تونس: الاستثناء المزعج و الذي لا يراد له أن يدوم !
بقلم: غازي معلى
و نحن في ظل هذه الأزمة السياسية، و ضبابية المشهد التونسي المعقد ظاهريا، ما بين قرب الآجال الدستورية لدعوة الناخبين، و مرض الرئيس، ومن ناحية أخرى تمرير القانون الانتخابي الجديد، في مجلس النواب و الطعن فيه من ناحية أخرى، و هذا الجدل حول تأجيل الانتخابات من عدمه، و باي آلية دستورية، مع هذا الجدل والحيرة الكبيرين لابد ان نفتختر بما وصلنا له من نضج سياسي في وقت سريع في هذه الرقعة من الكرة الأرضية، يبرز من خلال حسن ادارة الأزمات، وأخرها التي جدت الخميس الفارط، والتي ما تزال تداعياتها ترمي بظلالها.
لكن و في نفس الوقت يجب ان نكون حذرين و محصنين اكثر ضد ما يمكن ان يصيبنا من محاولات افشال و قطع للطريق الذي نسير فيه رغم كثرة أشواكه و عراقيله.
لنتخيل للحظة اننا في نهاية نوفمبر 2019 ، و الرئيس الباجي يسلم مقاليد الحكم لخليفته ، مهما كان الشخص ، و لكن المهم أنه أتى به الصندوق و أصوات الناس، ويتم ذلك في موكب رسمي مهيب، و نواب يغادرون باردو و آخرون يدخلون بالقبل و الورود.
ان هذه اللحظات ستكون فارقة في تاريخ المنطقة ، و انها ستكون و للمرة الثالثة و على التوالي و في ظرف تسع سنوات، ثلاث برلمانات و ثلاث رؤساء يتداولون على السلطة، من دون قطرة دم او ضربة كف.
انها سابقة انها معجزة، في هذا العالم العربي الإسلامي المعادي في أغلبه للحرية والديمقراطية، ففي مصر بعد انتخابات 2012 انقلب العسكر عليها في مثل هذا اليوم – 30 جوان 2013 – و سيبقى لسنة 2035.
في ليبيا بعد انتخابات 2012 التي اعتبرت سابقة جاءت التي تليها فأسفرت عن حرب أهلية تدور رحاها لليوم و مات فيها اكثر من الذين ماتو في انتفاضة 2011 بأضعاف أضعاف و لا ننسى الشقيقة الكبرى الجزائر و العشرية السوداء و عشرات الآلاف من القتلى على اثر إلغاء نتائج انتخابات، و حتى لبنان فهو بلد الحريات و الديموقراطية فيها هي عبارة عن إقطاع سياسي تتوارث العائلات السياسية النفوذ و المال والسلطة.
في هذه المنطقة الفريدة في العالم، الانتخابات هي دائما لاستعمال واحد غير قابل للإعادة، مثل حقنة البلاستيك، تستعمل مرة واحدة اما الثانية فممكن ان تصيبك بالأيدز فتكون قاتلة .
اما ان تكون تونس الاستثناء تستعمل الانتخابات لثلاث مرات متتالية و ممكن ان تتالى لمرات أخرى و الشعب يختار حاكمه فهذا كيف سيقبله و يهضمه جيراننا و ابناء عمومتنا الذين يخشون العدوى، وهم الذين راهنوا على فشل و اجهاض كل التجارب الناشئة و المشابهة في المنطقة، و نجحوا في أماكن و تعثروا في أماكن أخرى.
في تونس، أصيبوا بفشل ذريع لحد الان فهل سيستسلمون ؟ و تصبح تونس الاستثناء الوحيد ام سيستنفورا كل قواهم في الأسابيع والأشهر القادمة قبل ان يصبح التداول السلمي على السلطة في هذا البلد قدر حتمي لا مفر منه و لا يغيره احد ؟
ننتظر الأجوبة و الردود و لكن نبقى نحن في الأثناء ندير صراعاتنا داخل اروقة البرلمان و المحاكم الدستورية .. بالقوانين و الطعون و يسيل حبر معاركنا على أعمدة الصحف و يسمع دوي القصف الإعلامي على المنابر التلفزية الإعلامية.
وفي حالة تسقط نقطة دم واحدة في عملية ارهابية او يمرض رئيسنا المنتخب نلاحظ أن الحناجر تتوحد و تتلاقى السواعد في اتجاه واحد هو الوحدة الوطنية.
لذلك لابد ان نفتخر و ان و نحتاط و يكفي ان نلتفت شرقا او غربا و حتى جنوبا لنفهم اننا استثناء مزعج و لا يراد له ان يدوم .
Comments