عودة المقاتلين من بؤر التوتر: الخطر الذي يؤرق "التجربة التونسية"
منذر بالضيافي
عودة المقاتلين، من بؤر التوتر، تحول إلى “كابوس” يؤرق كل التونسيين، وذلك بالنظر إلى العدد الكبير لهؤلاء، من الشباب التونسي من الذين التحقوا بالجماعات الإرهابية والتنظيمات المتشددة وأهمها “القاعدة” و الدولة الإسلامية – “داعش”، خاصة تلك التي تقاتل في ليبيا وسوريا والعراق ، حيث تجمع جل التقارير الدولية (الأمم المتحدة) والدراسات الأمنية لكبريات مراكز البحث المختصة، على أن تونس تحتل الصدارة، بما بين 3 و 4 آلاف مقاتل، بما يجعل منها البلد الأول المصدر للإرهابيين.. دراسة لي، نشرت في كتاب مركز المسبار للبحوث والدراسات بدبي، يولو/ تموز 2017.
في ما يلي نص الدراسة:
لعل هذا ما يفسر تصاعد الجدل السياسي والإعلامي وأيضا المجتمعي، في تونس حول هذه الظاهرة، تحديدا تأثيرات هذه العودة المرتقبة “لجيش من المقاتلين”، عودة يتفق الجميع على أنه الى جانب مخاطرها الأمنية، فإنه يمكن أن تهدد بنسف كل مسار الانتقال السياسي نحو الديمقراطية، الذي حقق خطوات مهمة تبشر بوضع اللبنات الأولية لتأسيس تجربة ديمقراطية في دولة اسلامية، خصوصا وأن كل شروطها التاريخية والمجتمعية تكاد تكون متوفرة، برغم أن المنجز الاجتماعي والاقتصادي، الذي قامت عليه ثورة 14 يناير 2011 ما يزال دون المأمول ودون الانتظارات، لعل هذا ما يفسر تصاعد الحراك الاحتجاجي بين الفترة والأخرى.
في هذه الورقة، سنحاول رصد مدي جدية هذا الخطر الداهم على استقرار تونس وعلى مستقبل الانتقال الديمقراطي فيها ؟ و رصد كيفية تعامل النخبة السياسية سواء التي في الحكم أو في المعارضة مع هكذا عودة، و ما هي التصورات المقدمة لمواجهة هذا التحدي الخطير، بعيدا عن “المناكفات” السياسية التي ميزت نقاشات و ومواقف الأحزاب والسياسيين والنخب ؟ وأخيرا، عرض ومناقشة “الخطة الحكومية” في التعاطي مع هذا التهديد ؟
تصدير المقاتلين..المفارقة التونسية
قبل الإجابة عن أسئلة هذه الورقة، لابد من تقديم بيانات ومعطيات، حول التنامي اللافت للانتباه بل المحير لعدد التونسيين، الذين انخرطوا في الجماعات المتشددة والإرهابية، التي تقاتل في بؤر التوتر في العالم وخاصة في الشرق الأوسط (بلاد الشام والعراق)، وهو ما مثل في الواقع “صدمة” في الداخل، و مفارقة “محيرة” للباحثين والدارسين المهتمين بدراسة الظاهرة.
مرد هذه “الصدمة”، كون تونس تعد من أكثر البلدان العربية والإسلامية تحديثا، بفضل انتشار التعليم، ومراهنة القيادة السياسية مبكرا (منذ خمسينات القرن الماضي)، على تعصير المجتمع وتخليصه من “التقاليد البالية”، مثلما كان يقول دائما الزعيم ومؤسس الدولة التونسية العصرية، الحبيب بورقيبة.
و لعل هذا ما جعل بعض الدارسين يشككون في عملية التحديث ويرون أنها كانت “مفروضة” أو “مسقطة” على المجتمع، أو هي عملية “تحديث ظاهرية” modernisation de façade كما ذهب إلى ذلك عالم الأنتروبولوجيا السياسية، الفرنسي، جورج بلاندييه Georges Balandier، في كتبه حول التحديث في إفريقيا، وهو المختص في افريقيا، أسس سنة 1962، كرسي “علم الاجتماع الإفريقي”، في جامعة السربون بباريس -فرنسا.
كما أن هناك من فسر “عودة المقدس” القوية بعد ثورة 14 يناير 2011، عودة ممثلة أساسا في التيارات السلفية المتشددة، التي سنرى لاحقا أنها مثلت الخزان الذي منه تم انتداب الشباب للقتال في الجماعات الجهادية، فسروها بالعودة إلى ما يطلقون عليه “حالة التوتر” التي ميزت تعاطي الدولة التونسية مع الشأن الديني أو المسالة الدينية، خاصة خلال حكم الرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي، الذي قامت عليه ثورة 2011، حيث عمد النظام في إطار صراعه مع تيار “الإسلام السياسي”، إلى تجفيف منابع “التدين الوسطي”، ما فسح المجال لبروز حركات موغلة في التطرف، على يمين “الإسلام السني المالكي” المنتشر في ديار المغرب الإسلامي و منها تونس.
هنا طبعا دون أن نغفل عن الأسباب الاجتماعية، من ذلك أن هذه الجماعات “تفرخ” و “تتمدد” في المناطق المهمشة، التي أهملتها الدولة ولم تصلها خدماتها، خاصة داخل البلاد أي في المحافظات الداخلية، وفي أحياء “الصفيح” المتاخمة للمدن الكبرى، خاصة العاصمة تونس.
شهدت تونس بعد ثورة 14 يناير 2011 وتحديدا خلال سنتي 2012 و2013 عمليات انتداب واسعة لفائدة التيارات المتشددة، عملية لا يمكن أن تكون عفوية مثلما أكدت بعد ذلك العديد من التقارير والشهادات، ويرجح أن ورائها “جهات” قامت بتنظيم رحلات تسفير منظمة شملت آلاف الشّباب، تم تسفيرهم “للجهاد في سبيل الله”. تمّت هذه العملية بمشاركة قيادات سلفية منها القريب من حركة “النهضة” الإسلامية الحاكمة في تلك الفترة. وقد ضمّت هذه “القوافل الجهادية” أيضا، تسفير أعداد كبيرة من الفتيات، ضمن ما أصبح يعرف ب “جهاد النكاح”. برغم التباين الكبير حول رقم الصحيح لعدد التونسيين، الذين التحقوا بالجماعات “الجهادية”، فقد أشارت إحصائيات رسمية إلى وجود 3 آلاف و 600 تونسي يقاتلون ضمن مجموعات إرهابية في بؤر التوتر في كل من العراق وسوريا وليبيا.
وقد أعلن وزير الداخلية التونسي، الهادي المجدوب، خلال جلسة استماع بمجلس نواب الشعب (البرلمان)، في شهر جانفي / يناير 2017) أن 800 إرهابي عادوا الى تونس وهم تحت المراقبة الأمنية، وتم إيداع بعضهم بالسجن. وأضاف أنه من جملة 3600 إرهابي تونسي موجودين في بؤر التوتر، يوجد 1200 داعشي في ليبيا قُتل منهم نحو 200 إرهابي خلال المعارك الدائرة بالبلاد. تأتي هذه التنقلات لمقاتلين من تونس نحو بؤر التوتر ضمن موجة كبيرة لم تقتصر على دول المنطقة العربية بل تعدتها أيضا للدول الأوروبية ” فقد شهدت دول المنطقة أكبر تنقلات للمقاتلين الأجانب، إذ بلغ عدد المقاتلين من تونس 3,000 ، ومن السعودية 2,500 ، ومن الأردن 1,500 ، وكلهم سافروا للقتال في سوريا والعراق” /1/.
كما شهدت عدة دول أوروبية غربية أيضاً تدفقات ملحوظة لمقاتلين إلى الخارج، توزعت كالتالي: فرنسا 1,550 مقاتل، والمملكة المتحدة وألمانيا 700 مقاتل لكل منهما. وأشار مسئولون في الاستخبارات البريطانية، في أبريل 2015 ، أنّ عدد المقاتلين البريطانيين هو على الأرجح أكبر من ذلك بكثير، ويصل لحوالي 1,600 مقاتل. وقد شهدت الدول الأوروبية الأصغر معدلاتٍ مرتفعة بالمقارنة بعدد السكان، مثل بلجيكا ) 39 مقاتل في المليون(، والسويد 31، والنرويج 28 والدنمارك 27. وعلى النقيض من ذلك، لم يسافر من الولايات المتحدة البعيدة سوى حوالي 200 أمريكي فقط – أي بنسبة 0,6 لكل مليون شخص. /2/.
تعد هذه الحركة، من التنقلات للمقاتلين، سواء في حالة تونس أو العالم ككل، هي الأكبر، وذلك بالمقارنة مثلا مع ما حصل زمن الاحتلال السوفياتي لأفغانستان في نهاية سبعينات القرن الماضي، التي عرفت آنذاك تنقل الآلاف من “المجاهدين” من الدول العربية والإسلامية، إلى “كابول” لتحريرها من “الغزو الشيوعي”. فبعد “قرار القيادة السوفياتية اجتياح أفغانستان نهاية 1979…حدث اتخذته الإدارة الأمريكية حينها، بقيادة الرئيس جيمي كارتر، لخوض حرب غير مباشرة مع غريمها السوفياتي… وتحويل الصراع إلى قتال بين الكفر والإيمان بين الإسلام والإلحاد”. /3/. و بالتالي تم تحويله إلى “صراع مقدس”، كان وراء حصول حركة تنقلات “لمجاهدين” من جنسيات مختلفة، خاصة من العالمين العربي والإسلامي. وقد “حضرت إلى الساحة الأفغانية خلال تلك الحرب جل تلوينات التيارات الإسلامية من السلفية التقليدية إلى جماعة الإخوان المسلمين”./4/.
يشير الباحث التونسي المختص في الجماعات “القتالية”، أحمد نظيف، في كتابه “بنادق سائحة ..تونسيون في شبكات الجهاد العالمي”، إلى التواجد التونسي في “الجهاد الأفغاني”. ويذكر الباحث انه “على خلاف بقية مكونات الأفغان العرب التحق التونسيون متأخرين بالساحة. إلي حدود أواخر الثمانينات كان أغلب الشباب المتأثر بالأفكار الإسلامية ينتمي لحركة الاتجاه الإسلامي، التي كانت منشغلة في الصراع مع السلطة، ولم تكن تعطي أولوية لإرسال عناصرها للساحة الأفغانية. لاحقا ومع توتر العلاقة مع السلطة بداية من العام 1989 بدأت الحركة الإسلامية في تسهيل خروج شبابها إلى “الجهاد” هربا من الملاحقات الأمنية التي طالت بعضهم.”./5/
لكن الباحث، يستدرك للإشارة إلى وجود سابق لتونسيين في ساحة “الجهاد الأفغاني من غير المنتمين لحركة الاتجاه الإسلامي (النهضة اليوم). يشير إلى أنه “قبل ذلك وفي منتصف الثمانينات التحقت مجموعة صغيرة من التونسيين بالأفغان العرب كأفراد متطوعين لا ينتمون إلى أي تنظيم، وبينهم مهاجرون في فرنسا تأثروا بالدعاية التي كانت تنشرها الجماعات الإسلامية هناك، وخاصة جماعة التبليغ والمراكز الإسلامية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين”./6/
لاحظنا تنامي أعداد الشباب التونسي المنخرط في الجماعات الجهادية، وقد اتخذ منحى تصاعدياً منذ سقوط نظام بن علي، بعد ثورة 14 يناير2011. وكان هذا الانخراط في جبهات متعددة للتنظيمات الجهادية في العالم على غرار الجزائر وليبيا واليمن العراق وسوريا، تعاظم العدد بعد إطلاق سراح المئات من الجهاديين بمقتضى العفو التشريعي العام الذي وقع في تونس في السنة الأولى من الثورة سنة 2011، إذ أفرغت السجون التونسية من كل المساجين المتورطين في أعمال إرهابية، حيث اعتبرتهم حكومات ما بعد الثورة مساجين سياسيين.
