الجديد

شروط كسب “الحرب” على فيروس كورونا

الطيب اليوسفي

مقاومة الأوبئة هي تماما كالحرب، التي تقتضي حكمة القيادة وتبصرها وشجاعتها ، والقدرة على حسن التخطيط والتدبير، وعلى الاستباق واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، واستنباط الإجراءات الضرورية، والتدابير العملية، وعدم ترك أي شيء للصدفة كما تقتضي تعزيز الجبهة الداخلية، وتكتل الجهود والطاقات، وتسخير كل الإمكانيات والوسائل المتاحة، في إطار التعبئة العامة.

كما تتطلب كذلك الانضباط، وتجند الجميع لتحقيق النصر بأقل ما يمكن من الضحايا، ومعاملة  كل من يخالف التعليمات والترتيبات معاملة الخائن والمجرم ،ومن متطلبات الحرب سد المنافذ التي يمكن ان يتسلل منها العدو، والحيلولة دون تغلغله خلف جبهة القتال وانتشاره وراء الخطوط الأمامية.

وتفادي أن تتحول المعركة من الفعل إلى رد الفعل، ومن المبادرة إلى التلكؤ ، بما يمكن ان ينجر عن ذلك من لخبطة وفوضى وخسائر جسيمة، وتبعات خطيرة كل ذلك وأكثر يجب ان يتوفر في الحرب، على وباء فيروس كورونا لنكسبها بأقل التكاليف، ولنتفادى الكارثة .

كما يجب القطع مع كل ما يمكن ان يشغل فيالق الحرب من طواقم طبية وشبه طبية وكفاءات وخبرات ومؤسسات معنية واطارات وأعوان، يشغلها عن التركيز على التصدي للخطر الداهم،  وكسر شوكته والتقليص من خطورته قبل دحره.

فلا مبنى ولا معنى ولا جدوى في هذا الوقت بالذات للحسابات الشخصية، وتسجيل النقاط واختلاق تنازع الاختصاص، من خلال ما يصدر من أقوال وتصريحات وبيانات على غرار ما ورد في البلاغ الصادر بعد استقبال رئيس الجمهورية لرئيس الحكومة، والذي جاء فيه بالخصوص “التأكيد على احترام كل سلطة لاختصاصاتها دون تداخل أو تضارب أو مضاربات سياسية”.

بالمناسبة،  هل يعقل أن لا يكون وزير الصحة حسب ما جاء على لسانه ليس على علم بموضوع المساعدة الطبية الصينية، التي تحدث عنها بلاغ لرئاسة الجمهورية ، ما اغنانا عن مثل هذا السلوك في وقت يتطلب التنسيق التام والتعاون والتكامل بين أجهزة الدولة ومؤسساتها وهياكلها، والتخلي عن المناكفات والمزايدات.

إن مقاومة الوباء الزاحف حرب ضروس من المفروض أن لا صوت يعلو فيها فوق صوت المعركة المقدسة، التي تتطلب التأهب التام والنفير العام للتصدي لعدو شرس، وبعد أن تضع الحرب أوزارها يأتي وقت الحساب ليجازي ويكرم الأشاوس والابطال وليتم التشهير بالمتخاذلين والمتقاعسين.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP