تونس في مهب حكومة الفخفاخ
عبد الواحد اليحياوي
بينما تتجه انظار الرأي العام السياسي الى فقهاء القانون الدستوري بحثا عن حل للازمة السياسية بواسطة دستور تأكد مرة اخرى انه لم تقع صياغته بشكل جيد وان الواقع السياسي اعقد بكثير من الحلول التي تضمنها، لاتزال الازمة السياسية تراوح مكانها بل وتتحول الى أزمة ذات طابع هيكلي نتيجة التشتت النيابي وعجز النظام السياسي على ادارته.
وقد عبر هذا الوضع السياسي عن نفسه من خلال الفشل في تكوين حكومة رغم مضي اشهر على الانتخابات التشريعية اخرها حكومة “سعيد-الفخفاخ” التي سقطت على اعتاب مجلس شورى حركة النهضة.
حكومة الشخصية الاقدر..برئاسة غير الأقدر
لاشك ان فكرة الشخصية الاقدر في سياقها الدستوري لا يمكن الا ان تكون الشخصية التي تتمتع بأكثر فرص لتكوين حكومة مقبولة من نواب يمثلون النصاب البرلماني ،لان فكرة الاقدر على الحكم في المطلق هي نفي للانتخابات والخيار الشعبي.
وسواء كان هذا هو المعيار الذي تم اعتماده من الاحزاب المرشحة لتلك الشخصية ،او رئيس الجمهورية، فإن اختيار الياس الفخفاخ يعتبر مخالفا للسياق الدستوري والديمقراطي فالرجل خاض الانتخابات الرئاسية وخرج بهزيمة مذلة اذ لم يحصل على اصوات تتجاوز 0،3بالمائة كما مني حزبه بهزيمة مريرة لذلك فان تكليفه بتشكيل الحكومة من مدخل عدم اتفاق الأحزاب الفائزة بالانتخابات على شخصية جامعة يمثل قفزا على الإرادة الشعبية مما يفقده منذ البداية الشرعية السياسية لإدارة حكومة بأحزاب تتمتع بالحد الادنى من الشرعية الانتخابية .
لم يغب هذا عن ذهن الياس الفخفاخ الذي قرر ان يواجه شرعية الاحزاب بشرعية الدور الثاني من الرئاسية لقيس سعيد وكان هذا خطأ قاتلا؛ خاصة لأن ذلك جعل حكومته القادمة رهينة علاقة تلك الاحزاب برئيس الدولة في ظل تنافس على الشرعية داخل النظام السياسي بين فكرتين..
فكرة الاحزاب وفكرة معادية لها، وايضا فان الياس الفخفاخ جعل نفسه رهينة لرئيس الدولة الذي فرض عليه هامشا سياسيا ضيقا حرمه من المناورة السياسية وجعل تمرير حكومته بيد الكتلتين الكبيرتين من حزامه الحزبي :كتلة النهضة والكتلة الديمقراطية وهو ما جعله ضعيفا امام طلباتها المتناقضة ومزاجاتها المتميزة بالصراع .
كل ذلك جعل حكومة الفخفاخ تولد ميتة.. حكومة رئيس بعقدة افتقاد الشرعية الانتخابية وحزام سياسي غير منسجم ومتصارع مما جعل الازمة السياسية تتحول الى ازمة عميقة للحكم.
المستقبل الغامض..من الازمة الى المحنة
اذا تأكد سقوط حكومة الفخفاخ فإن ذلك يعني ان الصراع السياسي سيكون بلا خطوط حمراء، سيكون صراع مغالبة يستعمل فيه السياسي والدستوري مما سيعمق الهوة في العلاقات بين اطراف الساحة السياسية ويصنع استقطابا يختلط فيه السياسي والايديولوجي تذكر بصائفة 2013 عندما كانت وحدة البلاد مهددة خاصة وأن رئاسة الدولة ستكون في قلب المعركة.
يشحذ الآن الجميع أسلحته؛ حركة النهضة وحلفاؤها يهددون بسحب الثقة من الشاهد وحكومته واقتراح رئيس حكومة جديد في نفس الوقت بمجرد اسقاط حكومة الفخفاخ .بينما يتحضر قيس سعيد وحلفاؤه لذلك بحل الرئيس للبرلمان والذهاب الى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها. جزء من معارك اليوم هو حملة انتخابية واستباقا لذهاب جديد للشعب ،في انتظار ذلك يرقص الجميع على حافة الهاوية.
Comments