الجديد

خريف الجريد التونسي: سياحة وروحانيات .. بمذاق حلاوة التمور

 توزر – درصاف اللموشي
 جني التمور ومهرجان روحانيات والسياحة ثالوث حاضر بقوة هذا الخريف في ولاية توزر مما سيولد حركية اقتصادية هامة وواعدة. تبدو منطقة الجريد في هذه الفترة من السنة كفتاة فاتنة الجمال أتقنت كل فنون الاغراء، مستعملة حلاوة مذاق التمر والرقص الروحي، على أنغام الموسيقى الصوفية، وصوت خرير مياهها ووديانها وأحواضها وشلالاتها.
تغري الزائرين بقوس القزح،  بألوانه الأخضر والأزرق والأصفر، الذي رسمته خضرة النخيل واصفرار كثبانها الرملية وآجرها المحلي الأصفر  وزرقة مياهها. ولا يخلوا معدن هذه الفاتنة من طيبة وكرم أهلها ونقاء سماءها المشمسة الشيء الكثير.
ترنّح السياحة في أوج الموسم
قطعة من الجنة سيعشقها من يبحث عن الصحراء والسكينة والراحة والشمس نهارا والقمر ليلا، لكن السياحة في ولاية توزر ليست هي نفسها في المناطق الساحلية من ناحية عدد السياح وعدد الليالي المقضاة والمداخيل يقول شكري الذويبي الناشط في المجتمع المدني، ان  “السياحة في توزر تنشط بدرجة أولى في الخريف خاصة في نوفمبر مع اقتراب مهرجان روحانيات، وتتحرك فقط في العطل المدرسية، لكن تبقى مساهمتها دون المأمول نظرا لأنها أساسا سياحة داخلية ولا توفّر العملة الصعبة”.
وأرجع الذويبي  تراجع الحركة  السياحية  منذ 2010  الى وضع مطار نفطة توزر الذي كان سابقا مرتبطا بعدة مطارات دولية عديدة في فرنسا وبلجيكا وايطاليا وسويسرا،  مُوضّحا أنه رغم تخفيض سعر تذكرة الطائرة بين تونس وتوزر فان تأخر انطلاق الرحلة في أغلب الأحيان الى أكثر من 7 ساعات كاملة والغائها في أحيان أخرى سبب انزعاجا كبيرا لدى السياح الأجانب والمحليين على حد السواء.
النزل ليست أفضل من حال المطار  في 2011 أغلق أكثر من نزل، لكن الوضع تحسن قليلا في الفترة الأخيرة مع عودة بعض السياح لكن ورغم أن مدينة تمغزة الوحيدة في المنطقة المغاربية التي تمتاز بواحاتها الجبلية وتضمّ الشلالات الى أنه الى الأن أرقى نزل فيها مغلق، وازداد الوضع تعقيدا في مدينة نفطة بحسب المصدر ذاته فان النزل الذي فتح أبواب السياحة الصحراوية على مصراعيها في تونس وارتاده الحبيب بورقيبة وجاك شيراك والعديد من الشخصيات العالمية في مناسبات عديدة والمقصود هنا نزل “صحراء بلاص” ذو 5 نجوم والمغلق منذ ما يزيد عن 12 سنة لحسابات ضيقة وللرغبة في بيعه بثمن بخس لا يعكس قيمته الحقيقية.
مهرجان .. طفرة روحانية
انطلاقة الحركة السياحة في الجريد ستزداد حتما مع الزخم الروحاني الذي تعيشه مدينة نفطة هذه الأيام، فعاصمة الموسيقى الصوفية تأنّقت من أجل الدورة الثالثة لمهرجان الموسيقى الروحية.
وقد أكدت حنين بوقرة عضو الهيئة المديرة للمهرجان بأن الهيئة مجندة من أجل دورة خارقة للعادة لاحتضان ضيوف هربوا من الموسيقى الصاخبة وأتوا يبحثون عن الراحة النفسية والاستجمام مع موسيقى تلامس الروح. وأضافت “نفطة، مدينة المائة القبة وقبة، الصوفية مترسخة فيها منذ القدم تنتظر جمهورا غفيرا من تونس وفرنسا وكندا وأمستردام مع فنانين من 10 جنسيات في سهرات بمسرح الهواء الطلق خاصة سهرة النجم العالمي ماهر زين وندوات علمية قيمة بـ “دار الوادي” .
وعن سبب اختيار شعار “وجد” للمهرجان ذكرت بوقرة أن وجد هو الحب والحنين لكل ما هو صوفي روحاني، وله صلة بالوجدان وبالموسيقى الصوفية، تحاكي وجدان العازفين أولا وتحاكي وجدان الجمهور الذي سيعشق المدينة من خلال أجوائها الروحانية.
وبخصوص الصعوبات التي تعيشها هيئة المهرجان فسّرت بوقرة أن أغلب النزل في نفطة مغلقة باستثناء وبعض الاقامات الفاخرة مما يضطر السياح للاقامة في توزر مركز الولاية وهو ما يكلّف مزيدا من المصاريف من ناحية النقل ومشاكل لوجستية، حتى أن مردود العائدات سيقتصر على توزر فقط وليس نفطة على المستوى المحلي التي سيأتيها الزوار للسهرات دون الاقامة والسياحة، كما أن المسرح البلدي ضيق ولم يقع توسيعه ولا يسع الا لـ 1500 متفرج مما اضطر الهيئة المديرة لبرمجة عدد من الحفلات في الشارع.
 
جني التمور.. تعب وحلاوة
النخيل لوحة خضراء ألهمت الشعراء فتغنوا به تحت ظلاله، وجعلت منهم فطاحلة بلسان مبين ذاع صيتهم في كامل تونس والمشرق وحتى العالم، ومع كل خريف يبدأ موسم جني هذه الثمار، مع ساعات الصباح الأولى ينطلق العمل في الواحات، ومن يصعد الى أعلى النخلة لقطف العرجون يسمى “القطاع” ويمدّه الى “الرقاب” فالى المداد ثم الى “اللقاط” يصاحبهم في يومهم الشاق الأغاني لا سيما الأغاني الصوفية والتغني بالرسول.
وهذه السلسلة من جني التمور في الأغلب يتولى مهمتها الرجال  وعند نقلها الى مكان فرزها تكون النسوة في الانتظار من اجل الفرز والترصيف، مهمة غير سهلة خاصة بالنسبة الى “القطاع” فكلما زاد طول النخلة زادت مخاطر سقوط العامل من أعلاها مع عدم توفّر تغطية اجتماعية وصحية أو عقد فالعامل يعمل بأجرة يوم واحد، وليس بمرتب شهري قار، ومن بينهم أصحاب شهادات عليا نفس الظروف تنطبق على النسوة في مراكز الفرز فالأجر بالنسبة لهن لا يتجاوز  العشرة دنانير يوميا.
 
 
 
 
 
 
 
 
 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP