"رئاسيات 2019 " .. نبيل القروي في مواجهة منظومة الحكم !
علاء حافظي
يزيد اقتراب موعد التصويت في الانتخابات الرئاسية في تغذية مخاوف الاحزاب و الشخصيات المحسوبة على النظام السياسي الحالي من الهزيمة في ظل ما تشير اليه اغلب استطلاعات الراي التي تقوم بها عدة احزاب لحسابها الخاص من تواصل تصدر نبيل القروي لنوايا التصويت رغم انه يتابع وقائع الحملة من داخل اسوار السجن المدني بالمرناقية .
و هذه الوضعية لا تزعج حركة النهضة و يوسف الشاهد فقط بوصفهما معنيان بالدرجة الاولى بالمواجهة الانتخابية و السياسية و القضائية مع نبيل القروي و التي يمثل ايداع باعث قناة “نسمة ” السجن احد اهم فصولها و منعرجاتها .
بل أنها تطرح اسئلة عميقة حول قدرة النظام السياسي التونسي على التجدد و اعادة انتاج نفسه و هو الذي لم يمض على وضع اسسه الا ثمان سنوات . خلال هذه السنوات القلية نسبيا شهدت تونس خلالها تظافر احداث وطنية و دولية دفعت النظام الجديد الى ما يشبه المأزق الهيكلي الذي قد يصعب تخطيه .
ذلك ان الاحزاب و التنظيمات التي كانت وراء جانفي 2011 و تبنته و احتلت على قاعدة الدعوة للقطيعة مع النظام السابق مقاليد الامور و سيطرت على المرحلة الانتقالية من خلال اغلبيتها في المجلس الوطني التأسيسي قد وجدت نفسها عاجزة على الاضطلاع على الوجه الاكمل بأعباء المرحلة و هو ما جعلها تتخلى عقب هزيمتها الانتخابية في اكتوير 2014 عن السلطة لفائدة حزب اعتبرت انه “رسكلة ناجحة و منظمة للنظام السابق ” و لكنها تعاملت معه في اطار ما عرف بسياسات التوافق .
هذه الوضعية خلقت ما يشبه عملية هيمنة و وضع يد على الحياة السياسية قامت بها حركة النهضة و حركة نداء تونس في مرحلة أولى ثم مع مشتقاته في مرحلة ثانية (تحيا تونس).
لكن هذه العملية لم تكن مثمرة بالنسبة لأوسع الفئات و الطبقات التي لم تفهم تفشي الفساد و تفاقمه في حكومة ترفع شعار مكافحة الفساد و التي لا تنظر لهذا التوافق الا اداة لاقتسام السلطة و المنافع و لتكريس محاصصة حزبية تنمي منطق الريع و الاستفادة من اجهزة الدولة عوض خدمتها .
و لا شك ان نتائج الانتخابات البلدية التي جرت في 2018 قد عبرت عن عمق الفجوة بين الراي العام و الاحزاب السياسية و مثلت رسالة لا تخطئها العين للجميع .
هذه الفجوة يعمقها الى جانب مظاهر العطالة التي برزت على النظام السياسي من خلال حالة من الفتور في علاقة الفاعلين السياسيين بالراي العام ، الذي هيمن عليه الاعتقاد ان الطبقة السياسية تريده اداة لبسط نفوذها و تكريس هيمنتها، دون ان تكون مهتمة فعلا بخدمته و تحسين مستوى عيشه
و هي الثغرة التي يتسرب منها في كل انحاء العالم خطاب مناهضة للنسق يطلق عليه “الشعبوي”، ليكتسح المجال و ليمارس سياسة القرب في كل ابعادها، على غرار ما حصل مع تجربة نبيل القروي، و الذي تعطيه جل استطلاعات الرأي تقدما في رئاسيات 2019، برغم أنه يقبع في سجن المرناقية، ولم يسمح له بالقيام بحملته الانتخابية.
و ما دام تأزم النموذج السياسي القديم قد انتج في ايطاليا و اوكرانيا و عدة بقاع من العالم شخصيات هزمت النسق باستعمال ادواته فمن الممكن ان تتكرر التجربة في تونس الا اذا استطاعت القوى المالية و السياسية التي تسند من الخلف محليا و دوليا التحرك السريع لإنقاذ النسق.
Comments