توماس فريدمان: “إذا انتهت الحرب في الشرق الأوسط، استعدوا لسياسة مثيرة للاهتمام”
خصص الكاتب الصحفي الأمركي، توماس فريدمان، مقاله الأسبوعي، في جريدة “نيو يورك تايمز”، لحرب ال 12 يوما، بين اسرائيل – بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية- و ايران، واختار عنوان لمقالته: “إذا كانت هذه الحرب في الشرق الأوسط قد انتهت، فاستعدوا لسياسة مثيرة للاهتمام”
لأهمية المقال، خصوصا و أن فريدمان يعد من أبرز الاعلاميين الأمريكيين المختصين في الشرق الأوسط، ننشر ملخص للمقال مع ترجمة موسعة لأهم ما تضمنه .. لا ثراء النقاش و الحوار، حول واقع ومستقبل المنطقة، في ظل سلام هش.
ملخص
عنوان المقال:
إذا انتهت الحرب في الشرق الأوسط، استعدوا لسياسة مثيرة للاهتمام الكاتب: توماس فريدمان – نيويورك تايمز ⸻
الرسالة الأساسية:
توماس فريدمان يرى أن نهاية الحرب بين إسرائيل، حماس، إيران وحزب الله ستفتح الباب لنقاشات داخلية حاسمة في هذه المجتمعات، قد تغيّر وجه الشرق الأوسط سياسيًا، لا عسكريًا فقط. ⸻.
أهم النقاط باختصار:
داخل غزة – محاسبة حماس: • الشعب سيسأل حماس: لماذا بدأتم حربًا خاسرة دون خطة واضحة؟ • الثمن كان باهظًا: دمار شامل لحياة الفلسطينيين مقابل لا شيء.
داخل إسرائيل – صدام داخلي: • النخب العلمانية (طيارون، علماء، ضباط استخبارات) قد تواجه اليمين المتطرف. • هؤلاء لن يسمحوا لنتنياهو باستغلال الحرب لتقويض الديمقراطية أو ضم الضفة.
داخل إيران – لحظة الحقيقة: • المواطنون سيتساءلون عن فائدة صرف المليارات على نفوذ خارجي وبرنامج نووي فاشل. • الحرب وصلت إلى الداخل الإيراني، وكشفت هشاشة النظام.
فريدمان يحذر من:
* “حرب لا تنتهي” إذا لم تتوقف المواجهات الآن.
* احتمال أن تصبح إسرائيل شبيهة بإيران دينيًا، وأن تصبح إيران أقرب إلى إسرائيل ديمقراطيًا — في مفارقة تاريخية غريبة. ⸻ .
* ماذا عن الفلسطينيين؟ • حان الوقت لمراجعة الذات. • الفلسطينيون بحاجة لقيادة فعالة (مثل سلام فياض)، لا شعارات انتفاضة على وسائل التواصل. • قد تكون هذه الهزيمة فرصة لإصلاح السلطة الفلسطينية وبناء شريك حقيقي للسلام.
خلاصة المقال:
هذه الحرب قد تكون لحظة تحوّل شبيهة بما حدث لأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. لكن يبقى السؤال: هل سيفضي هذا التحول إلى واقع أفضل… أم أسوأ؟
فقرات من المقال:
إذا انتهت هذه الحرب في الشرق الأوسط، فاستعدوا لسياسة مثيرة للاهتمام.
آمل حقًا أن يصمد وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، وأن يُمدَّد ليشمل غزة — أولًا وقبل كل شيء لوقف القتل، وثانيًا، لأنني أعتقد أن هذه الحرب ستُطلق بعدها نقاشات داخلية ضرورية جدًا في إيران وإسرائيل والمجتمع الفلسطيني.
هذه النقاشات لن تبدأ في صباح اليوم الذي تصمت فيه البنادق، عندما سيحاول قادة كل طرف إعلان نوع من الانتصار. لكن حدسي يقول لي إن هذه النقاشات ستبدأ في “صباح ما بعد الصباح التالي” — عندما تبدأ السياسة الداخلية بالفعل.
فلسطينيو غزة: محاسبة حماس
في غزة، سيتساءل الناس عن قادة حماس المهزومين: “بماذا كنتم تفكرون في 7 أكتوبر 2023؟ بدأتم حربًا ضد إسرائيل، وهي خصم عسكري أقوى بكثير، دون أي خطة سوى الدمار، الأمر الذي أدى إلى رد إسرائيلي بلا حدود سوى الدمار. ضحيتم بعشرات الآلاف من الأرواح والمنازل لكسب تعاطف جيل الشباب على تيك توك، لكن الآن لم تعد هناك غزة.” .
داخل إسرائيل: العلمانيون في مواجهة اليمين المتطرف
وفي إسرائيل، سيطرح العلمانيون — من طياري سلاح الجو، وخبراء الأمن السيبراني، والعلماء، والمصممين العسكريين، وعملاء الموساد — سؤالًا على الحكومة الدينية القومية المتطرفة:
“إلى أين تأخذوننا؟ نحن من فاز بهذه الحرب، ولن نسمح لكم باستغلال هذا الانتصار للفوز بالانتخابات المقبلة وتنفيذ مخططكم لتدمير المحكمة العليا، وضم الضفة الغربية، وإعفاء المتدينين من الخدمة العسكرية، وتحويل إسرائيل إلى دولة منبوذة لا يرغب أبناؤنا في العيش فيها. هذا لن يحدث”.
داخل إيران: لحظة حساب للنظام
أما في إيران، فسيسأل الشعب القادة الدينيين والحرس الثوري الفاسد: “أنفقتم المليارات لبناء قنبلة نووية، وللسيطرة على لبنان وسوريا والعراق واليمن، لكنكم جلبتم الحرب إلى داخل بلدنا — هربت عائلاتنا من طهران وقُتل جنرالاتنا في فراشهم على يد طائرات إسرائيلية مسيرة. دمرتم بعض المباني وقتلتم مدنيين في إسرائيل، وعندما هاجم دونالد ترامب منشآتنا النووية، كانت ردتكم مجرد عرض ضوئي على قاعدة أميركية في قطر. أنتم نمور من ورق، لا تستخدمون التكنولوجيا إلا لقمع شعبكم. وفي الوقت ذاته، حضارتنا الفارسية العظيمة مفلسة، مدمرة ومتخلفة عن العالم.”
حرب غير مسبوقة
قد لا تحدث هذه التغيرات فورًا، لكنني مقتنع بأنها قادمة. فهذه الحرب غير مسبوقة. إنها حرب يقودها قوميون دينيون من الجانبين — في حماس، حزب الله، إيران، وإسرائيل — وكل طرف يعتقد أن الله في صفه. حرب جعلت غزة غير صالحة للسكن، بعد أن أهانت حماس إسرائيل وقتلت عددًا من اليهود في يوم واحد أكثر من أي يوم منذ الهولوكوست. حرب دمرت فيها إسرائيل رأس حزب الله وأضعفته سياسيًا في لبنان وسوريا، حيث ساعدت الميليشيات الموالية لإيران في قمع الديمقراطية منذ الثمانينيات. حرب هاجم فيها رئيس أميركي منشآت إيران النووية الرئيسية — وهو أمر لم يتوقعه الملالي.
الجميع تجاوز الخطوط الحمراء، نفسيًا وعسكريًا. وإذا لم تتوقف هذه الحرب قريبًا، فالجميع سيجد نفسه في حرب لا تنتهي — حرب شاملة على الجميع، في كل مكان، طوال الوقت — لن ينجو منها شيء أو أحد.
متى يحدث التغيير الداخلي؟
التغيير الداخلي في أنظمة استبدادية مثل حماس أو إيران لا يحدث إلا بعد نهاية الحرب، وبدون تدخل خارجي، كما يقول عالم السياسة كريغ شارني. يجب أن يحدث التغيير من الداخل عبر تعديل العلاقة بين الحاكم والمحكوم.
