خالد شوكات يكتب عن محمد مزالي في ذكرى رحيله
خالد شوكات
في مثل هذا اليوم من سنة 2010 غيّب الموت الاستاذ محمد مزالي رحمه الله وهو في سن الرابعة والثمانين. وكان حين التحق بالرفيق الأعلى في كامل لياقته البدنية المعهودة، فقد دخل المستشفى في باريس لاجل عارض بسيط لكنَّ الله جعله سببا للرحيل.
أمي قالت لي انها لم تتمنى ان يدرك إنسان الثورة مثلما تمنت ان يدركها سي محمد. ولو أدركها لكان مجرى التاريخ خلال هذه السنوات الماضية قد تغير.
تعود علاقتي بالمرحوم الى سنة 1981 عندما كنت لتوّي قد نلت الشهادة الابتدائية، وقد جاء الى قريتنا لوضع حجر الاساس للمدرسة الإعدادية فاجّل بصنيعه هذا مفارقتي لعائلتي ثلاث سنوات.
لقد أخذت حبّ الرجل وتوجهاته الفكرية والسياسية عن والدي، وقد انخرطت في عهده في الشبيبة الدستورية الى ان أقصي بعد ذلك عن الحكم سنة 1986.
وكان اول مقال كتبته في حياتي دفاعا عنه وانا في السنة الرابعة ثانوية، وكان رّدا على افتتاحية الشروق التي انقلب فيها مؤسسها صلاح الدين العامري رحمه الله، على سي محمد بمجرد إقصائه عن السلطة رغم انه كان ولي نعمته.
لم التق سي محمد بعد ذلك حتى سنة 1999، عندما ساهمت معه ومع الدكتور أحمد القديدي والدكتور الهاشمي الحامدي والمرحوم العلّامة محمد الطالبي واخرين في تأسيس المركز التونسي للديمقراطية والتنمية، ولم تنقطع الصلة بيننا حتى فارق الحياة، وكنت محظوظا بهذه الصلة،
وكان يعتبرني ابنا روحيا له، وقد ثبّت شهادته هذه في كتاب مذكراته “نصيبي من الحقيقة”، وإذ اترحم عليه اليوم وأذكره في كل وقت وحين، فانني اعتبر نفسي احد حملة أمانته.
لقد كان سي محمد صاحب مشروع في الحكم، واعطى إشارات في ذلك ما نزال نستلهم منها الى اليوم، نحو افريقيا والصين وتركيا والعالم العربي، ومن اجل استكمال الاستقلال بصناعة التنمية العادلة المتوازنة، ومن اجل صون الهوية والنهوض بالفكر الوطني ودمقرطة النظام السياسي، ونحن على دربه نسير، ما وسعنا الجهد واسعفنا العمر.
كانت افكاره وتوجهاته تجد صدى في عقلي وهوى في قلبي. طيّب الله ثراه وغفر لمن ظلمه حيّاً وميّتا.
Comments