خاص ب "التونسيون"// قتل خاشقجي .. الدروس المستفادة من الصحافة الغربية
كتب: أحمد سلهوب *
ثمة نقاط سجلتها الصحافة الغربية في قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي اغتيل في قنصلية بلاده بمدنية إسطنبول التركية، أولها إثارة الرأي العام العالمي، والمنظمات الحقوقية الدولية ضد السعودية، وتغلبها على حسابات الذباب الإلكتروني السعودي، الذي نشط على تويتر لدحض الرواية التركية والصحف الدولية.
أعطت الصحافة العالمية درسا للصحف العربية التي تناولت الخبر على استحياء واكتفت بنقل تصريحات الرياض، حيث تفوقت عليها في دقة مصادرها ونقل المعلومة التي جعلت زعماء دول كهولندا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا يعلقون التعاون السياسي مع السعودية، ويقررون مقاطعة مؤتمر “دافوس الصحراء” المزمع عقدة في المملكة.
كما لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دورا محوريا في كشف النقاب عن الحدث برمته وفندت رواية ولي العهد السعودي، حيث بثت مقطع دخول خاشقجي للقنصلية السعودية مدون عليها الوقت والتاريخ دون الخروج منها، حتى تصريحه لوكالة بلومبيرغ التي نفى فيها اختفاء خاشقجي لم تفلح ولم تصمد أمام قوة الصحف الأمريكية التي صدحت بما في حوزتها ومع مضي الأيام انكشف زيف وسائل الإعلام العربية إلا قليل واعترفت السعودية بقتل الأستاذ خاشقجي.
فبدلا أن تكون صحافتنا العربية مرآة للحقيقة ونبض الشارع، الا أنه فضلت خدمة أجندة الأنظمة الحاكمة وخصصت العديد من الصفحات والمساحات للتطبيل دون التريث. حتى في مراحل التحول التي حدثت مؤخرا وباتت تعرف بالربيع العربي وكانت تجسد طموحات شباب أنهكتهم سياسات اقتصادية تكاد تسبب تصدع مجتمعي، لا نجد التعاطي معها باحترافية من قبل الإعلام العربي بقدر ما هو صراع أجندات بين الأحزاب المتسارعة الجديدة والقوى القديمة التي ظهرت في عباءة الحداثة لكنها تخفي عداءها لكل ما هو ديمقراطي.
في المقابل ناقش الإعلام الدولي بحرفية الأمر وتتطرق لقضايا مصيرية عن حياة شعوب الربيع العربي، مثل حرية التعبير والتداول السلمي للسلطة، والاختفاء القسري. ولنا في حقب التاريخ أدلة على قوة الصحف الدولية منها فضيحة واترجيت التي أطاحت بحكم الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون عام 1972 إثر نشر صحيفة واشنطن بوست تقرير يفيد بتجسس نيكسون على مقر الحزب الديمقراطي المنافس له.
وخلال هزيمة 1967 والتي عرفت بحرب الأيام الخمسة أو النكسة كانت الصحف المصرية تنشر أخبار كاذبة منها سقوط تسعة طائرات إسرائيلية وإذاعة صوت العرب على نفس الخطى مضت لدرجة جعلونا نصدق أن القوات المصرية حينها على مشارف تل أبيب، لكن في الحقيقة المؤلمة نشرت الصحف الغربية تفاصيل أخرى وهي سيطرت تل أبيب على سيناء وهضبة الجولان، هذا هو الفرق بيننا وبينهم.
ان التطور التكنولوجي الهائل يثبت موت إعلام الصوت الواحد فالعالم يتغير وأصبح قرية صغيرة، ولكننا كعرب مازلنا نقول في صحفنا تطبيق العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك. على من يتولى شؤون الإعلام في المنطقة العربية أن يواكب العصر في نقل الخبر ودقته وعدم تعطيل الفكر الحر، والسياسية القمعية الحرة لن تجدي نفعا، لولا الإعلام البديل صدقا وحقا وقوة الصحافة الغربية في تناولها لقضايا الشرق الأوسط لماتت الكثير من الحقائق ووضعت في حقائب النسيان.
• اعلامي مصري، اشتغل مع المرحوم خاشقجي
Comments