الجديد

طوفان الأقصى بعد 100 يوم: غزة من “الحصار” الى “الابادة” الى اعادة تشكيل المشهد الدولي ( تقدير موقف )

كتب: منذر بالضيافي

هناك اجماع خارج و داخل إسرائيل نفسها، على ان غزوة طوفان الأقصى، التي قامت بها المقاومة الفلسطينية في غزة، يوم 7 اكتوبر الماضي، قد مثلت ” حدث فارق”، ولا نبالغ بأنه حدث قد اعاد تشكيل المشهد الدولي.

من جهة اولى في علاقة بالتوقيت ، في سياق حراك ودينامية دولية من واشنطن الى القاهرة – في علاقة باستحقاقات انتخابية هامة- مرورا بالرياض التي كانت تستعد لعقد اتفاق تاريخي مع تل ابيب، يوصف امريكيا – الدولة الراعية له- بانه سيكون ” زلزال جيو بوليتيكي.

من جهة ثانية تخص المباغتة التي كشفت عن فشل استخباراتي وامني وايضا فشل في الجهوزية العسكرية لكيان يعيش حالة حرب مع محيطه منذ شهد النور – منذ 75 سنة -.

من جهة ثالثة: تطور الجاهزية العسكرية  للمقاومة، هجوم نوعي متعدد المصادر – بري، جوي وبحري- يكشف عن حالة ابداعية في تطوير النضال الوطني.

اما الجهة الرابعة : فتتمثل في كون ما حدث قد كشف عن ان هناك عقل استراتيجي مقاوم بصدد مراكمة ارث العمل الميداني، والاهم بصدد وضع الفعل المقاوم، ضمن سياق الدينامية الجيو سياسية في المنطقة وفي العالم، وهو ما جعله يلحق ضربة قوية  بمسار التطبيع الذي انطلق قطاره بقوة في الأشهر الاخيرة.

وفي ما يلي ملاحظات اولية لتداعيات يوم 7 اكتوبر وما بعده، والذي دخل بقوة كتاريخ فارق في مسار الصراع الفلسطيني/ الاسرائيلي:

1/  

ما حصل، في السابع من أكتوبر 2023، أعاد للقضية الفلسطينية حضورها ومركزيتها في الشارع العربي و دولي أيضا، التي اضر بها  مسار أوسلو الذي انطلق منذ 30 سمة، دون ان يحقق مكاسب، كما يتوقع ان تعيد هذه الدينامية ايضا حيوية لهذا الشارع، في دول المنطقة قد تكون مقدمة لحراك احتجاجي – كرة الثلج-..

2/

أحدثت غزة 7 أكتوبر ضربة موجعة لتسونامي التطبيع  الذي انطلق مع اتفاقات ابراهام  و وصل قطاره في خطوة جريئة الى المملكة العربية السعودية، الدولة ذات الثقل الكبير عربيا واسلامي،  التي صرح ولي عهدها منذ ايام بأن التطبيع أصبح مسالة وقت لا غير.

3/

كشف طوفان الأقصى أن تطبيع الأنظمة العربية،  او ما يعرف بالتطبيع الرسمي، لا يصنع السلام  معالكيان الاسرائيلي، و لا يضمن القبول بها في المنطقة، لتبقى  بذلك جسما مزروعا بالقوة فيها، ومنبوذا من قبل الشعوب والنخب العربية.

4/

أحدثت جرأة العملية ونوعيتها – 7 أكتوبر – وما بعدها وحصيلتها صدمة في اسرائيل  ولدى حلفاءها في واشنطن  و في العواصم الغربية، وهذا سيكون مقدمة لفرض معادلة جديدة في الصراع،  او على الاقل مقدمة لإحياء مسار حل الدولتين، الذي عمد اليمين الحاكم في تل ابيب الى وأده وفرض دولة عنصرية  بديلا عنه.

5/

ما حصل ساهم في احياء جبهة المقاومة داخل فلسطين وخارجها، وعودة  بقوة للدور الداعم لها والمستفيد من استئنافها – وهو ليس بالضرورة ايراني فقط – ، فضلا عن جدارته بإيقاف – او على الاقل – تعطل قطار التطبيع، الذي كان يسير بسرعة جنونية متجاوزا كل ” المحرمات” و ” اللاءات” التقليدية المعروفة في علاقة بالصراع العربي الاسرائيلي، خلنا معه أن القضية الفلسطينية دخلت طور التصفية.

خاتمة

برغم الدعم الرسمي الأمريكي والأوروبي لإسرائيل، فان هناك استفاقة لافتة من قبل الرأي العام، الذي تم تضليله و التلاعب به، وايضاً من قبل بعض النخب، التي بدأت تنقد هذا الموقف الرسمي الداعم للعدوان، وتتمسك بحل سلمي وانساني في انسجام مع القيم الكونية التي نهلت منها، لكن ما زال صوتها غير مسموع، وكذلك مشيطنا ومحاصرا،  من قبل اللوبي الصهيوني.

كشف ما أصبح يعرف في الاعلام العربي والدولي بحرب غزة، عن السقوط المدوي للنظام العالمي وللقانون الدولي، فضلا عن السقوط الاخلاقي الداعم الغربي و الصمت العربي لحرب ابادة، استمرت 100 يوم، و تجاوزت حجم نيرانها ما حصل طيلة اشهر في الحرب العالمية الثانية ، في اهم المدن الألمانية التي تم قصفها.

كما كشفت حرب غزة، التي انتقل معها القطاع من “المحاصرة” الى “الابادة”، عن بروز مؤشرات دالة لا تخطؤها العين، على أن العالم بدأ يَشهد تراجعا كبيرا، في مجال النفوذ الغربي بعد خمسة قرون من التوسع والهيمنة.

موقع " التونسيون " .. العالم من تونس [كل المقالات]

Comments

Be the first to comment on this article

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    ^ TOP