تصاعد العنف الأسري في زمن الكورونا
تونس- التونسيون
أفادت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات أن الاتصال بالرقم الأخضر الذي خصصته لمقاومة العنف الزوجي قد تضاعف بخمس مرات كاملة منذ دخول إجراءات الحجر الصحي حيز التطبيق. .
إرتفاع الرقم مؤشر على أن ظاهرة تعنيف الزوجات لم يستطع تشديد الإجراءات القانونية الحد منها و إلى وجود سلوكات لم تساهم الكورونا في الحد منها بل أدت إلى تفاقمها في تونس و في عدة مجتمعات و من أبرزها تعنيف النساء و الأطفال في إطار سلوك لا يخلو من تعويض على الجانب النفسي و الإجتماعي.
وهو سلوك يمثل دليلا أيضا على أن مواجهة الكورونا لم تؤد إلى الحد من السلوكات السلبية بل أنه من “الصعب ” التخلص من نوازع قد “تتطور ” في المستقبل إذا ما تواصل “غموض ” فيروس الكورونا و لم تجد الإنسانية من حل إلا فرض الحجر الصحي.
هذا الفرض يناقض ما في الإنسان من “مدنية” قوامها علاقات التفاعل و التبادل التي يمثل الفضاء العام مجالها الأبرز علاوة على أن شراسة العدو الخفي تضع البشر في ما يشبه حرب البقاء، المفتوحة على صراع الكل ضد الكل و هو ما قد يطلق نزعات العنف بين الأفراد من عقالها، خاصة و أن آليات عقلنة الوباء من خلال وضع علاج ناجع له و توقع تاريخ زواله تبدو محدودة حاليا.
و عليه فان فرض الحجر الصحي إلى اجال غير معلومة قد لا يكون الحل الأمثل للمجتمعات و الأفراد إذ يصعب تحمل توقف عملية الإنتاج إلى ما لا نهاية هذا دون أن ننسى حاجة الأفراد للغذاء و ما هو ضروري لضمان البقاء.
ولعل الأخبار القادمة من فرنسا و ايطاليا و اسبانيا تدعونا للتفكير جيدا في التداعيات الاجتماعية للحجر الصحي و الاستعداد لها.
لقد طغت بعض “القراءات الرومانسية ” لانعكاسات كورونا على مستقبل الإنسانية بوصفها أداة تغيير نحو الأفضل و وقع تناسي التداعيات السلبية بعد أن تأكد لحد الآن ارتباك أكبر الدول و أعتى القوى أمام هذا الوباء و بعد أن تسرب الشك في أهم ما راكمته الإنسانية من مكاسب.
لسنا من الذين ينخرطون في نسف مكاسب الإنسانية لأن الكورونا لن تكون مهما تركت من تداعيات سلبية إلا قوسا سيغلق في مسيرة الإنسان من أجل التمدن و التقدم و السيطرة على مصيره و لكن من المفيد قراءة كل المؤشرات من أجل الاستعداد لها.
و لا بد من التمسك بما يكرس جوهر الإنسان من خلال الحرص على تطبيق القانون على الجميع و إعلاء القيم الإيجابية كالتضامن و الإيثار و الانتماء الوطني و محاربة العدوانية و الأنانية و الجشع و كل تمظهراتها.
Comments