تونس: أكثر من 53 بالمائة من خطاب الفضاء الافتراضي عنيف ومتطرّف
التونسيون- (وات)-
قال رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب منير الكسيسكسي، إن أكثر من 53 بالمائة من الخطاب الموجود في الفضاء الافتراضي وخاصّة على شبكة التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، هو خطاب عنف وتطرّف وموجّه بالأساس ضدّ المؤسّسة الأمنية وضدّ المرأة وضدّ مؤسسات الدّولة ويدعو إلى النّعرات الجهويّة، بما من شأنه أن يعمّق من تفشّي هذا النوع من الخطاب وتغلغل الفكر الإرهابي في المجتمع.
وأفاد الكسيكسي في تصريح صحفي، عقب استماع أعضاء من اللّجنة الوطنيّة لمكافحة الإرهاب، اليوم الاثنين، من قبل لجنة الأمن والدّفاع بمجلس نواب الشعب بباردو، بمناسبة إصدار لجنة مكافحة الارهاب لتقريرها الأول للفترة 2016-2019 ، بأن العمليّات الإرهابيّة ضدّ المؤسّسة الأمنية خلّفت إلى حدّ الآن 739 جريحا و164 شهيدا، وهو رقم مهول بالنسبة إلى تونس.
وأكد في هذا الصدد، ضرورة تشديد العقوبات في جرائم التهريب، بعد أن تبين أن عمليّات التهريب على علاقة وثيقة بالإرهاب، حيث يمثّل التهريب خطّ التمويل الأول للإرهابيين، مشيرا الى أنه تمّ بين سنتي 2014 و2015 ضبط شاحنات محمّلة بكميّات كبيرة من السّلاح موجهة للإرهابيين المتمركزين في الجبال، كانت في الظاهر تهرّب سلعا أخرى.
وصرح بأن أول مصدر للاستقطاب نحو الفكر الارهابي هو الفضاء الافتراضي أو الفضاء السيبرني، وهو ما يستدعي الإسراع في سنّ قانون يحدّد كيفيّة التعامل مع الجرائم السيبرنية، معتبرا أن تونس لم تواكب إلى الآن العصر بالطريقة المطلوبة في ما يهم الفضاء السيبرني، على عكس المنظمات الإرهابية التي تأقلمت بسرعة مع المتغيرات التكنولوجية ووظّفتها لصالحها، خاصة وأن فئة الشباب يتعاملون أكثر عبر الفضاء السيبرني وليس مباشرة، حسب قوله.
وشدّد في هذا السيّاق، على أهمية تقنين الجرائم السيبرنية، مذكرا بأن القوانين المنظمة للفضاء السيبرني أحبطت في مجلس نواب الشعب ومنها مبادرة قدّمت من طرف نواب، وكان يمكن العمل عليها وتحسينها.
وبيّن الكسيكسي، أنّ تونس تراجعت من حيث عدد الإرهابيين الذين يتحوّلون إلى مناطق القتال، غير أنّ الخطر الآن أصبح متأتيا من الارهابيين الذين قضوا عقوبتهم السجنية وخرجوا من السجون، وكذلك المجموعات الإرهابية الموجودة بالخارج، والتي بدأ البعض منهم يعود إلى تونس بفعل الضغط الدولي، وأيضا المجموعات المندسّة في الدّاخل وغير المعروفة والتي من الممكن أن تمثل خطرا حقيقيا على الدّولة، وبالتالي وجب الانتباه إلى هذه المجموعات ومحاولة التقصي المبكّر حول تحرّكاتها ومدى تأثيرها في محيطها.
وأكد أعضاء اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب خلال جلسة الاستماع، أن اللجنة تركّز في استراتيجية عملها على التوقي من هذه الظاهرة، والعمل على تعزيز منظومة احترام حقوق الانسان خاصّة من جانب المؤسّسة الأمنية، نظرا إلى أنّ المعالجة الأمنية وحدها لهذه الظاهرة دون احترام حقوق الإنسان تؤدّي إلى نتائج عكسيّة.
كما اعتبروا أن ضعف الاحساس بالانتماء للوطن، يعد من أبرز الأسباب التي تؤدّي إلى التوجّه إلى الفكر العنيف والمتطرّف، مؤكدين أن الدّولة تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية في هذا الأمر، بسبب غياب العدالة الاجتماعية والعدالة التنموية بين الجهات وعدم تكافؤ الفرص بين مختلف فئات المجتمع.
وبين أعضاء اللجنة في هذا السياق، أن التقرير يوصي من ضمن نقاطه بضرورة تطوير المناهج التعليمية، بهدف مزيد تعزيز مناعة الشباب تجاه الخطاب العنيف والمتطرف وتقوية الشعور بالانتماء للوطن، في إطار استراتيجية المناعة والتحصين ضدّ هذه الظاهرة، فضلا عن التوصية بضرورة مراجعة قانون الخدمة الوطنية، الذي أصبح ينظر إليه الشباب كما لو أنه “عقاب”، في حين أنه عمل نبيل يعزّز الشعور بالانتماء الوطني.
وأضافوا أن التقرير أوصى كذلك بضرورة مراجعة القانون المتعلق بنظام السجون، لضمان عدم الاستقطاب في المؤسسات السجنية خاصّة في ظل الاكتظاظ الذّي تشهده، وإقرار تدابير وآليّات من أجل ضمان “عدم العود” بالنسبة إلى الأشخاص الذين قضوا عقوباتهم سواء في الجرائم الإرهابية أو جرائم الحق العام.
كما دعوا إلى الإسراع بتفعيل دور المركز الوطني للاستخبارات المحدث سنة 2017 وغير المفعّل منذ المصادقة على قانونه، والإسراع أيضا بتنظيم العمل الاستعلاماتي والاستخباراتي، خاصّة بعد حلّ جهاز أمن الدولة بعد 2011 .
يذكر أن اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب محدثة بمقتضى القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 ، وتهدف من بين مهامّها إلى إصدار المبادئ التوجيهية الكفيلة بالتوقي من الإرهاب ومكافحته، والمساعدة على وضع البرامج والسياسات التي تهدف إلى منع الإرهاب، بالإضافة إلى تجميع المعطيات وتحليلها قصد إعداد دراسة وطنية تشخّص ظاهرة الإرهاب وتمويله والظواهر الإجراميّة المرتبطة بها.
وتضمّ اللجنة 22 عضوا يمثّلون مختلف الوزارات والهياكل الوطنية ذات الصلة المباشرة وغير المباشرة بمكافحة الإرهاب .
Comments