاشتغال بالسرعة القصوى، من اجل التأثير في نتائج الانتخابات التشريعية، عبر البحث عن “تحالفات ” انتخابية، او تغيير الخطاب السياسي و الانتخابي
لا شك ان نتائج الدور الاول للانتخابات الرئاسية، قد “خلقت ” مناخا جديدا للانتخابات التشريعية .
فقد منحت “اجنحة” و قوة اضافية لأصوات و تيارات ساد الاعتقاد في السنوات الاخيرة ان تأثيرها قد تقلص، كالشخصيات الملتفة حول “روابط حماية الثورة”، و بعض الاحزاب التي ترفع نفس الشعارات التي يرفعها قيس سعيد .
كما استفاد حزب “قلب تونس”، الى ابعد الحدود من النتيجة التي حققها مرشحه للانتخابات الرئاسية نبيل القروي، و اصبح متصدرا لنوايا التصويت في الاستحقاق التشريعي .
في المقابل تعقدت الوضعية السياسية و الانتخابية للأحزاب التي يمكن اعتبارها تنتمي للعائلة الندائية، و اصبح مستقبلها على محك امتحان حقيقي، سيؤثر بكل تأكيد في مستقبلها خاصة و ان كل ممثليها قد خرجوا تقريبا من الباب الصغير في الانتخابات الرئاسية .
قد يعتبر البعض ان “قلب تونس” هو بشكل من الاشكال حزبا ندائيا لان مؤسسه نبيل القروي من مؤسسي “نداء تونس” و من الشخصيات القريبة من الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي .
هذه الملاحظة لا تسندها عدة عوامل من اهمها ما قام به نبيل القروي منذ سنوات للتمايز عن “نداء تونس” من الناحية السياسية و انفتاحه في مستوى قيادة حزبه على شخصيات معروفة بمعارضتها الشديدة للنداء و للباجي قائد السبسي كعياض االلومي و صادق جبنون.
الحديث عن الارث الندائي يمكن ان يحيل الى عدة احزاب و شخصيات، و لكن الجدوى تفرض التوقف عند ثلاثة اسماء على اقصى تقدير، و هي عبد الكريم الزبيدي و يوسف الشاهد و حافظ قائد االسبسي .
عبد الكريم الزبيدي القى به ترشحه للانتخابات الرئاسية في بحر سياسة لا يحسن جيدا التفاعل مع مده و جزره، و لكنه اعطاه سلطة معنوية و قدرة على توجيه قطاع من الراي العام، و قواعد حزب “النداء ” الذي كان من الاحزاب التي ساندت ترشحه .
نتائج الرئاسيات لم تثر لدي الزبيدي الرغبة في اعتماد مقاربة “تضامنية ” في الانتخابات التشريعية اذ واصل الهجوم على يوسف الشاهد، و طالبه بالاستقالة من رئاسة الحكومة، و لم ينخرط لحد الان في دعم حركة “نداء تونس”، من باب رد الجميل لمؤسسها الباجي قائد السبسي، و هو ما سيزيد في متاعب الحركة، التي لن تنجح حسب اغلب التوقعات، في الحصول على مقاعد معدودات في افضل الحالات .
أما يوسف الشاهد، فقد اسقطت وفاة الباجي قائد السبسي، و عجزه عن نخطي الدور الاول للانتخابات الرئاسية، اغلب تطلعاته السياسية في الماء و لم بيق له على المستوى القريب الا التمسك بخيط الانتخابات التشريعية، لعله يمكنه من العودة الى صدارة المشهد السياسي.
حين تأسست حركة “تحيا تونس”، اعتبر امينها العام سليم العزابي، ان الحركة ستحرز على مائة و خمسين مقعدا ، في مجلس نواب الشعب . و اذا كان اغلب المتابعين قد اعتبر هذا التوقع تجييشا للقواعد و الانصار اكثر منه توقعا واقعيا، فانهم قد راوا فيه دليلا على رغبة قيادة “تحيا تونس”، في اعادة بناء تجربة بدايات “نداء تونس”.
و لكن عدة عوامل جعلت حسابات الحقل و حسابات البيدر لا يلتقيان، و جعلت من الحصول على عشرين مقعدا في الانتخابات التشريعية ترفا قد يكون بعيد المنال، عن حركة “تحيا تونس” .
حافظ قائد السبسي الذي يبقى الممثل القانوني لحركة “نداء تونس”، توارى عن اجواء الانتخابات التشريعية، و لم يبد اي موقف و قد يكون خير الابتعاد، عن الشأن السياسي و ترك “نداء تونس”، يواجه مصيرا اقل ما يقال عنه انه مصير غامض، رغم انه يتحمل القسط الاوفر من مسؤولية “الخطيئة الاولى ” .. خطيئة الاضطلاع بالدور الرئيسي في تدمير “نداء تونس”.
Comments