راشد الغنوشي .. الرجل القوي
خديجة زروق
اليوم يمكن القول أن ” التيار الإصلاحي في النهضة زوبعة في فنجان”، فغالبا ما اختفت وراء شعارات الإصلاح في بلادنا محاولات لإخفاء ضعف أصحابها و عدم قدرتهم على التأثير الفعلي في مجريات الأحداث.
و إذا كان المجال لا يسمح باستعراض عدة حالات من التاريخ السياسي التونسي المعاصر فإن ما تعيشه حركة النهضة في الأشهر الأخيرة يمكن أن يكون التجسيد الأمثل لما تحمله بعض ” دعاوى الإصلاح ” في داخلها من ضعف في قراءة اللحظة و من قدرة على التأثير الفعلي. يمكن التوقف عند انسحاب حمادي الجبالي و خاصة عند استقالة عبد الحميد الجلاصي التي ارتبطت برسالة مطولة توجه بها “رجل الجهاز ” .
كما كان يحلو للمقربين منه وصفه إلى أبناء و بنات حركة النهضة و خاصة إلى رئيسها راشد الغنوشي ليحاول الايهام ضمنيا أن رئيس الحركة قد أصبح عائقا أمام تطورها و أنه مدعو بالتالي للانسحاب.
رسالة عبد الحميد الجلاصي التي حظيت بتغطية إعلامية تحسب للسياق الذي نعيش فيه و مكنتها من الوصول إلى كل النهضويين و النهضويات لم تحدث أدنى رد فعل و كان التفاعل معها ضعيفا إلى الحد الذي جعلها تتحول عمليا إلى عامل يدعم حضور راشد الغنوشي إذ أكدت أنه يحظى برضا قطاعات واسعة جدا من إطارات و قواعد حركة النهضة.
و لكن يبدو أن الذين أمضوا على ما أضحى يعرف بوثيقة المائة لم يقراوا جيدا الفشل الذي حالف عبد الحميد الجلاصي فوجهوا رسالة لرئيس الحركة لا تمثل في جوهرها توجها نحو الإصلاح بل ” ابتزازا ” انتخابيا و هو ما تفطن له إطارات الحركة الذين لم يسايروهم و هو ما جعلهم ينشرون اليوم رسالة مطولة موجهة بصفة غير مباشرة لراشد الغنوشي و تمثل في جوهرها ” اعتذارا ” عن الرسالة السابقة منها و ” تنصلا مهذبا ” من كل التقييمات التي حاولوا تسريبها إلى القواعد النهضوية.
إن التمشي المنطقي يقوم على أخذ خصوصية كل حركة سياسية بعين الاعتبار عند قراءة حاضرها و توقع مستقبلها و القراءة الموضوعية تبرز أن راشد الغنوشي يظل الشخصية المحورية في حركة النهضة و يبدو أن الأمر سيتواصل لفترة أخرى.
Comments