الجديد

ريبورتاج: العاملات في القطاع الفلاحي .. متفانيات رغم المعاناة وغياب الحقوق

التونسيون- وات

لا ساعات الصيام الطويلة، ولا انتشار فيروس كورونا، ولا البرد، ولا المطر، ولا حرارة الشمس وتقلب الطقس، ولا حوادث الطرقات نجحت في إثناء آلاف العاملات في القطاع الفلاحي من مختلف مناطق سيدي بوزيد عن الخروج الى العمل يوميا في ساعات الفجر الاولى وركوب شاحنات تقلهن الى الضيعات الفلاحية، أين يتنتشرن على امتداد البصر ويشرعن في اقتلاع قوت أطفالهن بسواعدهن المتعبة التي انهكتها الظروف الاجتماعية المتردية وغلاء المعيشة.

الخوف والارهاق

تخرج مباركة خضراوي (42 سنة) باكرا من منزلها وتمشي حوالي 3 كلم لتصل لشاحنة نقل العاملات، قالت أخرج وحدي وأعاني الخوف من أي حركة أو صوت يصل الى مسمعي الا أني مضطرة للعمل لأن زوجي مريض لا يقدر على المشي، وتابعت العمل الفلاحي مضن ولكني مضطرة للعمل ولا حلول أخرى لدي.

الزراعة، ونبش التراب، والري واقتلاع الحشائش، وجني المنتوج، هي أعمال شاقة الا أن النساء تعودن عليها وتربة الارض لانت لاصابعهن رأفة بهن من مشقة العمل وهن بنات، ونساء، ومسنات، يصارعن من أجل لقمة العيش ولا تثنيهن كل المشاق والعراقيل والظروف على العمل.

ارادة تتحدى الموت

واصلت فتحية خضراوي وهي أم لـ6 أطفال العمل في الضيعات الفلاحية رغم أن شقيقتها توفيت في حادث العاملات في القطاع الفلاحي بمعتمدية السبالة في شهر أفريل من سنة 2019، والذي خلف 13 ضحية، وبحزن قالت كانت شقيقتي تعيل صغارها وفارقتهم بلا رجعة.

تحية خضراوي أكدت أنها مجبرة على العمل مهما كانت الظروف وستواصل العمل حتى والموت يترصدها لأنها تعمل من أجل صغارها.

كرت فتحية خضراوي أنها منعت بنتيها من الدراسة لتعملا في القطاع الفلاحي وهما في سن 15 سنة و13 سنة، وان عائلتها قد تركت منزلها وانتقلت لتسكن وتعمل في احدى الضيعات الفلاحية، واكدت ان الظروف الصعبة وعدم توفر مواطن شغل تجبر عائلتها على العمل الفلاحي للحصول على ما يسد رمق افرادها.

حسرة قالت إن بنتيها تلومانها على اضطرارهما الانقطاع على دراستها، الا انها لا تملك لا حلولا ولا مالا لتدريسهما .

في صبر تتقوس ظهورهن لتبعد أياديهن الاتربة المتجمعة فوق نبتات الفلفل منحنيات طوال ساعات العمل دون كلل أو ملل أو تذمر.

ظروف قاسية وأجور متدنية

العاملة في القطاع الفلاحي، الهانية محمودي، عمرها 57 سنة عائلتها وتتكون عائلتها من 8 افراد وتعاني من ظروف قاسية ولم تحظ بمساعدات اجتماعية مما اضطرها للعمل في القطاع الفلاحي بأجر زهيد لا يتجاوز 12 دينارا تساعد به عائلتها وأطفالها ليكملوا دراستهم.

التنقل في ظروف غير ملائمة وأحيانا مهينة وتعرض حياتهن للخطر، مشقة العمل والاجر الزهيد وغياب التغطية الصحية والاجتماعية وطول ساعات العمل اضافة الى المسؤولية تجاه العائلة والاطفال وأعمال البيت هي حياتهن اليومية.

أكد يوسف محمدي (فلاح) أن العاملات في القطاع الفلاحي يتعرضن لمعاناة كبيرة ويعشن ظروفا سيئة للغاية اذ يستيقظن بداية من الثالثة صباحا ويركبن الشاحنة دون حماية ولا تتوفر لهن الظروف الملائمة حتى للجلوس في عربة الشاحنة، ويضطررن للوقوف، ويعانين البرد، وحال وصولهن يبحثن عن الحطب لاشعال النار لنيل بعض الدفء، ويجبرن على دفع 4 دنانير اجرة التنقل لصاحب السيارة ولا يبقى من اجرتهن الا 11 دينار، رغم أن القطاع الفلاحي يقوم على سواعد النساء وهن ركيزته، وسيتوقف القطاع الفلاحي في حال تخلت عنه النساء.

الفلاحة قطاع مريض

ولفت يوسف محمدي الى أن القطاع الفلاحي يعاني من عدم توفر الكهرباء، وعدم توفر الأدوية، وغلاء المواد الأولية، وعدم توفر مادة الأمونيتر وفقدانها في بلد ينتج الفسفاط وكان يحتل المراتب الاولى عالميا في انتاجها.

ومن جانبه، أوضح الكاتب العام المساعد بالاتحاد الجهوي للشغل بسيد بوزيد، لزهر الغربي، لـوات ، أن وضعية المرأة العاملة في القطاع الفلاحي في سيدي بوزيد لا تختلف عن وضعية النساء العاملات في القطاع الفلاحي في بقية الولايات وهي وضعية مزرية وكارثية، وهو ما دفع الاتحاد الجهوي للشغل بسيدي بوزيد عبر قسم التكوين النقابي والتثقيف العمالي بالشراكة مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وجمعية الحراك الثقافي بالرقاب لانجاز برنامج خلال الفترة الأخيرة يتمثل في تنظيم ورشات عمل في المناطق التي تتواجد فيها العاملات في القطاع الفلاحي في معتمديات المزونة، والرقاب، والسبالة، وجلمة، وسيدي بوزيد الغربية بهدف طرح مسألة التنظيم النقابي لفائدتهن، لأن ملف العاملات في القطاع الفلاحي قد تم تناوله بكل تفاصيله والدولة اتخذت اجراءات لفائدتهن لكن النساء مازلن في وضع كارثي.

شغل شاق .. بلا ضمانات وبلا حماية

وأكد أن الاتحاد الجهوي للشغل يعمل على الاهتمام بالنساء العاملات في القطاع الفلاحي وتمثيلهن نقابيا لتعريف العاملات بحقوقهن والدفاع عن مصالحهن المادية والمعنوية بما في ذلك مسألة الأجر، وساعات العمل، والتغطية الاجتماعية، والحماية من حوادث الطرقات.

يذكر أن ولاية سيدي بوزيد توفر ثلث الانتاج الوطني من الخضر وتحتل المراتب الاولى وطنيا في عدة منتجات فلاحية أهمها انتاج الالبان، وحسب احصائيات الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بسيدي بوزيد فإن نسبة اليد العاملة النسائية في القطاع الفلاحي تتجاوز 90 بالمائة من اليد العاملة الجمالية في هذا المجال بالجهة. ”

 

 

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP