حول بلاغة السياسيين وصدقيتهم .. "لسانك صوانك إذا صنتو صانك وإذا خنتو خانك "
سمير بن علي مسعودي
تتالى “الأخطاء الاتصالية”، لرجال السياسة ببلادنا، وإذا كان التونسي قد اعتبر في أمثاله الشعبية أن الصمت يقدر بالذهب إذا كان الكلام من فضة، فإننا لا يمكن بحال أن نتعامل مع سياسيين صامتين او غير قادرين على إبلاغ أفكارهم.
فصورة بورقيبة الزعيم المفوه مازالت راسخة في أذهان التونسيين، وفي المقابل لم ينس التونسيون “السقطات” المخجلة للمخلوع حين يتخلى في لحظات معدودة عما دونه له مستشاروه مثل إعلانه عن افتتاح بطولة العار لكرة اليد عوضا عن بطولة العالم سنة 2005 وإذا توسعنا عربيا وعالميا تأتينا الأمثلة المتناقضة بين خطب عبد الناصر وطرادات معمر القذافي الهازلة في غالب الأحيان ومطولات كاسترو …
ولكن ما حدث منذ الثورة والفيضانات التي ابتلينا بها من المدعين في السياسة صارت سقطات السياسيين الخطابية وشطحاتهم محل تندر ولن نتوقف عند ما اتاه القصاص أو بن تومية أو عم الطاهر رحمه الله حين ترأس الجلسة الأولى للمجلس التأسيسي، بل سنشير إلى ما شاب خطابات رئيسي الجمهورية السابق والحالي ورؤساء الحكومات وقادة الأحزاب من نداء ونهضة وجبهة شعبية ومشروع وتيار وجمهوري ومؤتمر وتكتل وتيار محبة و اتحاد الشغل أيضا.
ولكي لا نحرج أحدا فبعض عباراتهم دون أن تخرج من السياق صارت محل تندر وتفكه . وإن كان هذا ينبئ عن ضعف اتصالي فإنه يصير أخطر إذا حدث في ظرف دقيق كالمرحلة الانتقالية التي نمر بها أو في فترة أكثر دقة حين يتعلق الأمر بتفجيرات أو ضربة إرهابية.
فمن واجب من يفترض أنهم قادة البلاد ان يكونوا اكثر اتزانا . وحري بهم أن يحترموا القانون والدستور ولا يتجاوزوا صفاتهم السياسية أو الحزبية والا ينصبوا أنفسهم قضاة وجلادين والأحرى أنهم في دائرة الاتهام لما آلت اليه البلاد التي هم جميعا مستأمنون عليها سواء كانوا في موقع الحكم أو المعارضة وأن يترفعوا عن الشعبوية.
وأهمس همسة أخيرة أن السياسة ارتبطت عبر التاريخ بالأخلاق، والسياسيون الذين خلدهم التاريخ كانوا أوفياء للقيم الخالدة ولم تحكمهم أبدا السياحة الحزبية أو حمى التوريث أو المصلحة العائلية أو الحزبية قبل مصلحة الدولة . وإذا كان مكيافيلي هو مرجعكم من خلال كتابه الأمير فعلى الأقل اطلعوا على الكتاب . لن أسمي أحدا لأنهم معلومون بالضرورة وكما قال المثل ” لسانك صوانك إذا صنتو صانك وإذا خنتو خانك “.
Comments