“عنصرية متخفية” لدى التونسي تطفو ضد مهاجري افريقيا جنوب الصحراء (مختصون)
تونس 5 مارس (وات ) –
تتجذّر لدى التونسي “عنصرية مخفية” غذّت المخيال الجماعي وراكمها الموروث الثقافي لأجياله المتواترة. عنصرية ضد الآخر المختلف تتشكل على أساس اللون أو العرق أو الدين، وهو ما تجلى في التضييقات التي يتعرض لها مؤخرا في تونس المهاجرون الافارقة من جنوب الصحراء، وفق ما أفاد به مختصون في علم الاجتماع وعلم النفس.
واعتبرت الاستاذة والباحثة في علم الاجتماع بجامعة تونس، رانيا الغويل، في تصريح لوكالة تونس افريقيا للانباء، أن العنصرية في تونس متخفية ومتجذرة في المخيال الجماعي والمتناقل عبر أجيال، والذي يتمظهر في بعض الاقوال الشعبية والذاكرة المجتمعية، ويترجم على أرض الواقع بفعل عنصري تمييزي ضد الآخر المختلف.
وتظهر السلوكيات السلبية للأفراد ومنها العنصرية وقت الأزمات وهو ما حصل مع المهاجرين الافارقة من جنوب الصحراء، حسب الباحثة في علم الاجتماع، التي بيّنت أن الضعف الفكري والاخلاقي يتسبّب في تحصيل موروث ثقافي مبني على التمييز العنصري.
ولاحظت المتحدثة أن كثيرين في المجتمع التونسي يعيشون أزمة قيم فقدوا من خلالها انسانيتهم وهو ما يفسّر ما يقوم به عديد الافراد الذين يبيحون لأنفسهم ارتكاب فعل تمييزي على أساس اللون أو العرق أو الدين، تظهر تمثلاته في ما يتعرض له مهاجرو افريقيا جنوب الصحراء من تضييقات وانتهاكات.
وفسّرت أن التمييز العنصري يمر في المخيال الجماعي عبر مؤسسات التنشئة الاجتماعية وهي الاسرة والمدرسة الى جانب ما اعتبرته “تجييشا في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام التي لا تسوق لثقافة الاختلاف وقبول الآخر”.
ولفتت الى أن استفحال ظاهرة الهجرة غير النظامية للافارقة من جنوب الصحراء في تونس أدت الى “تعرية ما كان دفينا في نفوس الافراد”، وفق تعبيرها.
ومن أجل ترسيخ ثقافة الاختلاف، دعت الغويل إلى إضافة تعلمات ترسخ لحقوق الانسان وحقوق الاطفال في شكل نواد تربوية او برامج بيداغوجية، واصفة المقاربة الحقوقية في تونس بأنها “ما زالت نظرية ولم تفعل الى اليوم على أرض الواقع”.
وشدّدت على أنه بات من الضروري اليوم ترشيد الخطاب السياسي والاعلامي الذي يجب ان يكون عقلانيا ويبحث عن حلول للتعايش السلمي ويقطع مع العنصرية، محذرة من تغير تمثلات العنصرية المخفية بين التونسيين انفسهم على اساس اللون أو الدين أو الاعاقة، وملاحظة ان تفشي العنصرية من شأنه أن يولد العنف.
ومن جهته، أوضح الاخصائي النفسي، طارق السعيدي، في تصريح لوكالة تونس افريقيا للانباء، أن التضييقات التي سلطت مؤخرا على المهاجرين الافارقة من جنوب الصحراء، جاءت نتيجة قيام الشخص العنصري بتشريع “خطاب الكراهية من خلال الخطاب السياسي العنصري”، وفق تقديره.
وبيّن أن الميز العنصري صفة من صفات الأشخاص غير الواعين والذين يشكون “هشاشة نفسية” تمنعهم من قبول الآخر، معرفا الهشاشة النفسية بأنها فقدان للآليات النفسية الكفيلة للعيش بجودة.فالانسان العنصري، حسب طارق السعيدي، يجد في تقزيم الآخر ترقيعا لعقد نفسية متجذرة فيه والتي يمكن ان يكون قد توارثها من اجداده باعتبار ان الصفات ايضا تخضع لعلم الوراثة.
وأضاف أن الشخص العنصري عادة ما يقوم بإسقاط صفة سلبية غير محبذة لديه على الآخر المختلف ويشرّع إثرها رفضه للآخر ويمكن ان يتمظهر ذلك من خلال أقوال ونعوت سيئة تجاه الآخر المختلف.
وأشار الى أن انعكاسات الفعل التمييزي على الضحية تكون سلبية وتتسبب لها في اضطرابات نفسية عدة منها القلق والاكتئاب.
يشار إلى أن مهاجرين من افريقيا جنوب الصحراء، يتعرضون من مدة إلى جملة من التضييقات وموجة من الاعتداءات التي ظهرت بعد خطاب الرئيس قيس سعيد، الذي دعا فيه إلى وجوب اتخاذ “إجراءات عاجلة” لوقف تدفّق المهاجرين غير النظاميين من افريقيا جنوب الصحراء إلى تونس، وصرح خلاله ان تواجد المهاجرين اللانظاميين من افريقيا جنوب الصحراء هو جزء من “ترتيب اجرامي” هدفه تغيير التركيبة الديمغرافية وهوية البلاد.
Comments