الجديد

تونس اليوم .. المأزق !

منذر بالضيافي

بعد مرور 34 يوما علي قرارات 25 جويلية، التي سواء كانت ” انقلاب” او ” تصحيح مسار”، فهذا الجدل على اهميته لم يعد نافعا ومفيدا، اذ ان الجميع اصبحت بوصلته تبحث عن اجابة لسؤال : ” ماذا بعد”؟ وهل يمكن الاستمرار في ادارة البلاد بلا حكومة وبلا مشروع ميزانية؟

أسئلة تحرج الرئيس قيس سعيد وفريقه، لكنها في المقابل تعطي خصومه في تونس والمراقبين في الخارج، تعطيهم ” الحجة” على ان البلاد دخلت في “قفزة نحو المجهول”.

لكن بالعودة للحدث، فان ما لفت انتباهي – وانا ازعم نفسي متابع جيد للأحداث-، هو ” حالة الصدمة” التي عليها السياسيين والنقابيين والنخب والاعلاميين، في مواجهة “لطخة 25 يوليو”.

الذي تبين من ردود افعالهم انهم فوجئوا بالحدث، برغم ان العديد من المؤشرات كانت دالة عليه ولا غبار عليها، فالرجل كان منذ وصوله لقصر قرطاج يتحين ” اللحظة” لقلب الطاولة على الجميع.

هذه ” اللحظة”، التي توفرت اخيرا كل شروطها في الداخل – الغضب المجتمعي المتنامي – وفي الخارج ( عربيا ودوليا وحتى اقليميا)، الذي لم يعد متحمسا لانتقال ديمقراطي يشوبه الفساد، لعل هذا ما يفسر “تفهم” عواصم العالم الحر واعلامها لما حصل وعدم التسرع في وصفه ب” الانقلاب”.

وهنا يحسب لقيس سعيد حسن التقاطه ل ” اللحظة” التي انتظرها طويلًا، والتي يئس منها جمهوره واقرب المقربين اليه، ما جعل خصومه لا يأخذون تهديده ووعيده مأخذ الجد، الى ان استفاقوا لا على اخراجهم من المشهد فقط، بل على انهاء عشريتهم التي اقترنت بالفشل والفساد واصبحت بلا حاضنة مجتمعية وبلا سند خارجي، فضلا عن الكشف عن ضعفهم الهيكلي وهشاشة بنيانهم، والاهم عزلتهم عن المجتمع.

لذلك كانت ردود افعالهم باهتة فاختاروا الصمت والتواري عن الانظار ( النهضة وبقية الاحزاب واتحاد الشغل والنخب المرتبطة بمسار الانتقال السياسي)، وعادوا على احتشام في الأيام الاخيرة ، مستفيدين من اخطاء القصر، الذي وان وفر لتحركه السند المطلوب خاصة مجتمعيا، لكنه عجز عن تقديم البديل، بالسرعة المطلوبة، وبرز في مظهر المتودد والفاقد للرؤية.

وكشف اداؤه عن محدودية وضعف سياسي، في الداخل والخارج – ديبلوماسيا – وهو وضع لو استمر – والمرجح ان يستمر – سيفقده المبادرة السياسية في مرحلة اولى وهذا جاري، ثم شعبيا في طور لاحق و هي حقيقة غير مستبعدة.

لان حجم الانتظارات كبير ومرتفع، وفي المقابل ليس هناك ما يمكن تقديمه للجماهير، التي تبحث عن حلول لمشاكلها وبسرعة ولا تقبل المزيد من الانتظار، وليست بحاجة لخطب متلفزة، اصبحت فاقدة للجدوى مع مرور الأيام.

تونس اليوم، لا يمكن ان تعود الى ما قبل 25 جويلية، كما ان هناك رفضا للتفرد بالحكم والغاء المسار الديموقراطي- على علاته ومساوئه-، في المقبل نجد الرئيس ثابت على موقفه ورافض للمنظومة برمتها، والشعب في حالة انتظار وقلق، و مساندته تبقى مشروطة بتحسين اوضاعه، اما الخارج فانه “يضغط” للعودة للمسار الدستوري والقانوني.

هذه هي صورة المشهد التونسي اليوم، الذي الخصه في كلمة واحدة: المأزق.

 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP