حكومة المشيشي .. حكومة الضرورة !
منذر بالضيافي
قال نور الدين الطبوبي، الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، اليوم الاثنين 7 جوان 2021 “ان كل الدولة في حالة شلل وان الحكومة الحالية غير قادرة على تحقيق ربيع تونس”.
كما شدد الطبوبي على ان “الاتحاد مقتنع بان الحكومة الحالية غير قادرة بمكوناتها وبالوضع الذي هي فيه وبائتلافها الحاكم وبالمناكفات والتجاذبات التي نراها في مجلس النواب وفي كل مؤسسات الدولة غير قادرة اليوم على صنع ربيع تونس او ان تحظى بثقة مكونات الشعب”.
يذكر أن الطبوبي، كان قد فشل في اقناع الرئيس قيس سعيد بمبادرة المنظمة الشغيلة، لتنظيم “حوار وطني”، للخروج من الأزمة السياسية، التي دخلتها البلاد بشكل معلن منذ رفض الرئيس سعيد، قبول التحوير الوزاري، الذي أدخله المشيشي على فريقه الحكومي، ونال ثقة البرلمان.
وفي ظل “صمت قرطاج”، عن الافصاح عن أسباب رفض الرئيس لمبادرة الاتحاد، فان العديد من التسريبات، تشير الى أن قيس سعيد قد وضع رحيل حكومة المشيشي برمتها، كشرط لقبوله بالجلوس على مائدة الحوار، وهو ما يرفضه الائتلاف الحاكم بقيادة حركة النهضة.
في الاثناء تتفاقم الأزمة في البلاد وتأخذ اشكالا وصورا ستجعل البلاد في مواجهة أوضاع صعبة في قادم الأيام والأشهر، خصوصا بعد حصول ما يشبه تعطل في أداء مؤسسات الدولة، وهو ما جعل حكومة المشيشي عاجزة عن مواجهة الأوضاع الاقتصادية التي دخلت طور الانهيار، فضلا عن الارتباك الكبير في التعاطي مع تواصل تمدد وباء الكورونا.
دون اغفال ما برز من ضعف في الاداء الحكومي، في ما يتعلق بالمفاوضات الخارجية لحشد التمويل للميزانية، سواء مع صندوق النقد الدولي، أو حتى مع الدول التي زارها مؤخرا، على غرار ليبيا وقطر، والذي يعود في جانب كبير منه، الى “تفكك” الجبهة الداخلية، وسوء ادارة الدبلوماسية التونسية، الذي مرده القطيعة بين رأسي السلطة التنفيذية.
ضمن هذا السياق المتوتر تشتغل حكومة المشيشي، التي تعاني من نقص في تركيبتها ، بعد رفض الرئيس سعيد – مثلما أشرنا – قبول الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستوري أمامه، ما يجعلها “حكومة مشلولة” من جهة الهيكلة، و حكومة أقرب الى “حكومة تصريف أعمال” من جهة أدائها ومنجزها وطريقة ادارتها وتسييرها للبلاد.
وأمام هذا الوضع هل أن الحل في رحيل الحكومة ؟ أم أن الاقدام على مثل هذه الخطوة في ظل استحالة التعايش بين “قرطاج” و الأغلبية البرلمانية سيكون بمثابة المغامرة التي ستدخل البلاد في حالة فراغ حكومي، في تزامن مع أزمة شاملة ومركبة ( سياسية، اقتصادية، اجتماعية وصحية) ؟
الأكيد أن حكومة هشام المشيشي لا تتحمل بمفردها مسؤولية أزمة معمقة و مركبة ، وبالتالي فان رحيلها في السياق الذي أتينا عليه سيزيد في تعميق جراح البلاد. لكن هذا لا يعني بأي حال تجاهل المسؤولية التي تتحملها حكومة هشام المشيشي. وهنا لابد من الاشارة الى أن الحكومة أظهرت ارتباكا واضحا في معالجة أهم الملفات الإجتماعية و الإقتصادية التي تواجهها.
تكفي الإشارة إلى تخبط الإجراءات في مواجهة وباء الكورونا، و هو تخبط عكس ضعفا في المقاربة و في فرض ما يقع اتخاذه من إجراءات، هذا دون أن ننسى غياب نتائج واضحة في ما يتصل بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، إلى جانب العجز عن تقديم ميزانية تكميلية و تراجع أداء عدة وزارات و قطاعات بشكل واضح.
ولعل هذا ما جعل الشك في قدرة هشام المشيشي على أن يكون رجل المرحلة يتسرب إلى قيادات فاعلة في ” الحزام السياسي ” الذي يسنده إذ ينتقده هؤلاء سرا و لكن يدافعون عنه في العلن حتى لا ” يمنحوه على طبق ” لرئيس الجمهورية، و حتى يحافظوا على استقرار سياسي يدركون هشاشته، و هو ما يزيد من غموض و ضبابية مشهد سمته الأساسية الصراعات القوية من أجل التموقع و افتكاك السلطة و النفوذ، مع ما يعنيه ذلك من تغييب للمصلحة العامة.
و لعل من علامات الاستعصاء في الوضع السياسي الحالي، أن الحكومة الحالية تمثل رغم محدودية إنجازها و ما يثيره أداؤها من انتقادات، “حكومة الضرورة” لمنع انهيار الأوضاع في الداخل، و عنصر استقرار خاصة في علاقة بالجهات المانحة، التي لا تقبل التعامل إلا مع حكومات تملك تفويضا، و تحظى بفرص استمرار و هو ما لا يتوفر بأي حال في حكومة ينحصر دورها في تصريف الأعمال.
و لكن إمعان النظر في التجاذبات التي تحيط بالحكومة من ناحية، و بعدم تمكن عدد من أعضائها من مباشرة مهامهم، يجعلنا أقرب حاليا إلى حكومة تصريف أعمال، لا تملك ما يكفي من الرؤية للمستقبل، و لا يمنحها الوضع الإجتماعي و الإقتصادي، و التحالفات المتغيرة، إمكانية للعمل بأريحية و لمدة كفيلة بإبراز حصيلة ما تريد القيام به.
Comments