جزائر الثورة .. لا تريد ثورة
بسام عودة
كفاح الشعب الجزائري الذي صنع ثورة المليون شهيد لا يمكن ان تكرر نفسها ، التحرير ولد الحرية ،والشعب الجزائري المشهود له بالنضال انتزع بلادة من قبضة فرنسا التي كانت تعتبرها جزاء من فرنسا ببعدها الاستعماري ، وكان بعدا اقتصاديا ، وطمعت فرنسا في ثروات الجزائر وفشلت في سداد ديونها التي اقترضتها من الجزائر في حربها مع نابليون، وقد دخلت فرنسا إلى الجزائر تحت شعار الحريّة، والمساواة.
ما تشهده الجزائر اليوم مختلف تمامًا لما يجري من ثورات وعصيان طلبا للحرية في الساحات العربية ، وقد يصل الأمر ينتخب شخصية مستقله خارج حلبة السياسة ، شبيهه بالحالة التونسية إذا أطلقت حرية الانتخاب بشكل نزيه ، هذا الشعب الحر يحق له ان يختار ما يريد ، الجزائر لها تجربة تعلمت منها ( العشرية السوداء ) وهي سنوات الجمر التي اكتوت بها البلاد ،
الشعب الجزائري يدرك بعد الثورة ان أحلامه لم تتحقق وكان يصبو للأفضل ، الجزائر الغنية بكل شيء تقف الان على عتبة مرحلة تغيير ، تريد تغيير الوجوه والحقبة القديمة ، لم يعد بالإمكان بان تمرر طروحات وحلول الرموز القديمة ، فرغم كل التغيرات وتبديل الوجوه تحت مسمى ( انتقال المرحلة ) المرحلة يعرفها الشعب الجزائري يريد مرحلة جديده باختيار الشعب ، شعب لا يريد اعادة الماضي ،
الاحتجاج في الجزائر، يعتبره البعض لغز و شيفرة تحتاج لتحليل ، وهذا ليس صحيحًا ، الشعوب لم تعد تقبل الممارسة السياسية المملة الوجوه تتكرر والمنهج امتداد لما قبله ، رجال السياسة والحكم يعز عليهم مغادرة المشهد ، أعمارهم مضت وهي حالة حفلة مستمره لا تنتهي ، الشعوب ادركت خطورة التكرار وسئمت من الغدر والزيف كرهت الشعارات والطروحات ، المسالة لا تحتاج الى فلسفة عميقة ، مجتمعات اصابها الإحباط ، مطلب الشعب الجزائري ليس إسقاط الدولة بل تحقيق إرادة شعبية لتغيير الواقع المؤلم ،فيظل تزايد أعداد البطالة في بلد غني بمقدراته وتاريخه النضالي شيئا معيبا.
ما يجري في الجزائر ليس مخيفًا كما يروج له البعض ، لكن الإصرار على التغير واستمرار الوقفات الاحتجاجية صورة تؤسس لمرحلة مغايرة لما هي عليه ، هناك رفض لكل الرموز التي اعتاد عليها الناس ، المتهمة بالفساد وضياع مقدرات الجزائر.
الجزائر تريد إعلاء صوت العقل، واحترام الاختلاف، وتعزيز العيش المشترك، والإقرار بالتنوع، الذي يضمن حريات الإنسان وحقوقه لتحقيق التنمية المنشودة والتي تليق بمكانة الجزائر.
الجزائر تريد ان تحافظ على حالة التوازن السياسي والاقتصادي والاجتماعي بين كافة الأطراف في المصالح، والقوة، والإمكانات، والإرادات. و يحافظ علي هذا التوازن في إطار القانون والشرعية .
الجزائر تعيش مرحلة قطيعة مع الماضي وبناء مفهوم سياسي يحقق لشعبها ارضية تتيح له بناء مؤسسات الدولة وفق متطلبات المرحلة.
الجزائر ترى المشهد التونسي وتسمع صوت الشعب الشقيق ، وتطمح ان ترسم مستقبل للجزائر بالانتخاب والحوار لبناء كيان له من القوه والمناعة لحماية المنطقة من التوغل الخارجي.
Comments