خليفة بن سالم يكتب: طوفان الاقصى .. عجز عربي على استثمار انجاز المقاومة مقابل تخبط أمريكي !
خليفة بن سالم
دخلت عملية طوفان الاقصى وتداعياتها وأساسا العدوان الاسرائيلي على غزة شهرها الثاني على أن طوفان التحاليل والقراءات ظل منهمرا يواصل سيلانه في محاولة للمواكبة او التوجيه او الشرعنة او التبرير لان ما نعيشه اليوم على خلفية العدوان ونقول عدوان ليس من باب الانتصار للحق الفلسطيني بل لان اسلوب إسرائيل في ما تقوم به إنما هو ضرب من الهمجية التي إعتقدت الإنسانية ما بعد الحرب العالمية قد تخطتها لتكشف هذا العدوان ان كل ما حدث من مقررات وبيانات ومعاهدات ومواثيق دولية لا يعدو ان يكون سوى تصريف اوهام للاغلبية مقابل مزيد من مركزية النفوذ الغربي /وتوسع الهيمنة مفاهيم واقتصاد /معرفة وتحكم ..
انتصار غزة .. وعجز عربي
شبه إجماع ان عملية طوفان الاقصى حققت مكسبين لصالح العرب اولا وحتى قبل الفلسطينيين، واهمهما نهاية نظرية إسرائيل قوة لا تقهر و انها لم تعد تملك تفوقا نفسي /معنوي على العرب، باعتبار انها كانت تنتهي في كل معاركها رابحة اما تقدم في الأرض او تهجر للفلسطينيين سكان الأرض ، فجاء الطوفان هذه المرة ليهز إسرائيل ومن وراءها الولايات المتحدة، لا بل كل الغرب .
وهنا كان رد فعلهم إلى جانب إسرائيل جماعي ومع ذلك يبقى للعرب مكسب ثاني ان نجاح المقاومة في الاستبسال رغم همجية العدوان الاسرائيلي المدعوم لوجستيا من الولايات المتحدة، مكن العرب من العودة كأحد محاور التفاوض في الشرق الأوسط، ومع ذلك ظهر النظام الرسمي العربي عاجزا لابل كما لو انه يرغب اما في انتهاء المواجهة بين المقاومة واسرائيل او في تدخل أمريكي يفرض الحل السياسي على المعادلة القتالية، وهم لا يرغبون في تفوق معنوي او عسكري فلسطيني، لان النظام الرسمي العربي غير مستعد لتحمل تداعيات نصر فلسطيني محتمل، اما الهزيمة فتبقى في اعتقادهم فلسطينية.
على أن هكذا معطى اذا ما زدنا إليه افتقار الصمود الفلسطيني الميداني لقيادة سياسية بإمكانها ان تستثمره في المحافل الدولية، كما كان في السابق ابو عمار نقول عندها ان عجزا عن الاستثمار في الانتصار قد يفتح الباب لقوى دخيلة تعمل على مزيد تعقيد خلاص فلسطين، وهذا سر الحضور القوي لدور إيراني واخر تركي، وبقي العرب في حدود جمع التبرعات والمساعدات، وحتى الجماهير العربية الانفعالية تراجعت حماستها ومطالبها بالالتحاق بالجبهة وصارت تتابع بحسرة نشرات الاخبار.
تخبط أمريكي/اسرائيلي
عجز اسرائيلي رغم قوة العدوان على إنهاء المقاومة وعجز عن السيطرة ولو على شبر واحد من غزة ينضاف إليه عجز عن فرض التهجير خارج فلسطين لينضاف عجز على مزيد التحشيد الدولي، فالعالم الغربي الذي منح إسرائيل الحق في العدوان بدأ صبره ينفذ وبدأ رأيا عاما يتشكل لديه يدعو لإيقاف الحرب وبدأ التصدع داخل بعض حكوماته فيما غابت “الحكمة ” عن القيادة الأمريكية التي تعيش ضغط الاستحقاق الرئاسي القادم، وبدت فاقدة لبوصلة الحل والمبادرة /خلف النزاع العسكري كحل سياسي يضمن لإسرائيل النصر والسلام مع الفلسطينيين، في ان وبقي الدور في حدود إيجاد حل للأسرى وكأن الدور الأمريكي صار خلف القرار الاسرائيلي ومستقبل نتنياهو أولوية على مستقبل بايدن ..
القضية دولية انسانية
لاشك ان ما يحدث مع /وفي فلسطين يشغل كل العالم على الرغم من ان أمريكا كانت على الدوام وحدها راعية حرب إسرائيل ووحدها راعية “السلام “، وهي تنعم بهذه الاسبقية لان العرب كانوا لا يرون شريكا لهم غيرها، منذ عقود خلت إلى آخر قمة قرر فيها العرب استدعاء زلنسكي رجل الغرب في حربهم على روسيا، والى حد هذه اللحظة لا نرى المفاوض الرسمي العربي يرغب في توسيع أطراف “الحل والعقد “بتشريك واشتراط قوى كروسيا والصين وجنوب أفريقيا وغيرها في رعاية اي مفاوضات محتملة بين العرب والاسرائيليين.
بل العكس تماما يسعون لان تستفرد بهم أمريكا وحتى التقدم الأخير تجاه إيران ليس لدعم الموقف التفاوضي بقدر ما هو استدراجها للنزاع حتى تأخذ مستقبلا حصتها في العقاب و هو يبدو ما فهمه “حزب الله “فجاءت مواقفه عكس كل التوقعات ..
هل صارت أوروبا عاجزة على قول لا.. من يراهن على أوروبا في نصرة فلسطين او غيرها أمام العدوان الأمريكي، فهو واهم و من يعتقد في ان قرار قادة الغرب مستقل عن القرار الأمريكي، فهو وأهم أيضا ومن يعتقد ان قيما انسانوية تحكم ساسة الغرب خارج سطوة راس المال والعولمة والسعي المحموم لنهب الثروات فهو واهم أيضا، وأوروبا الرسمية هي الآن ذليلة بمثل ماهي علية الأمة العربية الرسمية، بل ان التفكير في الخروج عن نتائج الحرب العالمية الثانية بالنسبة لأمريكا هو اعلان اوروبي للحرب عليها، ونفهم هذا جيدا في ما حدث مع روسيا على خلفية نزاعها مع اوكرانيا.
إذ أن أوروبا مقتنعة بان مصلحتها مع روسيا ومع ذلك ضحت بمصلحتها لإرضاء أمريكا وهي اليوم تقبل بمعادات كل شعوب المنطقة العربية ليس ارضاء لإسرائيل بقدر ما هو خنوع للولايات المتحدة الأمريكية..
وان جاز لنا أن نلخص الأمر نقول أوروبا ماتزال بعيدة على التخلص من مقررات الحرب العالمية الثانية واسرائيل ماتزال بعيدة على النصر على فلسطين و المقاومة ماتزال بعيدة على إزاحة إسرائيل و العرب ما يزالون شعوبا وحكومات بعيدين كل البعد عن صناعة التاريخ
Comments