حكومة الفخفاخ .. في مواجهة “شرعية الأداء”
غازي معلى
كان حديث رئيس الحكومة ليلة امس باهتًا فارغًا من اي روح تعبوية في زمن يفترض انه زمن حرب ، كلام رئيس الحكومة ليلة أمس لا يشحن عزائم شعب في حرب ضد عدو مجهول، رئيس حكومة يدعو شعبه ان يفتح علبة السردين بأسنانه، كي ينتصر على الحرب و في التعبير دلالات كبيرة.
أولها اننا شعب فقير و كل ما يمكن ان نحصل عليه هو علبة سردين، و ثانيا و هو الأخطر ان أسلحتنا بدائية و ما علينا الا ان نعول على اجسادنا لنخوض الحرب، و لكن الأدهى أن رئيس الحكومة أثبت ان السلطة غير شرعية و ليس بالمعنى الدستوري والقانوني بل بالمعنى السياسي و الاجتماعي، و الحقيقة ليس في الأمر غرابة لان رئيسة الحكومة هو ثمرة زواج غير شرعي بين سلطتين أصليتين و لكن كيف ؟
بعد الحصول على التفويض حسب الفصل 70 من الدستور أصبحت الحكومة و رئيسها تختزل كل السلطة، و هي السلطة شبه الوحيدة في البلاد و لو لفترة، و اليوم في ظل الحرب على الكورونا يمكن ان نقيم قوة النظام السياسي المختزل في الحكومة، و شرعيته السياسية و الاجتماعية بأشياء بسيطة و واضحة.
كمدخل علمي و لكي نتحدث عن نظام شرعي ،أساسه الرضا والقبول بين الحاكم والمحكوم لا بد ان تتوفر الشروط التالية لتكريس الشرعية الدستورية على الأرض و هي : توزيع عادل للموارد ، وقدرته على فرض سيطرته داخل حدوده الجغرافية ، ترسيخ الهوية الوطنية، والتمكين من المشاركة السياسية.
ومن هنا يكون وصول الخدمات إلى الناس أول مؤشرات القبول وشرعية نظام الحكم، و بما ان الناس او الشعب هو اهم أسس اي دولة، فقبلول الناس بشرعية نظام الحكم هو أساس الاستقرار.
اليوم في عصر الكورونا علينا ان نقيم حكومة الفخفاخ و شرعيتها حسب المعايير السابقة و بالتالي تكون الشرعية أعلى إذا قبل الناس الحجر المنزلي دونما أن تلجأ الدولة إلى إنزال قوات الجيش أو الشرطة على الأرض لفرض الحجر بالقوة. و هنا كلنا يعرف و يلاحظ ان هذه السلطة ( الحكومة ) استعانت بالجيش لإلزام الناس بالبقاء بالبيوت .
ثم قدرة الدولة على توزيع مستلزمات الحياة و الإعانات لآخر قرية على حدودها، وليس في المدن الكبرى فقط، وهي مؤشر على أننا أمام دولة مهيمنة على كل أراضيها، وقادرة على توزيع الخدمات داخل نطاقها .
و لكن حتى هذا كان محل جدل و لاحقته شبهات الفساد سواء في توزيع ” السميد ” او في اقتناء “الكمامات” و بالتالي وضع وظيفة الدولة في حسن تدبير ادارة الشأن العام موضع تساؤل و زاد ذلك “تبرير” رئيس الحكومة في كلامه يوم امس لصفقة كمامات السيد النائب ذات الشبهات المتعددة، وفق ما أكدته هيئات رقابية كما كان محل انطلاق متابعة قضائية.
وباء «كورونا» كشف هشاشة الحكومة و ضعف شرعيتها إذاً، لا تحتاج الحكومة ، أي حكومة إلى من يقول لها إنها كاملة أو ناقصة الشرعية. ويمكن لأي فرد منا أن يرى ويقارن ليعرف ، و هل الحكومة تحظى بالقبول من شعبها الموجود على أراضيها، وما هي درجات هذا الرضا.
الوباء وقدرة الحكومة على مواجهته وإدارته أصبح هو المؤشر الأول على قوة الحكومة أو ضعفها.
شرعية الحرب على «كورونا» أصبحت المعيار في رسم قدرة الحكومة ومدى رضا شعبها عنها. و هنا اعود لكلام رئيس الحكومة امس ، انه لم يقل ما يطمأن شعبه من عمال و فلاحين و صناعيين و موظفين عن مستقبلهم القريب و لم يساعدهم لدفع وحدتهم الوطنية الا بشعار فضفاض غامض :” الوقت الان للتضامن ثم تأتي تضحيات “.
من يتضامن مع من و كيف و من يضحي من اجل من غدا، أسئلة جوهرية لم يجب عنها رئيس الحكومة جعلت أداء الحكومة موضع استفهام فضلا على كونه سيفتح المجال واسعا للحديث حول مصيرها خاصة لو استمرت وتراكمت العثرات.
Comments