رضا بلحاج يكتب عن “ضرورة منح الثقة لحكومة الفخفاخ”
كتب: رضا بلحاج *
يوم الأربعاء 26 فيفري الجاري ستنتظم جلسة عامة بمجلس نواب الشعب قصد التصويت بمنح أو بعدم منح الثقة لحكومة الياس الفخفاخ، بعد ما يقارب الأربعة أشهر من المفاوضات والمشاورات، نصفها استغرقتها مشاورات المكلف الأول حبيب الجملي والبقية لإلياس الفخفاخ .
بالرغم من عديد السلبيات ( وبعضها خطير ) التي رافقت تشكيل هذه الحكومة وأهمها :
*** توجه واضح نحو نظام رئاسي فعلي يصبح فيه رئيس الحكومة مجرد وزير أول وانتقال الثقل السياسي بين يدي رئيس الجمهورية حيث أصبح رئيس الجمهورية طرفا في تشكيل الحكومة .
*** الإئتلاف على نتائج الصندوق وتحول أحزاب لم تحصل على الأغلبية وكانت في أسفل الترتيب إلى تصدر المشهد والفوز بحقائب وزارية تفوت حجمها الإنتخابي .
*** تجاهل التوازن الجهوي في توزيع الحقائب الوزارية .
*** عدم احترام مبدأ التطابق بين الأغلبية البرلمانية والأغلبية الحكومية باعتبار أن الأغلبية البرلمانية تقوم على التحالف بين حركة النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة في حين أن الأغلبية الحكومية هي أغلبية الأطراف المكونة للحكومة.
وبالرغم من كل هذه الهنات، فإن منح الثقة لهذه الحكومة يعتبر ضرورة للاعتبارات التالية:
*** إن عدم منح الثقة لهذه الحكومة وبقاء حكومة الشاهد ( سواء حل المجلس أولم يحل ) يفتح الطريق لمغامرات يوسف الشاهد الذي استطاع أن يسقط حكومة الجملي ولن يفوت الفرصة لإسقاط حكومة الفخفاخ إن توفرت فرصة سانحة بالرغم من موقفه الظاهر المساند لمنح الثقة لها .
وهذه الخطة إن كتب لها النجاح ستمكن الشاهد من البقاء في منصبه لمدة يمكن أن تكون طويلة نسبيا وربما ستمكنه من فرص ذهبية للاستئثار بالسلطة وهو الذي أصبح يتقن استعمال السلطة في صورة تنظيم انتخابات سابقة لأوانها.
إن عدم منح حكومة الفخفاخ الثقة سيدخل البلاد في شبه فراغ مؤسساتي خصوصا السلطة التشريعية في صورة حل البرلمان وسيمكن رأسي السلطة التنفيذية ( رئيس الدولة ورئيس الحكومة ) من سلطات واسعة من بينها صلاحيات الفصل 70 من الدستور أي التشريع بواسطة المراسيم في صورة حل البرلمان وغيرها من الصلاحيات الواسعة وهو ما سيفتح الباب واسعا للحكم المطلق لرأسي السلطة التنفيذية .
لقد عشنا فترة غياب المؤسسات وخصوصا التشريعية منها بين 14جا نفي 2011 إلى تاريخ تاريخ انتخاب المجلس الوطني التأسيسي مع فرق كبير هو وجود المرحوم الباجي قايد السبسي والرئيس فؤاد المبزع على رأس السلطة التنفيذية آنذاك، اذ إستطاعا معا أن يؤمنان الانتقال الديمقراطي، ولم يفرطا في استعمال الصلاحيات التي منحها لهما القانون المنظم للسلط العمومية، بل عكس ذلك أصدرا المراسيم لتسهيل واستعجال تركيز المؤسسات المنتخبة وتسليم السلطة لها.
اليوم الوضعية تختلف نحن بين فكي كماشة رئيس حكومة تصريف أعمال يترصد الفرصة للانقضاض على السلطة باستعمال جميع الوسائل، ورئيس دولة يحاول الانحراف بالدستور لتنفيذ مشروعه الرئاسوي.
لذلك فإن منح الثقة لحكومة الياس الفخفاخ هو إنقاذ للانتقال الديمقراطي وتحصينه من مخاطر حقيقية.
** قيادي مؤسس لحزب “نداء تونس”
Comments