شعار البطحاء اليوم: “مُغرضات مُغرضون للتمديد رافضون”
شعبان العبيدي – بطحاء محمد علي
جدّت اليوم ببطحاء محمد علي وقفة للقوى الديمقراطية النقابية انطلاقا من السّاعة العاشرة صباحا رافضة لتنقيح الفصل العشرين من القانون الأساسي للمنظمة الشغيلة، وكانت وقفة جماهرية محترمة في ظلّ الوضع الاستثنائي سواء بسبب العطلة الصيفية أو بسبب الوضع الوبائي.
حيث التقت القواعد النقابية والقيادات الوسطى والجهوية والوطنية من مختلف القطاعات والشرائح العمّالية للتعبير عن وقوفها ضدّ كلّ المحاولات التي تحاول أن تمسّ بالمنظمة من الخارج ومن الدّاخل، وإصرارها على الالتزام بالمسار الدّيمقراطي وترسيخه وعدم الانقلاب عليه تحت أي ذريعة، وقاومته بالطرق القانونيّة والديمقراطية منذ ما قبل الثورة، معبّرة في الآن ذاته على المطالبة بالشفافية في المنظمة الشغيلة تصديّا لكلّ محاولات التشويه والتّحامل على الاتّحاد وقياداته.
السيناريـــــو المتكرّر:
تكرّرت سيناريوات الانقلاب على قوانين المنظمة وتوظيفها لصالح مجموعة من المستفيدين وكانت البدايات والمعركة الكبيرة مع محاولات تنقيح الفصل العاشر الذي ينصّ على انتخاب أعضاء المكتب التنفيذي لدورتين غير قابلتين للتجديد وكان كلّ من نورالدّين الطبوبي وسامي الطاهري حينها من المدافعين عن هذا الموقف.
وقد بدأت الخلافات داخل الاتّحاد منذ أن ظهرت هذه المبادرة الدّاعية إلى تنقيح الفصل العشرين لتمهيد الطريق أمام تسعة أعضاء من المكتب التنفيذي لمواصلة قيادتهم مبرّرين ذلك بجملة من الحجج منها دقّة المرحلة والخوف على المنظمة وحاجة الاتحاد إلى قيادة حكيمة.
في حين عبّرت جامعات مختلفة عن رفضها لهذا التمديد ومبرراتها أنّه انقلاب على العملية الديمقراطية من جهة ومن جهة أخرى مسكوت عنها هو رفض لغلق الباب أمام ترشحها. هذا السناريو الذي فجّر الخلاف وخرج به من أروقة الاتحاد إلى الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والسّاحات بات ينذر بالخطر على المنظمة، ويرشّح الاختلاف إلى إحداث شرخ نقابيّ خاصّة إذا ذهب الأمين العام بمعيّة مكتبه ومستشاريه في تمشي المجلس الوطنيّ الذي سينعقد خلال الأيّام القادمة وإمكانية إقراره لإجراء مؤتمر استثنائي.
تعنّت البيــــروقراطية:
يبدو أنّ الأمين العام ومكتبه لم يقرؤا جيّدا ما يمكن أن ينجرّ عن هذا الخيار الذي يبدو في حقيقته خيارا للمحافظة على المصالح الذاتية، المواقف الرافضة والأصوات المتعالية ضدّ التمديد والتأبيد وضدّ أي اعتداء على القانون الأساسي خارج الأطر القانونية والنقابية التي يضبطها القانون الأساسي وهو المؤتمر الوطني العام باعتباره مؤتمرا عاما سيدّ نفسه وقراراته.
بل دخل الأمين العام نورالدين الطبوبي في سياسة العقاب والتّصفية ضدّ النقابين من القيادات الجهوية والذين يمكن أن يكون لهم حضور في المؤتمر الوطني، وما يمكن أن ينجرّ عن ذلك من عدم تمكنّه من حيازة ولاء المؤتمرين لسياسة العقاب والإيقاف عن النشاط النقابي تلاحق كلّ رافض للتنقيح وكلّ معبّر عن موقفه ضدّ المساس بالفصل العشرين من ذل ذلك ما حدث للكاتب العام المساعد للاتحاد الجهوي ببن عروس ونابل وغيرهما.
ويبدو ان سياسة النعامة والإصرار على المحافظة على الكرسيّ تؤكّدان غياب أيّ بصيص أمل لتراجع المكتب التنفيذي عن مشروعه، وهو ما ترجم أخيرا في انسحاب كلّ من الكاتبين العاميّن لجامعة التعليم الثانوي والتعليم الأساسي من لجنة صياغة مشروع اللاّئحة الدّاخلية التي ستعرض على المجلس الوطنيّ خلال الأسبوع القادم بعد تراجع الشقّ المساند للتمديد عن الصيغة التوافقيّة وهي عرض القانون على المؤتمر العام الانتخابيّ.
هذا ويشير كثير من النّقابيين إلى تغييب تفعيل الفصل 173 “من العنوان الحادي عشر” الذي كان يمكن أن يكون فضاء للنقاش النقابي وتبادل الآراء وتقديم المقترحات أو الفصل 181 من الباب الثاني الذي يتحدّث عن دور مركز البحوث والدّراسات الاستراتيجية كفضائيين للحوار والنقاش والتفاعل كما يضمن ذلك القانون الأساسي عوضا عن سياسة الصمّ.
الـــــــــــــرّسالة:
مثلت وقفة اليوم من خلال الشّعارات التي رُفعت رسالة مضمونة الوصول من ساحة النّضال لأجيال تجاوزت الخمسين واهترأت أقدامها في خدمة المنظمة والدّفاع عن الشغالين للأمين العام ومهندس الانقلاب من خلال شعارات واضحة دقيقة ” لا لتعديل الفصل عشرين” “لا للانقلاب ” ” لا للخيانة” ولكن الذي أثار المحتجين والنّقابين من مختلف الجهات و مثّل نقطة تندّر لديهم هو ما ورد عن بيان الاتحاد الجهوي ببن عروس الذي نعت فيه معارضي التّنقيح بالمُغرضين والمارقين و المتسلّلين الذين يتربّصون بالاتحاد، ويبدو أنّ غياب الحنكة النقابية و التسرّع والانفعال ّأسقط هؤلاء في مزيد إشعار فتيل الاعتراض والنّقد على هذه الأوصاف والتّهم التي تُكال ضدّ النقابيين و القيادات الوسطى والجهوية و الوطنية فكان الشعار المدوي المازح ” مغرضات مغرضون للتمديد رافضون”
الحلـــــــــــــول:
لا بدّ أن تدرك قيادة الاتّحاد أنّ اعتراض القوى النقابية على تنقيح الفصل العشرين بطرق غير شرعية وخارج الأطر القانونية موقف صحّي وممارسة ديمقراطية يعتزّ بها الاتّحاد ويثمّنها لأنّها بذرة تربية نقابية متحرّرة بعيدة عن عقلية القطيع والتبعية والغنيمة التي تسري اليوم في الأحزاب.
ثمّ أن يعلم المكتب التنفيذي أنّ الوقفة الاحتجاجية و التدوينات والرّفض الصّريح للقيادات الوسطى التي وقع تسليط عقوبات انتقامية لا قانونية عليها ليس مسّا من القيادة الحالية ولا ترذيلا لها بل هو موقف مبدئي يحفظ معه احترامه للقيادة وعرفانه بنضالها وعملها.
وأن عملية الاستباق والتّحايل من أجل الدّعوة إلى مؤتمر استثنائي وما زال على عهدتهم قرابة 3 سنوات هو عملية مشبوهة غايتها ليست خدمة المنظمة بل في واقع الأمر التمسّك بالكرسي والمحافظة على السلطة ومزاياها.
فالأحرى بالقيادة النقابية أن تستمع لصوت الحكمة وأن تغادر هذا المستنقع لتحكّم القانون وتلتزم به وتترك الأمر للمؤتمر الوطني العام ليكون خروجها مشرفا، علما وأنّ القانون الأساسي ليس قرآنا كما قال سامي الطاهري وفيه فصول كثيرة تستوجب التنقيح منها أن يُسحب نظام الدّورتين على كل القيادات الدّنيا والوسطى حتّى يقطع الاتحاد مع عقلية ملكية المنصب.
وحفاظا على وحدة الصفّ والتفاتا إلى القضايا الحارقة التي تعانيها قطاعات عمومية منها التعليم وقطاعات خاصّة كان جديرا بالأمين العام أن يضع نصب عينيه خدمة قضايا الشغالين والمؤسسات عوضا عن فتح حرب وصراع الاتحاد في غنى عنهما.
Comments