الجديد

جربة: جزيرة “الأحلام” و التعايش بين الأديان .. في التراث العالمي لليونسكو

تونس 18 سبتمبر 2023 (وات)  و “التونسيون”-

أُدرجت جزيرة جربة رسميا على لائحة التراث العالمي لليونسكو اليوم الاثنين 18 سبتمبر 2023 خلال الدورة الخامسة والأربعين الموسعة للجنة التراث العالمي التي انطلقت في العاشر من سبتمبر وتتواصل فعالياتها الى يوم 25 من هذا الشهر بالعاصمة السعودية الرياض، وذلك بحضور وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي والوفد التونسي المرافق لها.

وجاء هذا التصويت لينصف الجهود الوطنية المشتركة بين وزارة الشؤون الثقافية وعدد من الأطراف المتدخلة من وزارات ومصالح معنية ومجتمع مدني، خلال السنوات الأخيرة للتّحسيس بهذا الملف والتحفيز على التفاعل الدّولي معه واعتماد الحشد له أو ما يعرف باللّوبيينغ السياسي والديبلوماسي الذي أتاح فرص التبادل المعرفي المختصّ بين الوفد التونسي والوفود العربية والأجنبية التي اطّلعت على هذا الملفّ الثريّ عن قرب.

وقد عمل فريق من الخبراء التونسيين المنتمين إلى مختلف الهياكل والأطراف المعنية على المستوى المركزي والجهوي والمحلي بإعداد تقرير فني مفصل يُجيب على كل التحفظات المضمنة بتقرير خبراء من المجلس الدولي للمعالم والمواقع والاتحاد الدولي لصون الطبيع وذلك تبعا لقرارات المجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 21 جويلية 2023.

وكان ملف تسجيل جزيرة جربة على قائمة التراث العالمي محل اهتمام رئيس الحكومة أحمد الحشاني خلال لقائه بوزيرة الشؤون الثقافية الدّكتورة حياة قطاط القرمازي يوم 2 سبتمبر 2023، موصيا في هذا السياق بضرورة انخراط كل المتدخلين لإنجاحه.

وفي إطار عملية حشد التفاعل الدولي، نظمت وزارة الشؤون الثقافية يوم 04 سبتمبر 2023 بمتحف قرطاج حفل استقبال لتقديم الملف الفني لترشيح الممتلك الثقافي “جربة: شاهد على نمط إعمار في مجال ترابي جزيري” للإدراج بلائحة التراث العالمي لليونسكو، وهو ممتلك ثقافي متسلسل يتكوّن من 31 عنصرا ويعكس تخطيطا عمرانيا جزيريا استثنائيا.

وقد حضر هذا الحفل مجموعة من سفراء الدول الصديقة والشقيقة وممثلين عن السلك الدبلوماسي، وكان اللقاء فرصة لمزيد التعريف بمكونات هذا الملف والترويج له.

كما تم تنظيم تظاهرة، في السياق ذاته، بالتعاون مع المندوبية الدائمة للجمهورية التونسية لدى اليونسكو بباريس يوم 7 سبتمبر 2023، أكدت فيها وزيرة الشؤون الثقافية أهمية إدراج جزيرة جربة في قائمة التراث العالمي للمحافظة على خصوصية هذا الممتلك الثقافي والطبيعي الفريد الذي يجابه اليوم وأكثر من أي وقت مضى خطر الاندثار والزوال.

وخلال هذه الزيارة جرى التحادث مع عدد من السفراء والسفراء المندوبين الدائمين لدى اليونسكو لإقناعهم بالتصويت لفائدة الملف لدى عرضه على أنظار لجنة التراث العالمي.

وخلال وجودها بالمملكة العربية السعودية، سعت الوزيرة والوفد المرافق لها إلى لقاء أكبر عدد ممكن من ممثلي الدول المعنية بالتصويت على المستوى العربي والافريقي والدولي لإقناعهم على المساندة والوقوف إلى جانب تونس في حملتها لحشد الدعم الدولي لفائدة ملف تسجيل جزيرة جربة.

ويشار إلى أن جزيرة جربة تنضاف إلى قائمة الثماني مواقع المصنفة تراثا عالميا وهي المدرج الروماني بالجم والموقع الأثري بقرطاج ومدينة تونس العتيقة ومدينة سوسة ومدينة القيروان ومدينة كركوان البونية وموقع دقة الأثري كآخر موقع تونسي تم تصنيفه منذ سنة 1997.

