الجديد

حكومة الفخفاخ : سقوط مشروع شخصي

كتب: عبد المجيد المسلمي

تشرف مهلة الشهر التي أعطيت للفخفاخ لتكوين الحكومة على النهاية و احتمالات نجاحه في هذه المهمة أصبحت تتضاءل يوما بعد يوم. و برأينا فإن منهجية الفخفاخ كانت منذ البداية مبنية على السعي للسيطرة و الاستحواذ على الغنيمة الغير منتظرة التي نزلت له من السماء على حين غرة و المتمثلة بالحكومة. فقد تكون منصة انطلاق لمشروعه السياسي المحتمل في أفق 2024.

إقصاء قلب تونس : للاستفراد بالعائلة الديمقراطية و قيادتها

على الإنسان أن يكون غرا حتى يصدق أن الفخفاخ يسعى لإقصاء حزب قلب تونس من الحكم حتى يبعد شبهات الفساد عن حكومته. و عليه أيضا أن يكون غبيا حتى يصدق أن الفخفاخ يسعى لتكوين حكومة الثورة. فالرجل لم يعرف عنه أنه  من أبطال إضرابات الجوع في مواجهة الديكتاتورية.

خيار إقصاء قلب تونس من الحكومة كان يهدف إلى إضعاف هذا الحزب و الحال أنه يعرف أن قلب تونس و إذا لم يشارك في الحكم قد يضعف و يتشتت نظرا لطموحات قيادييه للقرب من السلطة و نظرا للمصير المجهول لرئيس الحزب و هو محل متابعات قضائية. و يعتقد الفخفاخ أن كل ضعف و تشتت يصيب حزب قلب تونس سيستفيد منه هو و مشروعه السياسي المستقبلي على اعتبار أنه سيحاول يكون قاطرة و مجمعا للعائلة الديمقراطية الوسطية.

لو يثوب الإنسان إلى رشده و يحترم روح الدستور و يتحلى بالروح الوطنية  فإن المشهد البرلماني الحالي المتميز بالتشتت و التشرذم لا يمكن أن ينتج سوى حكومة مصلحة وطنية تجمع أوسع ما أمكن من الأحزاب السياسية ( إلا من أقصى نفسه).

علاوة على أن التحديات السياسية و الاقتصادية التي تواجهها البلاد تتطلب تجميع أكثر ما أمكن من القوى لمواجهة تلك التحديات. و لكن الخطأ القاتل للفخفاخ هو أنه يفكر بغنيمته 2الشخصية و بمشروعه الخاص أكثر من التفكير بمصلحة البلاد التي تنتظر الحكومة منذ أشهر.

تقسيم الحقائب الوزارية : “فخذني” و “صدر” أخي و “جنح” البقية

كان من المفروض أن يكون توزيع الحقائب الوزارية بالتقسيط بين الأحزاب المتحالفة مع الاتفاق مثلا على تحييد وزارتي العدل و الداخلية. و كان الأمر يتطلب بضعة ساعات للتفاوض حتى يتم اتفاق بين الأحزاب المتحالفة.  تذكيرا بأن يوسف الشاهد و في شهر أوت 2016  لم يقض أكثر من 15 يوما لتكوين حكومة الوحدة الوطنية من 10 أحزاب و 4 منظمات وطنية. فالرجل قسم الحقائب بكل صدق و نزاهة مما جعله محل ثقة من جميع الأطراف و جعل عملية تكوين الحكومة سلسة و سريعة.

إلا أن إلياس الفخفاخ و على خطى سلفه الفاشل الحبيب  الجملي أراد أن يكون له نصيب شخصي في الحكومة و يستأثر لنفسه  بمجموعة من الحقائب الوزارية. و منذ بداية المفاوضات على الحقائب و الفخفاخ يناور و يماطل من أجل زرع أصدقاءه و الموالين له في الحكومة.

هكذا نجد في التركيبة المقدمة ما يقارب 10 وزراء وصفهم بالمستقلين أي ما يقارب ثلث الحكومة و هم مقربون منه. و المثال المضحك من فرط سذاجته هو استبدال وزير تكنولوجيا الإتصال النهضاوي أنور معروف بلبنى الجريبي القيادية في حزب التكتل في محاولة بائسة من لاستلباه الرأي العام بالادعاء أنها مستقلة.

و المثال المؤسف هو تحويل وزارة الشؤون المحلية من وزارة مستقلة إلى وزارة تتبع رئاسة الحكومة للاستئثار بها و السيطرة عليها و وضع منظومة الحكم المحلي تحت تصرفه.

و قد أصدرت الكنفدرالية التونسية لرؤساء البلديات بيانا عبرت فيه عن معارضتها لهذا القرار و مطالبتها بمراجعته لما فيه من انعكاسات سلبية على منظومة الحكم المحلي.

و يستنتج من هذا التمشي أن إلياس الفخفاخ يسعى لتشكيل نواة حكومية تحت إمرته حتى لا يكون خاضعا للأحزاب. و ربما تكون هذه المجموعة الحكومية منصة انطلاق لمشروعه السياسي المستقبلي في أفق 2024.

لو غلب الفخفاخ المصلحة الوطنية لقام بتشكيل الحكومة في ظرف ساعات بمحاصصة عادلة و متوازنة بين الأحزاب. و لكنه خير الغنيمة الشخصية و تثبيت نفوذه في الحكومة المقبلة.

و على نفسها جنت براقش..

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP