تونس اليوم .. مريضة حسا ومعنى !
منذر بالضيافي
الشأن الجاري، في تونس اليوم، يفتقد للمعنى، يصح فيها ما ردده سابقا ابن ابي ضياف في كتابه الشهير “الاتحاف” حينما قال : “تونس المريضة حسا ومعنى”.
هذا هو حال تونس اليوم، وعلى جميع المستويات وحيثما تولي وجهك تلاحظ ذلك.. مسجد قلق، أحزاب قلقة، مجتمع قلق .. حالة قلق جماعي.. سلطة حاكمة بلا برنامج ومنقسمة ومصدومة، وعاجزة عن مجابهة الاستحقاقات التي تواجهها، والتي لا تملك لها حلولا. ومعارضة احتجاجية بلا برامح وبلا عمق جماهيري.
كل ذلك وسط حديث عن شيوع الفساد بمستويات فاقت كل الحدود، وهي ظاهرة تهدد بخراب العمران لأنها تفسد الاجتماع البشري، فضلا عن انها اصابت مسار الانتقال السياسي في مقتل، هذا المسار الذي يشهد حالة موت سريري.
كما نلاحظ اننا وبعد سبعة سنوات ونصف من الثورة قد انتقلنا من “دولنة المجتمع” كما يقول عالم الاجتماع عبد الباقي الهرماسي، حيث كانت الدولة تهيمن على المجتمع بذراعيها الأمني ( البوليس) والسياسي ( حزب التجمع)، الى ” تغول ” “اللوبيات” و “زمر الضغط” فضلا عن “الانفلات المجتمعي” على الدولة ومؤسساتها.
حيث تم استضعاف الدولة، في ما برز كما لو أنه خطة ممنهجة لتفكيكها، وذلك من قبل جماعات لا تؤمن بفكرة الدولة أصلا.
في المقابل نجد أن المجموعة الدولية ما تزال تواصل وان باحتشام الاحتفاء بالأنموذج التونسي، لكن شجرة نوبل التي منحت كاحتفاء ب “الأنموذج التونسي” لا تخفي غابة من المشاكل والتحديات التي تواجه البلاد، ومع ذلك ما تزال ارادة الحياة وحبها قوية لدي التونسيين. .
برغم هذا المشهد البائس والمخيف، فان الشعب التونسي يرفض باصرار ثقافة الموت، وان اختار شبابه اليائس قوارب الموت هروبا نحو عالم الرفاه، لكن إرادة الحياة هي الاقوى.
تونس قادرة على نحت أنموذج مبني على التسامح والتعايش، ويقبل بالحوار كاطار لإدارة التنوع والاختلاف. وهي قيم ضاربة في تاريخ هذه البلاد، استمدتها من جغرافيتها المتوسطية، التي تعاقبت عليها عديد الحضارات.
هذه الجغرافيا المطلة على كل جغرافية العالم، جعلت من قرطاج/تونس مدينة يشتهيها العالم، وستبقى كذلك.
Comments