ويضيف:
* في صربيا عام 2000، سقط ميلوسيفيتش بعد هزيمته في البوسنة وكوسوفو.
* هزيمة العراق في حرب الخليج الأولى أدت إلى ثورة كبيرة ضد صدام حسين.
* بعد خسارة الأرجنتين لحرب الفوكلاند عام 1982، عاد الحكم الديمقراطي.
* بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، سقط القيصر في ثورة نوفمبر.
“الطغاة لا يبدون أقوياء حين يُهزمون”، يعلّق شارني.
ويقول إن استطلاعات الرأي المحدودة في غزة تُظهر رد فعل سلبي ضد حماس. ولا توجد بيانات حديثة من إيران، لكن وسائل التواصل الاجتماعي كانت مرحبة في البداية بهجمات ضد شخصيات مكروهة من النظام، قبل أن تتغير نغمة الشارع مع تصاعد الضحايا المدنيين.
المفارقة: إسرائيل وإيران تتبادلان الأدوار؟
يقول فريدمان: إسرائيل تمثل نموذج الديمقراطية الذي تحلم به النخبة المتعلمة في إيران. لكن النموذج الإيراني هو بالضبط ما يخشى الإسرائيليون أن تصبح عليه دولتهم إذا استغل نتنياهو الحرب لتعزيز سلطة اليمين المتطرف.
يعلق الكاتب الإسرائيلي آري شافيت: القطاع الذي أنقذ إسرائيل في الحرب هو نفسه الذي نزل للشوارع لثمانية أشهر متتالية لمحاربة سياسات نتنياهو اليمينية المتطرفة. .
ويستشهد بكتاب للمؤرخ شبتاي تيڤيت عام 1970 بعنوان “البركة الملعونة: قصة احتلال الضفة الغربية”، والذي اعتبر أن نتيجة حرب 1967 كانت إطلاق قوى ميسيانية داخل المجتمع الإسرائيلي، ما جعل عودة الضفة الغربية شبه مستحيلة. ويضيف شافيت: “ماذا لو نظرنا بعد 20 عامًا وقلنا إن هذه الحرب جعلت إسرائيل تشبه إيران، وجعلت إيران تشبه إسرائيل التي كانت ذات يوم؟”.
المجتمع الفلسطيني أيضًا بحاجة لمراجعة
كارثة الفلسطينيين أن عدوهم هو اليهود، ما جعلهم محور تعاطف دولي غير مسبوق، بعكس شعوب مثل الأكراد. هذا التعاطف منع الكثيرين من تحمل مسؤولياتهم الذاتية أو إجراء مراجعات حقيقية.
عندما يهتف الطلاب في جامعات أميركية بـ”عولمة الانتفاضة”، من سيكترث بدعوة عودة سلام فياض — أنجح من حاول بناء دولة فلسطينية؟
هل ستكون هذه المرة مختلفة؟ هل تدفع الهزيمة المدمرة لحماس الفلسطينيين للمطالبة بإصلاح السلطة، وقيادة مهنية، ودعم دولة منزوعة السلاح على حدود 1967؟ هل تفرز هذه الحرب شيئًا يخشاه نتنياهو أكثر من أي شيء آخر: سلطة فلسطينية كفؤة، شرعية، ومستعدة للسلام؟
يا لها من مفارقة إن حدث ذلك.
خاتمة
هذه الحرب بالنسبة لدول المنطقة كانت بمثابة الحرب العالمية الثانية لأوروبا: زلزال يهزّ كل شيء. والسؤال الآن: هل سينتج عن هذا الزلزال واقع أفضل أم أسوأ؟ هذا ما سأراقبه — بفضول… أو بخوف.
الرابط الأصلي للمقال:
https://www.nytimes.com/2025/06/24/opinion/iran-israel-regime-change.html
Comments