حكومة الجملي .. مخاض طويل وولادة مثيرة للجدل !
هشام الحاجي
يبدو أن الرأي العام الوطني، سيعيش في ظل ضبابية تركيبة الحكومة المنتظرة، وعلى وقع تسلسل أحداث و تجاذبات، أقل ما يقال عنها أنها مربكة .
فبعد مخاض ممطط أكثر من اللازم أعلن الحبيب الجملي عن تركيبة حكومته، و لكن سرعان ما ابدت رئاسة الجمهورية تحفظا، فتح الباب أمام تحفظات أخرى.
المطلعون على خفايا اللعبة السياسية في تونس، قد يتفهمون تحفظات قيس سعيد بوصفها إشارة منه إلى رفض محاولة المرور بالقوة من قبل الحبيب الجملي، و تبرئة ذمة أمام التاريخ و هو الذي فشل على ما يبدو في إبعاد بعض الأسماء التي وقع تثبيتها في الحكومة.
لكن أن تأتي التحفظات من النهضة و قلب تونس، فإن ذلك يطرح أكثر من سؤال خاصة و أن الإتصالات لم تنقطع تقريبا بين نبيل القروي و راشد الغنوشي، و قد تمت الاستجابة لكل ما طلبه رئيس قلب تونس لقاء منح كتلته البرلمانية أصواتها للحكومة.
تملص الغنوشي و القروي من الحكومة يمثل دليلا على أن اختيار الشخصيات التي ألحقت بالقائمة لم يخضع لتطبيقة علمية كما حاول الجملي ايهام الرأي العام، بل لمنطق المحاصصة الخاضع لأولوية الولاء و على التوازنات الخاصة بكل حركة.
التوازنات الداخلية هي التي جعلت بعض القيادات النهضوية المعارضة للغنوشي تشجع الجملي على التمرد على رئيس مجلس نواب الشعب، و هو ما اغراه بأن يمنح لبعض الأصدقاء الذين ينحدرون مثله من نفس الجهة حقائب وزارية، و هي التي جعلت مواقف حركة النهضة من حكومة الجملي مرتبكة إلى ابعد حد.
من جهته يريد نبيل القروي التفاوض المسبق على تعيينات الولاة و المعتمدين خشية انقلاب موقف النهضة منه، و أيضا لإرضاء إطارات حزبه التي لم تخف تبرمها من اختيار نبيل القروي لمقربين منه عائليا و ذاتيا لترشيحهم لحقائب وزارية.
ما أراد الجملي اخفاءه و لكن الراي العام يعرفه، هو وجود تدخلات ، في اقتراح أسماء و الاعتراض على أخرى، و أيضا عدم امتلاكه لرؤية و أولويات، و هو ما جعله يفقد مصداقيته، مع عدد من الذين اتصل بهم للالتحاق بحكومته و مع الرأي العام.
إذ ارتبك الرجل في المواعيد التي ضربها على نفسه، و سيكون تراجعه عن بعض الأسماء أول تراجع في مهامه، و هو ما يعني أن معيار الكفاءة كان آخر معيار اخذه الذين اختاروه بعين الاعتبار، و هو ما قد يجعل مروره من القصبة قصيرا ، و قد يتخلى الرجل عن المهام الأساسية التي ينتظرها منه الشعب التونسي، ليغرق في صراعات الكواليس التي تنخر البلاد، والتي هي من الأمراض المزمنة لحكومة تصريف الأعمال الحالية بقيادة يوسف الشاهد.
Comments