الجديد

راشد الغنوشي .. "الشيخ" في عين العاصفة !  

هشام الحاجي
أكد راشد الغنوشي مرة أخرى، أنه من أكثر الشخصيات السياسية قدرة على المناورة، و على “قلب الطاولة “في اللحظات الأخيرة ، و ذلك من خلال سحبه البساط مطلع هذا الأسبوع، من تحت رئيس الجمهورية قيس سعيد ، الذي كان قريبا من أن يمسك بخيوط التفاوض في اللحظات الأخيرة، من مخاض ولادة متعسرة لحكومة طال انتظارها.
راشد الغنوشي الذي احرج قيس سعيد و الأحزاب،  التي لم تبتعد عن مشروع “حكومة الرئيس ” ، قد يكون حقق انتصارا تكتيكيا لا يمكن الجزم أنه قادر على تحويله، إلى مكسب على المستوى الاستراتيجي.
ذلك أن راشد الغنوشي ليس حاليا مجرد رئيس حركة سياسية، بل هو رئيس أهم مؤسسة دستورية في تونس، و من هذه الزاوية فإن خلافه مع قيس سعيد، قد تكون له تداعياته على الاستقرار السياسي.
حتى نكون منصفين فإن فتور العلاقة بين قيس سعيد و راشد الغنوشي، لا يتحمل مسؤوليته رئيس حركة النهضة  لوحده، لأن توجه قيس سعيد لإعادة بناء النظام السياسي، يمثل عقدة هذا الفتور و التوجس، و لأن العلاقة بين قيس سعيد و النهضة تقوم على تبادل المخاوف، و الهواجس.
اذا كان قيس سعيد، قد قبل الهزيمة مؤقتا فلا شيء يفيد أنه لن يرد الفعل، و هو الذي يشير المقربون منه، إلى أنه عنيد في طبعه ، و إلى أنه يرفض أن يكون رئيسا صوريا ، خاصة و أن بعض المقربين منه، شرعوا في الإعداد لتأسيس حزب سياسي، قد يغير اسس المعادلة السياسية.
المناورة التي نجح فيها راشد الغنوشي،  فرضت عليه العودة الى التقاطع مع نبيل القروي،  و قلب تونس، و هو ما يجعله في ما يشبه القطيعة النهائية مع الأحزاب، التي تصر على أنها تمثل الخط الثوري، و التي تمتلك حضورا هاما في مجلس نواب الشعب و خارجه، و هو ما يعني أن واجهة أخرى ستفتح ضد راشد الغنوشي و قد تستنزفه، و هي التي لا يخفي بعض رموزها صلتهم الوثيقة بالخط المعارض لراشد الغنوشي داخل حركة النهضة.
داخل حركة النهضة، استطاع راشد الغنوشي، أن يحقق عدة مكاسب في مواجهته التي أصبحت معلومة ضد خط يعتبر نفسه المعبر الحقيقي عن هوية الحركة. و لكن الامتحان الحقيقي في هذا المستوى،  هو امتحان المؤتمر القادم للحركة، و الذي يجد راشد الغنوشي نفسه مدعوا من الناحية النظرية للتخلي عن رئاسة الحركة، و هو ما لا يبدو متأكدا في ظل تسرب معلومات مفادها أنه يعمل من أجل تأجيل المؤتمر سنة على الأقل .
يجد راشد الغنوشي  نفسه في نهاية حياته السياسية في صدارة المشهد السياسي، و في وضعية حقق من خلالها أهم أهداف الحركة ، التي كان من أهم مؤسسيها منذ ستينات القرن الماضي، حقق جانبا كبيرا من طموحاته الشخصية، قد يكون اكبر رهان استراتيجي يواجهه الأن هو  الصورة و الحصيلة اللذان سيتركهما للتاريخ.

هشام الحاجي [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP