رئيس «حكومة الرئيس" .. و اختبار احترام الانتخابات والدستور
هشام الحاجي
يبقى التساؤل حول الشخصية، التي سيعهد لها رئيس الجمهورية قيس سعيد، بتشكيل الحكومة الجديدة ، أهم ما يشغل الطبقة السياسية في هذه الساعات، التي تفصلنا عن كشف الرئيس عن الشخصية التي اختارها والتي سيعلن عنها غدا الاثنين 20 جانفي 2020.
و تتأتى أهمية التساؤل من طبيعة العلاقة “الغامضة” التي يقيمها رئيس الجمهورية مع المؤسسات و الدستور.
فهو المكلف نظريا باحترام الدستور ، لكن ذلك لم يمنعه عمليا من الاستخفاف بالدستور، من خلال التصريح بأن الدستور هو الذي كتبه الشباب على الجدران.
و هو الذي يحترم شكليا الاحزاب السياسية و يستشيرها، و لكنه يتسلم مقترحات الأحزاب على أبواب قصر قرطاج، و بطريقة غير مسبوقة و في عمقها رسالة ازدراء و احتقار للاحزاب السياسية.
رئيس الجمهورية لا يجد حرجا من أن يرفض مساعدوه دعوة لجان مجلس نواب الشعب، في واقعة غير مسبوقة في تاريخ تونس و مؤسساتها.
إستعراضنا ما سبق من شواهد و معطيات يعني لنا بوضوح أن قيس سعيد قد يلقي عرض الحائط مقترحات الأحزاب، و قد يرشح شخصية لا علاقة لها من حيث الانتماء أو الوشائج بأهم الكتل البرلمانية ، خاصة و أن بعض الأحزاب التي لا تملك حضورا كبيرا ، قد مهدت له الطريق من خلال إقتراح اسماء تندرج ضمن هذا التصنيف كعماد الدايمي و إلياس الفخفاخ.
هذان الاسمان يتم تداولهما، رغم انهما ينتميان لحزبين يعانيان من حالة انعدام وزن سياسي لافتة، علاوة على ان الياس الفخفاخ قد خرج في الإنتخابات الرئاسية، بواحدة من اضعف النتائج، و حين نضيف إلى ذلك حالة التوتر المعلنة بين عماد الدايمي، و الاتحاد العام التونسي للشغل.
و هو ما يعني أن المرشحين ينطلقان بصعوبات إضافية قد تضعف حظوظهما في تحقيق الأهداف المطلوب تحقيقها.
قد تشجع حالة الضعف و الوهن التي تعيشها الاحزاب و خشية النواب من إمكانية حل البرلمان قيس سعيد على الاستهانة بالتوازنات السياسية، التي افرزتها الانتخابات الأخيرة و هو الذي لا يملك ما يخسر في صورة ما مضى في احراج الأحزاب إلى مداه ، بل قد يكون لدى المحيطين به تطلع إلى لحظة إعادة الإنتخابات التشريعية، حتى يهيمن شعار “الشعب يريد “على المؤسسة التشريعية المقبلة.
و لكن هذا التمشي قد يزيد في إرباك المؤسسات و قد يفتح الباب في ظل الوضع الإقتصادي و الإجتماعي المتأزم أمام الانزلاق نحو الفوضى و المجهول، و هو ما يتنافى في العمق مع الدور المنوط برئيس الجمهورية، و هو حماية الأمن الوطني و السلم الاجتماعي و حماية المؤسسات و الدستور.
Comments