رئاسيات تونس .. نحو عهدة ثانية (تقدير موقف)
كتب: منذر بالضيافي
برغم اهمية هذا الاستحقاق الانتخابي، فإنني لا ارى ان هناك “رهان” كبير حوله، اقول هذا وانا أطل علي المشهد السياسي و المجتمعي في تونس، قبيل الرئاسيات المقبلة ( المقررة للخريف القادم من السنة الجارية).
#الخبر: أعلنت #جبهة_الخلاص الوطني مقاطعتها #الانتخابات_الرئاسية القادمة في #تونس.
وقال رئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي، في مؤتمر صحفي الثلاثاء، إن “الجبهة ترفض المشاركة نظرا إلى عدم توفّر شروط انتخابات نزيهة وديمقراطية”.
وأضاف الشابي: “#جبهة_الخلاص لن ترشّح أي أحد للانتخابات الرئاسية من داخلها أو خارجها”..
#تعليقنا: أنا كما سبق وان ذكرت منشغل بالتحولات الكبرى الجارية في العالم، وهي تحولات مركبة ومعقدة وغير مسبوقة في تاريخ البشرية، وأقدر انه سيكون لها تأثيرا كبيرا على بلدنا الصغير جغرافيا و المهم استراتيجيا.
في علاقة بالاستحقاق الرئاسي القادم وتفاعلا مع قرار #جبهة_الخلاص_الوطني المقاطع – المتعلل بعدم وجود مناخ مناسب- اريد الإشارة إلى الملاحضات التالية:
#اولا، تونس كما سبق وان كتبت، في هذا الفضاء وفي مقالات مطولة ، وصرحت للإعلام الاذاعي و التلفزيوني في الداخل و الخارج، قد دخلت منذ اكتوبر 2019 واساسا بعد 25 جويلية 2021، في مرحلة جديدة تقطع في اسلوب الحكم مع العشرية السابقة لها.
و أنا اطل على موعد الانتخابات الرئاسية قبل اقل من نصف سنة، اقدر ان الشروط و السياقات الاجتماعية و السياسية التي اتت بهذه المرحلة ما تزال مستمرة، و ايضا سوف تستمر وتتمدد على المدى القريب و المنظور، وهذا ليس مجرد راي، بل خاضع لواقع ماثل امامنا، بعيدا عن ” العنتريات ” و ” اللغو النضالي”..
#ثانيا: مرد “الرأي/ الموقف” السابق، والذي مفاده ان البلاد دخلت مرحلة جديدة تقطع مع كل سابقاتها، هو ان “الطبقة السياسية القديمة”، احزاب و سياسيي ما قبل الثورة وبعدها ، وهو ايضا حال الإعلام و غالبية مكونات المجتمع المدني، و المنظمات الوطنية الكبرى – اتحادي الشغل و الاعراف- قد اصبحت كلها من الماضي، و لا حظوظ لها في العودة لحكم تونس مستقبلا – الاحزاب- أو المشاركة فيه – اتحاد الشغل-.
“اعني بالطبقة السياسية القديمة”، كل الاحزاب و السياسيين ( زمن حكم بن علي) وبعد الثورة ( عشرية الانتقال الديمقراطي الفاشل).
#ثالثا: لقد عجز المهتمون – لا يرتقون للفاعلين أصلا – بالحقل السياسي خلال ” عشرية الديمقراطية ” ، على تأسيس بنية سياسية ( احزاب ديمقراطية وجماهيرية لها رؤية و قيادة منتخبة)، كما عجزوا عن بناء مؤسسات تحمي “المسار الديمقراطي ” (المحكمة الدستورية).
وكانت الاولوية المطلقة لهم متمحورة حول الصراع على السلطة ، لا حول بناء ” تجربة ديمقراطية”، و لا حول خدمة الناس وتطوير معيشهم، ادارة سياسية نجم عنها أزمة اقتصادية خانقة، كانت لها تداعيات اجتماعية خطيرة انتهت باخراجهم” كلهم” لا من الحكم فقط ، بل من المشهد السياسي و المجتمعي برمته، ليعودوا إلى ” المربع الحقوقي”، مثلما كان الوضع قبل ” ثورة 14 جانفي”.
وهو ما نجم عنه، حصول قطيعة بين ” الطبقة السياسية ” و “الجمهور / الناس” ما تزال مستمرة لليوم-، والتي ترجمت بصعود رئيس من خارج “المنظومة السياسية القديمة” ، هو أصلا في قطيعة معها ورافض لها منذ إعلان اهتمامه بالشأن العام ( تصريح شهير للرئيس سعيد في سنة 2012، دعا فيه لرحيل كل الطبقة السياسية ).
#رابعا: في علاقة بالرئاسية المقبلة، فانه طبيعي ان تكون حظوظ كل مكونات “الطبقة السياسية القديمة” منعدمة، نظرا لاستمرار الشروط والسياقات المجتمعية والسياسية، التي صعدت الرئيس قيس سعيّد، برغم غياب “منجز نوعي”، لكن ” المزاج المجتمعي” ، في غالبيته ما يزال مع الاستمرارية.
وهذا يحيلنا، على ان الشرط الأساسي، الذي يجب ان يكون في المرشح للرئاسيات المقبلة، هو امتلاكه و توفره على حاضنة مجتمعية صلبة، أو قدرته على خلق دينامية مجتمعية ، وهو الأمر الغير موجود ، مع كل من اعلن نيته في الترشح ، سواء من داخل تونس او من خارجها.
#استنتاج: وهذا – المطلب و اعني التفاعل المجتمعي- حصل في رئاسيات سنة 2014 مع الباجي قابد السبسي، و بشكل اكبر مع الرئيس الحالي قيس سعيد، اذ تحول ترشحه لانتخابات سنة 2019 إلى ” فزعة” مجتمعية، أكدتها المشاركة الشعبية القياسية.
من هنا وبناء، على كل ما تقدم ، وفي غياب دينامية مجتمعية تصاحب كل المرشحين المفترضين، وقبل الخوض أصلا في شروطها ومناخاتها، فان السيناريو المرجح عندي للانتخابات الرئاسية المقبلة، هو اعادة انتخاب الرئيس سعيد لعهدة جديدة.
وهو الذي ما زال محافظاً على ” حاضنة شعبية” ، و دعم من شرائح مهمة من المجتمع ومن مؤسسات الدولة، وذلك بصفته مرشح متوقع لدورة ثانية – وهو في موقع رئيس -، وهي أسبقية و افضلية موجودة في ابرز واهم الاستحقاقات الانتخابية الرئاسية عبر العالم.
Comments