حركة النهضة: بداية الصراع حول خلافة "المرشد"
خديجة زروق
استأثر راشد الغنوشي، هذا الاسبوع باهتمام وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بعد ان قرر خوض غمار التنافس من اجل نيل عضوية مجلس نواب الشعب، و بعد ان اقترن هذا القرار بما يشبه عملية نسف كلي، لما افرزته الاستشارة التي قامت بها حركة النهضة في الجهات، لاختيار من يمثلها في مجلس نواب الشعب .
القراران اثارا الكثير من ردود الفعل، خاصة داخل هياكل حركة النهضة، التي تعيش منذ مؤتمرها الاخير، على وقع تباين معلن في مستوى قيادتها، بين خط يقوده راشد الغنوشي و يضم عدد من القياديين الذين من ابرزهم عبد الكريم الهاروني و نور الدين البحيري، و خط “مشاكس” يتمحور حول عبد الحميد الجلاصي و عبد اللطيف المكي .
فبقدر ما رحب المقربون من راشد الغنوشي باعتزامه الترشح للانتخابات التشريعية بقدر ما تقبل الخط المعارض هذا القرار بتحفظ حتى و ان لم يعلقوا على الامر بشكل علني .
لقد كانوا يرغبون في قرارة انفسهم ان يقع راشد الغنوشي في مطب ما اقره المؤتمر الاخير من “وجوب ترشح المسؤول الاول عن الحركة لرئاسة الجمهورية ” لانهم يدركون ان رئيس الحركة لا يحظى بشعبية تخول له تجنب هزيمة انتخابية ينهي بها حياته السياسية و تضعف مكانته الرمزية و مكانة “انصاره ” داخل الحركة .
اختار راشد الغنوشي في هذا المستوى حلا وسطا يدحض من خلاله ما راج حوله من “تخوفه من خوض التنافس الانتخابي” و يضمن من خلاله حظوظا وافرة في النجاح اذ يصعب ان يفشل رئيس قائمة انتخابية لحركة النهضة في هذا الاستحقاق .
لكن رئيس حركة النهضة لم يبحث عن الحلول الوسطى في عملية مراجعة اختيارات الجهات لمرشحي الانتخابات التشريعية و “نسف ” الاختيارات بشكل كامل انطلاقا من ابعاد عبد اللطيف المكي عن تونس 1 و الحلول محله وصولا الى الاصرار على تطعيم القائمات الانتخابية لحركة النهضة بمستقلين و مستقلات .
اعتمد راشد الغنوشي على المكتب التنفيذي الذي يحظى فيه بالأغلبية و على المباغتة و على رغبة في نقل “المعركة ” الى ميدان الطرف المنافس الذي سارع باتهام رئيس الحركة بالانفراد بالراي و بممارسة الديكتاتورية و لكنه عجز عن دعوة مجلس الشورى للانعقاد و في دفع المواجهة السياسية الى مداها لان معارضي راشد الغنوشي كانوا يعدون العدة للمؤتمر القادم من اجل اغلاق الباب امام تنقيح القانون الاساسي للحركة حتى لا يبقى راشد الغنوشي رئيسا .
الخط المعارض خشي ان تكون مواصلة المعركة حاليا سببا في حدوث شرخ يؤدي الى تراجع الوزن الانتخابي للحركة و الى تراجع مكانتها في مجلس نواب الشعب القادم و بالتالي في المشهد السياسي . عدم قدرة و رغبة راشد الغنوشي و مجموعته و عبد اللطيف المكي و زمرته على حسم الامر حاليا دفع الى الاكتفاء بدعوة المكتب التنفيذي للانعقاد من اجل احداث تغييرات على القائمات الانتخابية التي قدمها راشد الغنوشي .
المتوقع حصول تنقيحات لا يشتكي منها الراعي و لا تترك الذئب جائعا مع حرص على التأكيد على تماسك حركة النهضة في هذا الاستحقاق الانتخابي الذي لن يكون فيه عبد اللطيف المكي و عبد الحميد الجلاصي على راس قائمتي الكاف و نابل كما اراد راشد الغنوشي و لكنهما متمسكان بان لا يتم تنقيح القانون الاساسي للحركة و بان ينسحب راشد الغنوشي من رئاسة الحركة في جوان 2020 ….معركة الانتخابات اختار النهضويون ان لا يذهبوا بها الى مداها لينصب الاهتمام اثرها على الاعداد للمؤتمر القادم.
Comments