الجديد

حرب التسريبات .. و “ترذيل” الحياة السياسية

كتب: منذر بالضيافي

نشطت خلال الفترة الاخيرة ” بورصة التسريبات”، في مناخ سياسي سمته الاساسية التوتر والقطيعة، بين الفاعلين الرئيسيين في الحكم ( ما اصطلح على تسميتهم بالرئاسات الثلاث).

لتنضاف ” موضة التسريبات “، الى ” الكلاش ” سواء عبر الاعلام التقليدي و منصات التواصل الاجتماعي ( قيادات الصف الاول في النهضة) او من خلال الخطب والتصريحات (قيس سعيد).

في المقابل اختار رئيس الحكومة خطاب اتصالي في ظاهره ” مهادن” مع قصر قرطاج و في جوهره ” متفهم” اكثر ل ” وسادته” الحزبية ( الائتلاف الحاكم) والبرلمانية ( الكتل الداعمة له).

وان كان يبدو اقرب من جهة “الموقف” والمفردات المستعملة في الخطاب لحزامه البرلماني والسياسي، لكنه يبحث عن ” تسوية مشرفة” مع القصر.

بالعودة ل ” حرب التسريبات” وهي في الواقع من جهة واحدة ( انصار النهضة والمتحالفين معها)، وفضلا عن الرفض الاخلاقي لها، ومساهمتها في مزيد “ترذيل” المشهد السياسي بعد البرلماني، فإنها من جهة ” المضمون” لم تأت بجديد يذكر.

وبرغم الاخراج “الهوليودي” لها والاسراع في بناء اتهامات وشيطنة للخصم على ضوئها، فإنها لم تجد تفاعل من شأنه ان يساعد من وراءها على تحسين شروط التموقع اولا ثم كسب نقاط اسبقية في الصراع مع الخصم، وهو هنا الرئيس وحاشيته في القصر، تحديدا رئيسة ديوانه، التي توجه لها كل منصات صواريخ خصوم ومعارضي الرئيس.

اقدر بما لا يدعو مجالا للشك ، ان ” التسريبات” زادت في مزيد تأزيم الحقل السياسي، واخرجت الصراع بين القصر وباردو الى طور اللا عودة.

خصوصا في ظل ادراك الجميع، انها لن تزيد الرئيس قيس سعيّد الا عنادا وتمترسا وراء مواقفه السابقة والجديدة .

كما ستزيد في تعميق ازمة الثقة بين الطرفين ، وهذا ما تأكد من خلال رفض قرطاج الذهاب نحو تشكيل المحكمة الدستورية، مركزا على التشكيك في ” نوايا” جهة التعجيل بها، التي هي في الواقع لم تعد خافية على جل المتابعين.

اخيرا، فان “تطبيع التونسي ” مع حالة ” العفن السياسي”، جعلته يتعاطى مع ” فضائح السياسيين”، بكثير من اللامبالاة وهو ما ادركه السياسيين انفسهم.

ونلمس ذلك من خلال ن عليق مديرة الديوان الرئاسي، نادية عكاشة، على التسريبات الأخيرة للمحادثات ثنائية المنسوبة اليها و تجمع بينها وبين المحامية مايا القصوري.

حيث كتبت عكاشة، في تدوينة نشرتها على صفحتها الرسمية بالــ”فيسبوك” قائلة: “أعلم من وراء هذه الحملات المغرضة والقذرة ولست معنية بكل هذه التفاهات العقيمة لا من بعيد و لا من قريب”

في مسعى غايته “تتفيه” هذه ” التسريبات” ، وهو ما بدأ يحصل فعلا لدى قطاعات واسعة من المجتمع، وايضا المهتمين بالشأن السياسي ، على حد السواء.

اخيرا، البلاد دخلت في أسوأ مراحل تاريخها الحديث، واستمرار انسداد الفضاء السياسي، ستكون تكلفته باهضة.

ويبقى الحل الوحيد لتجاوز هذا المأزق هو ” الحوار”، والا فان مزيد تعفين الأوضاع ، سيجعل المبادرة تضيع من الداخل وتصدر للخارج، ليصبح تدخله مطلبا داخليا، على غرار ما يحصل في لبنان.

 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP