توحيد “الدساترة”.. “المهمة المستحيلة”
تونس- التونسيون
كتب الناشط السياسي والمناضل الدستوري تدوينة هامة حول عمق الخلافات التي تشق العائلة الدستورية مبينا أن هذه المهمة أصبحت تكاد تكون مستحيلة.
في ما يلي نص التدوينة:
“مازال البعض من الدستوريين يعتقدون انه بالإمكان اعادة توحيد العائلة الدستورية، حسب رايي الخاص فان ذلك يكاد يكون أمرًا مستحيلًا في الوضع الحالي لعدة أسباب:
اولا: ان الحزب الدستوري كان اقرب منه للجبهة من حزب فهو الحزب الذى قاد معركة التحرير الوطنية وتواجد صلبه مناضلين من مختلف الحساسيات ،من المؤمنين بعناصر الهوية ومن اليساريين والنقابيين ومن الوسطيين اللذين رفعوا في فترة ما شعار الأمة التونسية.
لذلك حصلت بعد الاستقلال الكثير من التصفيات داخل الحزب نفسه وتبلور اتجاه وسطى حداثي طبع التوجه العام للحزب الذى انخرط في توجه راس مالي ذو صبغة اجتماعية.
بعد سقوط النظام السابق وقع حل التجمع الدستوري الديمقراطي وهو خطأ سياسي كبير لأنه نتج عن ذلك بقاء ملايين من الأشخاص خارج أي مسار سياسي وقامت محاولات محتشمة لتكوين احزاب ذات مرجعيات دستوريةً ولكنها فشلت لأنه طغت على هذه المحاولات النرجسية وحب الذات ففشلت كل المساعي التي بذلت.
ثانيًا: ساهم المرحوم الباجي قايد السيسي فى تعميق جراح الدستوريين فبالرغم من الزخم الكبير الذى احدثه سي الباجىي فى سنة2013 والذى ادى الى احداث توازن في الحياة السياسية بما مكن حزب النداء من الفوز في انتخابات سنة2014وفتح الباب أمام سي الباجى للارتقاء لسدة الحكم فقد فشل في المحافظة على قوة حزب النداء وسلمه بين أيادي لم تحسن ادارته فضاع ذلك الحزب الكبير. وتشرذم الى عدة احزاب وهى المشروع وتحيا تونس وقلب تونس والبديل والأمل وقد استحال على قيادات هذه الأحزاب ان تجمع نفسها لتنصهر من جديد في حزب واحد.
ثالثًا: ازاء هذا الوضع اختفى تقريبًا حزب المبادرة الذى بعثه كمال مرجان وظهر حزب جديد على إنقاذ الحركة الدستورية وهو الحزب الدستوري الحر الذى يضم عدة عناصر شابة تتقد حيوية ولكن اتسمت مواقف الحزب بالحدة التي لا يتبناها غالبية الدستوريين اللذين يعتقدون ان تونس لا تحكم اليوم الا بالتوافق.
توحيد الدستوريين اليوم امر اصبح غير ممكن. وبات من الضروري ان يقع التفكير فى اقامة حزب وطني يضم الجانب الأكبر من الدستوريين وقوى وطنية حداثية من خارج الطيف الدستوري من اجل ملأ المشهد السياسي الذى بات يفتقر الى حزب وسطى يؤمن بهوية الشعب ولكنه ينشد ليبرالية اجتماعية تتماشى مع ما يطمح اليه هذا الشعب من وسطية عملًا بقوله تعالى “وجعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس”.
الوقت يدعو الى توحيد الصفوف ونبذ التطرف من هنا وهناك فبلادنا لا تحكم الا بالتوافق الذى يتعين ان تشترك فيه القوى اليمينية والوسطية واليسارية ويكون الشعب هو الفيصل.
Comments