خاطرة/ قبل سقوط السقف
غازي معلى
نحن في حال انتظار قيل لنا ان الانتظار لن يطول، فالانهيار المالي والاقتصادي لا بدّ آت، نجلس في قاعة الانتظار وننظر إلى السقف. لا نوافذ في القاعة، فقط جهاز تلفزيون نتلقى منه الاخبار . المهندسون والخبراء المحليون والخارجيون يؤكدون أن سقف قاعة الانتظار سيسقط قريبا. المياه تتسرب من السقف، والحجار تتساقط، والحديد الصدئ قد بان جليا..
نجلس ننظر إلى السقف. وننتظر نثابر على الذهاب إلى أعمالنا، تلك التي لم تتوقف بعد. بعضنا القليل ينظّم اللقاءات، الاجتماعات، ورش العمل. المواضيع متعددة والأفكار كثيرة، وبعضها لا يخلو من الرؤية ومن النية لمواجهة الوضع. بعضنا الآخر القليل ايضاً، يستمر في تنظيم الاحتفالات كأن ليس في الأفق ما يشغل البال. نتابع ارتياد المقاهي والمطاعم، دور السينما والمسارح. نفعل ذلك كله، ومن ثم نعود إلى قاعة الانتظار
نجلس. ننظر إلى السقف، سقف الوطن. قريباً سيسقط السقف، سقف الوطن، على رؤوسنا. نقول في أنفسنا وفي ما بيننا. ونحدّق في السقف مجددا.ً سقف الوطن قائم على اعمدة ثلاثة: الشعب، الدولة، والحدود.
الأعمدة الثلاثة مهترئة. الشعب شعوب. الدولة يحكمها من هو متهم بالانقلاب عليها والحدود مهددة بارهاب يعود بأشكال جديدة بدون هذه الأعمدة لا يمكننا مواجهة لا أزمة مالية ولا اقتصادية ولا وطنية. هذه الأعمدة خلخلت أساساتها، سنوات من الانتهاكات في حقّ الوطن.
عبث من بعض القوى السياسية ، وعدم تطبيق القوانين، نظام قضائي غير فعال، شحن مجتمعي متواصل، فساد مستشرٍ وهدر وسرقة للمال العام، مديونية عالية جداً نسبة إلى الدخل القومي، نظام اقتصادي منهار وغير منتج، توزيع غير عادل للثروات والمداخيل، خدمات عامة سيئة، معارضة سياسية وهيئات مدنية ذات فاعلية محدودة جدا، نقابات اصبح دورها سياسي اكثر منه دفاعا عن العامل، احزاب سياسية متهمة بتجسس على الدولة و شخصياتها لكي تهيمن ،وغيرها من العوامل التي تفسر مجتمعة خلخلة أسس الأعمدة الثلاثة التي يقوم عليها الوطن الآيل إلى السقوط.
لا وقت ولا أمل في تدعيم الأعمدة او أحدها قبل الانهيار. لا أمل في البقاء في قاعة الانتظار والتحديق في السقف حتى يحين موعد سقوطه على رؤوسنا. قبل أخذ القرار بالخروج من قاعة الانتظار في بيوتنا، وافتراش الشوارع والساحات، حيث لا سقف سوى تصميمنا وإرادتنا ورفضنا قرار قتلنا. وليكن المطلب واحدا: تأليف حكومة جديدة حكومة إنقاذ وطني على الفور، قادرة على منع الانهيار المالي والاقتصادي.
و هنا و قبل حصول المحظور لابد لرئيس الجمهورية المؤتمن على وحدة البلاد و المحافظة عليها من الانهيار ان يتحمل مسؤولياته الممنوحة له من التفويض الشعبي المباشر قبل فوات الأوان و تنهار الدولة و حينها كل المطالب الأخرى، السيادية والمجتمعية، يمكنها تنتظر تجاوُز خطر الانهيار. مع العلم ان مطلب حكومة إنقاذ وطني لمنع الانهيار اصبح مطلب سيادي و مجتمعي في ان واحد.
Comments