تونس: الدولة واتحاد الشغل .. فك الارتباط ! / تحليل اخباري /
منذر بالضيافي
تجددت دار الاتحاد ( المقر التاريخي للمنظمة المعروف بالبطحاء)، وتم تدشينها اليوم غرة ماي 2024 ( في ذكرى العيد العالمي للعمال)، و نبقى نراقب و ننتظر تجديد منظمة الاتحاد العام التونسي للشغل، و العمل النقابي وجعله قادرا على مواكبة التحولات في تونس والعالم!
بمناسبة اليوم العالمي للعمال، لابد من التذكير بالعلاقة ” الخاصة”، بين الاتحاد العام التونسي للشغل و الدولة الوطنية، وآفاق مستقبل هذه العلاقة . وهل انتقلنا من ” المشاركة في الحكم” إلى ” فك الارتباط “.
مع بورقيبة ومن بعده، و صولا للرئيس الباجي قايد السبسي، مرورا بالرئيس الأسبق بن علي، كانت المنظمة العمالية شريكة في الحكم وبالتالي في تقاسم ” الغنيمة” مع حزب الدستور/ حزب الدولة.
حرصت الدولة الوطنية إلى تاريخ 25 جويلية 2021، على بناء ” شراكة في الحكم” مع المنظمات الوطنية – اتحادي الشغل و الاعراف- في ادارة البلاد، خاصة في زمن الازمات.
لكن القيادة والكلمة الفصل، كانت دائما بيد الدولة في تحديد هذه العلاقة، وتحديدا كانت الكلمة الفصل بيد الرئيس، عند الذهاب للحوار والتفاوض، وذاك في اختيار محاور الحوار والنقاش و من يشارك فيه من شخصيات وخبراء ، والاهم التوصيات المنبثقة عنه، وهو ما كان مع بورقيبة وبن علي و استمر مع الباجي قايد السبسي.
بالنسبة لعقل دولة الاستقلال، لا يمكن للمجتمع المدني، ومن يشتغل معه من ” خبراء” و ” مستشارين”، ان يعوض القيادة السياسية الشرعية و المنتخبة حتى وان ضعفت وتراجعت.
وهذا ما كانت تحرص عليه دائما القيادة السياسية – حتى في اقصى لحضات ضعفها – ، من بورقيبة الى السبسي مرورا ببن علي، ولا اتصور ان نظام الرئيس الحالي قيس سعيد سيتنازل عنه، بل انه يسير باتجاه ” فك الارتباط ” التاريخي بين الدولة و اتحاد الشغل.
فلا يمكن للمجتمع المدني، بما في ذلك الاتحاد – الذي هو ايضا ضعف وتراجع دوره المجتمعي و المؤسساتي في السنوات الاخيرة – ان يعوض المنتخبين من الشعب – خاصة الرئيس ( خاصة مع عودة النظام الرئاسي لافتكاك المبادرة والحكم).
وبالتالي فان دور المجتمع المدني، لا يجب ان يعوض دور المجتمع السياسي، ذلك الدور الذي شغله بعد الاستقلال ، في غياب مجتمع سياسي مهيكل ومنظم ومعترف به، و الذي على ضعفه الهيكلي يعد اساس البناء السياسي و المؤسساتي في البلاد .
واذا ما كانت المنظمات – ومنها اساسا الاتحاد – تريد لعب دور سياسي ، فما عليها إلا تأسيس احزاب، والانخراط بوجه مكشوف في الصراع السياسي.
تونس اليوم، في حاجة الى القطيعة مع الارث التقليدي للدولة الوطنية – اساسا دور المنظمات الوطنية – في ادارة الشأن السياسي الوطني.
نحن اليوم، في حاجة لثقافة سياسية جديدة، فالبلاد لا يمكن ان تدار بعقلية وتصورات النصف الثاني من القرن الماضي.
Comments