الجديد

حين تمدح حركة النهضة حمة الهمامي

هشام الحاجي
مرت سنوات لم ينل فيها حمة الهمامي ادنى اشارة ايجابية من قيادات حركة النهضة، فقد انفك عقد تحالف 18اكتوبر2005 بين الطرفين ليحل محله في السنوات التي اعقبت 14 جانفي 2011 تنافس سياسي تغلب عليه “العداوة الايديولوجية ” التي تغذيها و تعمقها مسالة العنف السياسي و اتهام “الجبهة الشعبية” لحركة النهضة بانها مسؤولة بشكل من الاشكال على اغتيال الشهيدين شكري بلعيد و الحاج محمد البراهمي و قد انضاف مؤخرا الي هذه الاتهامات ملف ” الجهاز السري” و “الغرفة السوداء ” الى مكونات الجدار الذي انتصب عازلا بين النهضة و الجبهة و الذي فشلت بعض الدعوات “الخجولة” التي يطلقها بعض القياديين النهضويين للعودة الى “وئام” 18 اكتوبر في اختراقه.
لكن التصريحات الاخيرة للناطق الرسمي للجبهة الشعبية حمة الهمامي حملت الجديد لأنها “حركت” الالة الاعلامية و الاتصالية لحركة النهضة في اتجاه مغاير لذلك الذي اعتادت السير فيه خلال السنوات الاخيرة كلما تعلق الامر بحمة الهمامي .
فتح تأكيد مؤسس حزب العمال الشيوعي التونسي انه لن ينخرط في ما اعتبره “توظيف الباجي قائد السبسي لملف الشهيدين شكري بلعيد و محمد البراهمي ” الباب على مصراعيه لصفحات قريبة من حركة النهضة و لشخصيات محسوبة عليها لاستعادة هذا التصريح و للإشادة به و بصاحبه بكيفية غير مسبوقة.
يمكن تفهم جانب من هذا “الانقلاب النهضوي” في الموقف من حمة الهمامي بالعودة الى ما تعرفه علاقتها مع “الحليف التوافقي” الباجي قائد السبسي من توتر غير مسبوق بلغ ذروته بعد اجتماع مجلس الامن القومي الذي كان في جوهره “اعلان حرب سياسية ” من رئيس الجمهورية على حركة النهضة .
و في هذه الحال فان “تحييد ” الجبهة الشعبية يعتبر “مكسبا” تسعى النهضة لتحقيقه و هي التي ما انفكت تتابع بعين القلق و الانشغال “مناورات” مؤسس حركة “نداء تونس”  خاصة منها المتعلقة بإقحام “الجبهة الشعبية” في “فيلقه ” الهجومي الذي يريد من خلاله “تأديب ” حليفه السابق راشد الغنوشي الذي تخلى عنه لينخرط في تحالف جديد مع “الابن الضال”، يوسف الشاهد.
تمنح تصريحات حمة الهمامي  حركة النهضة ما هي في امس الحاجة اليه في المستوى السياسي خاصة و ان “شهر العسل” مع الباجي قائد السبسي قد ابعدها عن” اصدقائها الطبيعيين” سواء من الذين اشتركت معهم في اسقاط زين العابدين بن علي او الذين اشتركت معهم في ادارة البلاد في الفترة التي اعقبت انتخابات المجلس الوطني التأسيسي علاوة على ان “الحلفاء الجدد” الذين توحدهم حكومة “الائتلاف الوطني” لا يمكن التعويل عليهم الا في حدود معينة.
يضاف الى ذلك ان تصريحات حمة الهمامي تخاطب “المخيال النهضوي” الذي استحضر بسرعة تجربة المواجهة الدامية مع نظام الرئيس الاسبق زين العابدين بن علي في مطلع تسعينات القرن الماضي و التي يعتبر ان “تأثير بعض اليساريين ” هو الذي جعلها تتخذ منحى “استئصاليا” . و يتغذى “المخيال النهضوي” في هذا المستوى بقراءة بعض التحولات الاستراتيجية في المستويين الاقليمي و الدولي و بميزان قوى لعبة المحاور و الاستقطابات الدولية و الذي يرى البعض انه قد يكون لفائدة رئيس الجمهورية .
لا شك ان المراوحة بين “المدح” و ” القدح” التي تطغى على الحياة السياسية التونسية تكشف طغيان الانفعالات و ردود الافعال العاطفية على حساب القراءات العقلانية و المتأنية و تكشف ايضا عن هيمنة اليات “التجييش” و “التوجيه” التي يغذيها “اعلام الان و الهنا” بأدواته الجديدة من صفحات تواصل اجتماعي و مواقع الكترونية و التي غاليا ما تغيب النقد و التراكم المعرفي و لا تضع اعتبارا للأخلاقيات و هو ما يزيد في تعقيد المشهد السياسي و الاعلامي و في صعوبة التعاطي مع الشأن العام لان حالة من “اللامعيارية ” الشاملة قد تسربت اليه و اخذت تعيقه و تصيبه بعطالة تعيد الشأن السياسي الى “بيت الطاعة السلطوي” الذي نراه يغلب “المؤامرة و المناورة و الولاء و الدسائس ” على البرنامج و المصلحة العامة و الشفافية.
 
 

هشام الحاجي [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP