الجديد

تونس اليوم .. زمن حكم الهواة !  

هشام الحاجي

لا يكفي القول بأن تونس تجد نفسها حاليا في وضع سياسي دقيق و غير مسبوق.كما لا يفيد كثيرا إلقاء مسؤولية هذا الوضع بسرعة على هذا الطرف السياسي او ذاك، لأن هذه الوضعية اصبحت مؤشرا على إمكانية وقوع المبنى الذي لم تشتد أركانه على الجميع  خاصة وأن المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية أصبحت تنطق بخطورة الوضع.

من المفارقات أن أهم الفاعلين السياسيين يدركون هذه الحقيقة و يحذرون من “انفجار اجتماعي ” دون أن يكلفوا أنفسهم عناء قطع خطوات عملية لإيقاف الانحدار. و يبدو أن “انحدارهم” و “شغفهم ” بتبادل الضربات تحت الحزام هو الذي جعلهم عاجزين لحد الان عن تبني ممارسة سياسية تصلح الأوضاع.

مضت سبعة أشهر عن الانتخابات الرئاسية و التشريعية دون أن يكون هناك إنجاز واحد. رئيس الجمهورية أسير شعاراته و بعض أحلامه و ربما بعض المحيطين به بما فيهم حتى منافسي الأمس تحول إلى جزء من المشكل بعد أن توهمت قطاعات عريضة من التونسيين و التونسيات أنه الحل و الخلاص.

رئيس حكومة مغادر يترك ما هو جوهري في تصريف الأعمال جانبا و يكرس كل جهده للانخراط في مناورات هدفها إعاقة تشكيل حكومة تحظى بثقة البرلمان و اثقال كاهل الإدارة بتعيينات و ترقيات أساسها الولاء و المكافأة.

مجلس نواب الشعب لم يغادر لحد الان مربع المناكفات و البحث عن لفت الانتباه، و “الوقت المستقطع ” في الجلسات العامة يقارب الوقت المخصص للنقاش الجدي.

يضاف إلى ذلك أن القانون الانتخابي و بعض فصول الدستور تمنح الأحزاب السياسية فرصة “التملص ” من مسؤولية الحكم و هو ما جعل حركة النهضة ترشح الحبيب الجملي الذي لم يكن يحظى بالقبول داخل صفوفها فما بالك على الصعيد الوطني.

و رئيس الجمهورية يختار إلياس الفخفاخ الذي عجز عن نيل ثقة أكثر من سبعة آلاف ناخب في الانتخابات الرئاسية لتشكيل الحكومة.

مواقف الأحزاب تتغير أيضا بنفس السرعة التي يغير بها المرء جواربه و هو ما عمق ثقة التونسيين في المؤسسات و في الطبقة السياسية و خلق حالة من الفتور التي تؤثر سلبيا على مجمل مناحي الحياة في تونس التي أخذ اندفاع “أصدقائها و حلفائها ” لدعمها يتراجع إلى حد تلويح بعضهم بعصا المقاطعة.

و حين يلتقي وضع معقد إلى هذا الحد مع تصدر طبقة سياسية هاوية للمشهد لا يمكن إلا أن تتحول الساحة السياسية إلى “سيرك ” لمن أراد أن ينخرط في ضحك كالبكاء أو إلى مجال لتغليب الشخصي و الذاتي على الموضوعي و هو ما يؤدي في صورة الاستمرار إلى زوال كل ما هو مشترك لتحل الفوضى او القبضة الحديدية.

هشام الحاجي [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP