رئاسيات 2019 .. المترشحون المنهزمون بين التقاعد والاستمرار
هشام الحاجي
تقترب الساعة الصفر للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها و هو ما يزيد في رفع وتيرة الاستعداد لدى المترشحين و في اهتمام الراي العام و المتابعين للشأن العام . و مع الاقرار بأهمية منصب رئيس الجمهورية و دوره على المستوى المجتمعي فانه من الصعب التغافل عن اهمية “الرهان الذاتي ” المرتبط بكل مترشح لهذا الاستحقاق .
ان الترشح يمثل في حد ذاته تحقيقا لمجد شخصي و تطلعا الى اعلى هرم في السلطة و الى موقع لم تفقده محدودية الصلاحيات كما حددها الدستور بريقه و سطوته التي تتغذى من مخيال ثقافة سياسية ابوية و هرمية.
و لكن يدرك الجميع ان كرسي رئاسة الجمهورية لا يمكن في كل الاحوال ان يتسع لأكثر من شخص واحد و هو ما يعني انه على بقية المترشحين الاقرار مع الاعلان عن النتائج النهائية و استيفاء كل اشكال الطعن الممكنة الاقرار بالهزيمة و دخول مرحلة جديدة في مسارهم السياسي .
لا شك انه من الصعب ان تكون لكل المترشحين الذين لم يسعفهم الناخبون و الناخبات بالوصول الى قصر قرطاج نفس السبل في المستقبل و ذلك لاختلاف السياق الفردي لكل مترشح و مترشحة .
و ما دامت الحياة السياسية لا تخلو من توقعات و رسم “سيناريوهات” و انه من الصعب فرض نقطة نهاية او عتبة تقاعد اجباري على رجل السياسة فانه بالإمكان القيام بتمرين توقعات لاهم المترشحين من خلال افتراض عدم تمكنهم من الفوز في الانتخابات الرئاسية .
يمكن الانطلاق في رسم التوقعات من مترشح “اللحظات الاخيرة ” و “العصفور المباغت ” لحركة النهضة عبد الفتاح مورو الذي يمثل ترشحه تتويجا لمسيرة من العمل في “الحركة الاسلامية ” انطلقت منذ سبعينات القرن الماضي و تمكن فيها مورو من الحفاظ على مواقع متقدمة حتى في الفترات التي كان فيها مختلفا مع اغلب القيادات .
عبد الفتاح مورو لن يعود في صورة فشله الى عضوية مجلس نواب الشعب و يصعب ان يحافظ على موقع متقدم في قيادة النهضة عقب مؤتمرها الوطني المنتظر في ربيع 2020 . و اذا ما اضفنا الى ذلك عامل السن فان ذلك يعني ان عدم دخول قصر قرطاج سيدفع مورو لاعتزال الحياة السياسية او الاكتفاء في افضل الحالات بدور شرفي .
نفس الفرضية تنطبق الى حد كبير على منصف المرزوقي الذي يخوض غمار هذا الاستحقاق للمرة الثانية على التوالي و الذي قد لا يسعفه عامل السن و ايضا تراجع حضور حزبه بالتطلع لترشح ثالث على التوالي .
لا يختلف حال عبد الكريم الزبيدي في هذا المجال كثيرا عن حال مورو و المرزوقي و هو الذي قادته سياقات وفاة رئيس الجمهورية المباشر الباجي قائد السبسي و صراعات الاجنحة و الاشخاص في محيط السلطة السياسية لان يصبح مرشحا له حظوظ في الفوز . نفور عبد الكريم الزبيدي من العمل السياسي خاصة صلب الاحزاب الى جانب عامل السن و صعوبة تصور قبوله بان يكون بعد الانتخابات وزيرا او رئيسا للحكومة عوامل تدفع في اتجاه توقع تفضيل الزبيدي الانسحاب من الحياة السياسية .
في المقابل فان الامر يختلف بكل تأكيد بالنسبة للمترشحين الذين يسعفهم العمر و ايضا امتلاك “باتيندة حزبية ” بالاستمرار في اللعبة السياسية و انتظار ايام افضل . من هؤلاء نبيل القروي الذي استطاع ان يعبر بسلاسة من الاعلام و العمل الخيري الى الحقل السياسي و قد تمنحه الانتخابات التشريعية من خلال حزب “قلب تونس” امكانية المراهنة على رئاسة الحكومة و في كل الحالات مواصلة العمل من اجل خوض استحقاقات انتخابية رئاسية و تشريعية في المستقبل .
ما ينطبق على نبيل القروي ينطبق الى حد كبير على “غريمه السياسي” يوسف الشاهد الذي قد يسعفه صغر سنه مقارنة ببقية المترشحين على البقاء في الساحة السياسية و على مواصلة العمل من اجل مستقبل افضل .
و لا يمكن عند الحديث عن فرضيات المستقبل عدم الحديث عن المهدي جمعة الذي يعمل عامل السن لفائدته علاوة على انه يبدو في وضعية افضل من القروي و الشاهد في ما يتعلق بأسبقيته في تأسيس حزب و هو ما يجعل “البديل التونسي ” حاليا و حسب عديد الملاحظين في وضعية افضل نسبيا من حيث التماسك و الجاهزية من “قلب تونس” و “تحيا تونس“.
هشام الحاجي
Comments