جربة .. جزيرة الأحلام و التعايش بين الأديان

يسميها التونسيون “جزيرة الأحلام”، تحتوي على عدد كبير من المساجد في هندسة مختلفة، كما تستقبل اليهود من حجيج كنيس الغريبة كل سنة، وهي أيضا تعد الوجهة الأولى للسياحة في البلاد لجمال طبيعتها وحسن مناخها.

الموقع
تقع جربة جنوب شرقي تونس وتتبع محافظة مدنين، وتبعد نحو 150 كيلومترا عن الحدود مع ليبيا، وتبلغ مساحتها قرابة خمسمائة كيلومتر مربع.

وللجزيرة منفذان: الأول من جهة منطقة آجيم عبر العبّارات القادمة من الجرف، والثاني عبر “الطريق الرومانية” من جهة جرجيس وهي الجهة الشرقية للجزيرة.

السكان
يناهز عدد سكان جربة 160 ألف نسمة، ويبلغ عدد زوارها نحو مليونين سنويا، بينما يزورها في موسم الغريبة فقط ما بين 1500 وألفي يهودي، وهذا هو متوسط الزائرين سنويا خلال هذا الموسم، منذ ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011، فيما كان العدد قبل ذلك يبلغ نحو سبعة آلاف يهودي.

وسكان الجزيرة مزيج من كل مناطق البلاد، فمن بين 160 ألف ساكن هنالك قرابة 40% ليسوا من السكان الأصليين للجزيرة.

المعالم
يطلق على جربة أيضا “جزيرة المساجد”، لاحتوائها على 366 مسجدا معظمها يتميز بالبساطة وصغر المساحة.

وبقدر ما تعرف الجزيرة بمساجدها، تعرف كذلك بـ”معبد الغريبة”، الكنيس اليهودي الأكبر والأقدم في أفريقيا حيث يعود تاريخه إلى قرابة 2600 سنة، ويزوره يهود من أنحاء العالم كل عام لأداء طقوس “زيارة الغريبة”، أو ما يعرف بـ”حج اليهود”.

وتزعم روايات تاريخية أن امرأة يهودية قدمت الى جربة واستقر بها الحال في مكان كنيس الغريبة الآن وعرفت هذه المرأة بالكرامات فأقيم لها هذا المقام عند الممات، كما سمي الكنيس “الغريبة ” نسبة إليها.

ويتكون الكنيس من بنايتين كبيرتين الأولى خاصة بالعبادات ويغلب عليه اللون الأبيض والازرق، ويوجد بداخله بيت للصلاة وهو المكان الذي تؤدى فيه أهم طقوس حج الغريبة، أما البناية الثانية فتستعمل لإقامة الاحتفالات بالأهازيج والموسيقى التونسية وتوزيع الأكلات التونسية في أيام زيارة اليهود.

وعلى مدى يومين يقوم اليهود بأداء طقوس حجهم، ومن أبرزها “الخرجة بالمنارة”، وهي خروج جماعي لليهود من المعبد حيث يدفعون عربة فوقها منارة (مصباح تقليدي كبير) مزيّنة ويطوفون في الحيّ المجاور له، ويقرأون كتبهم المقدسة، وترفع الأهازيج والأناشيد، إضافة إلى عادات أخرى من بينها إقامة احتفالات بالموسيقى التونسية التقليدية تجمع أثناءها التبرّعات للمعبد.

ويجد زائر جربة التنوع في الديانة والعرق، وحتى في المذاهب الإسلامية حيث إن المذهب الإباضي هو الأكثر أتباعا في الجزيرة، رغم أن معظم سكان تونس  ينتمون إلى المذهب المالكي.

التاريخ
ويرجع البعض التعايش الموجود في جزيرة جربة إلى عدة عوامل من أهمها العامل الجغرافي، إضافة إلى مرور معظم الحضارات على الجزيرة من الإغريق إلى الرومان إلى الفتح الإسلامي إلى الغزو الإسباني.

وقد دخل الإسلام الى جربة سنة 47 هجرية على يد الصحابي رويفع بن ثابت الانصاري.

وفي الجزيرة مساجد تحت الأرض. وفيها أبراج عديدة منها برج “الغازي مصطفى” الذي يعود تاريخه الى سنة 1560. كما شق الرومان طريقا في البحر يربط الجزيرة بمدينة جرجيس.

المصدر : وكالة الأناضول

 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP