تلفزيون الأصدقاء: “اغتصاب” للمشهد الاعلامي .. وتلاعب بالعقول !
علاء حافظي
اكتشف المشاهد التونسي بعد 14 جانفي 2011 نمطا جديدا من البرامج التلفزية ، الذي اتخذ من “تلفزيون الواقع “مطية و غطاءا له ، من أجل التركيز على مواضيع و قضايا لا شك أنها موجودة في المجتمع، و لكن وقع تضخيمها و التعامل معها باستخفاف و بمقاربة فضائحية، إلى الحد الذي خلق تشويها في تمثل الواقع ، و نوعا من الإحباط و و غيب كل ما هو ايجابي في الواقع.
و طورت هذه النوعية من البرامج لدى المشاهد ميلا للتلصص و التمتع خفية بماسي الآخرين و ما تتضمنه من بهارات تتصل في أغلبها بالجانب الجنسي. و يبدو أن تفاعل هذا النوع من البرامج مع عقلية البحث عن “الخبطة و الإثارة ” و التركيز فقط على معيار نسب المشاهدة قد ساهم في تكريس هذا النمط التلفزي و في خلق “لوبيات” تحتكر على طريقتها المشهد الإعلامي.
خاصة و أن ضعف آليات التعديل و خضوعها لحسابات الكواليس إلى جانب غموض آليات تمويل القنوات التلفزيونية قد اوجد ما يمكن اعتباره “مسالك مغلقة ” للانتاج التلفزي الذي أصبح يقوم في بعض القنوات على احتكار المشهد من قبل منشطين يتبادلون اقتسام الظهور و التداول على زيارة برامج بعضهم البعض.
و هو ما جعلهم لا يتورعون عن تحويل خصوماتهم و تفاصيل حياتهم إلى ما يشبه الأحداث الوطنية التي يتعين على التونسيين الإهتمام بها و التفاعل معها مع ما يعنيه ذلك من تضخم نرجسي و من إخضاع الجميع إلى ما يمكن تسميته بديكتاتورية الأصدقاء و تسلطهم.
تلفزيون الأصدقاء هو شكل من أشكال تنميط الاذواق و تهميش المختلف و المغاير و ممارسة الاستفزاز للجميع و هو ما يؤدي في نهاية الأمر إلى بناء نسق إعلامي مغلق لا يستفيد منه إلا من هم داخله فقط.
Comments