ملاحظات حول “نوعية” المقاتلين التونسيين
برغم أن الجهاديين التونسيين جاؤوا من أحد البلدان الأكثر انفتاحاً وتسامحاً في العالم العربي، لكنهم يوصفون في التنظيمات الجهادية التي ينشطون فيها بكونهم الأكثر شراسة وغلظة. وتبين من خلال هذا “التسونامي الجهادي” التونسي الذي انخرط في التنظيمات الإرهابية في العالم أنه لا يقتصر على التونسيين الذين وُلدوا وتربوا في تونس، ولكنه يشمل أيضا الجيل الثاني والثالث من التونسيين الذين نشئوا في المهاجر الأوروبية. /7/
يكشف بعض الباحثين للجماعات القتالية، أن عدد هام من المقاتلين التونسيين في صفوف “القاعدة” و “داعش” هم على “يمين” هذه التنظيمات، أي أنهم أكثر راداكيلية، وهو ما يجعل من عودتهم تمثل خطوة تتجاوز بكثير نظرائهم من بلدان أخرى، وبالتالي فان هذا يشير الى أن هناك دورة جديدة من العنف ربما أكثر شراسة ودموية من التي تابعها العالم مع “داعش”.
في قراءته لكتاب “كنت في الرقة هارب من الدولة الاسلامية” لهادي يحمد (دار نقوش عربية، تونس، مارس 2017)، يعتبر الباحث أحمد نظيف في حوار مع كاتب هذه الورقة، أن المستقبل لن يكون جيداً تماماً حتى بغياب “داعش”. ويضيف ان محمد الفاهم، الشاب التونسي محور كتاب “كنت في الرقة هارب من الدولة الاسلامية”، أنه لم يهرب من داعش إلى تركيا احتجاجاً على تطرف التنظيم ودمويته كما فعل كثيرون، كما لم تحركه مشاعر التوبة ولا الضمير الإنساني، يل أنه ترك الرقة هرباً من ضلال داعش وعدم تطبيقها للشريعة الإسلامية بصرامة!! نعم هكذا تماماً.
ويتابع أحمد النظيف قائلا: ليس الفاهم وحده من يفكر هكذا -كما يكشف الكتاب -بل العشرات انشقوا عن خلافة البغدادي لأنهم على يمينها. وهو ما يكشف عن تيار جديد داخل التيار الجهادي أشد تطرفاً من “داعش” ومدار الاختلاف بينهم قضية “العذر بالجهل وتكفير العوام” (وهي مبحث عقدي خلافي داخل التنظيمات الجهادية ظهرت أولى مسائل الخلاف حوله مع جماعة المسلمون لشكري مصطفى في مصر أواخر الستينات ولاحقاً مع فتوى عنتر الزوابري أمير الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر في تسعينات القرن الماضي والتي دعمها أبو قتادة الفلسطيني ثم أنسحب).
ان تاريخ الجماعات الجهادية يكشف دائماً عن أن كل جماعة تندثر تخرج من رحمها جماعة أشد تطرفاً وكل تنظيم يخبو يرثه من هو أشد منه فتكاً. من “الإخوان” خرجت “القطبية” ومنها “جماعة الجهاد” ثم “القاعدة” ومنها “داعش”، وبالتالي فان المقاتلين الذين يصنفون على “يمين داعش” هم الذين من الوارد أن يبعثوا تنظيما أكثر دموية، ويحتل المقاتلين التونسيين صدارة – ان لم نقل زعامة – مثل هذا التوجه.
في مقال له تحت عنوان “الارهابيون التونسيون والجرائم الاستعراضية الكبرى: مُقاتلون “تكنوقراط” في مُستنقع ألعاب مُخابراتية عالميّة”/8/، يتطرق الصحفي التونسي، توفيق العياشي، الى نوعية المقاتلين التونسيين في جبهات بؤر التوتر، يقول العياشي ” انطلاقا من المتهم الأول باغتيال الزعيم “الجهادي” الافغاني احمد شاه مسعود سنة 2001 ووصولا الى عمليّة الدهس الشنيعة التي استهدفت سوقا وسط العاصمة الألمانيّة برلين يوم 19 ديسمبر 2016، وبين الحدثين جرائم إرهابية عديدة اهتز لها العالم، وقد نُفذت بأيادي ارهابيين تونسيين دونوا اسم بلدهم بحروف من دم في سجل البلدان “المُصدرة” لـ”أشرس” فئة من المقاتلين وفق التوصيف الذي يحلو لعدة وسائل اعلام عالمية أن تُعلق به على العمليات الارهابية الاستعراضية الكبرى التي يُنفذها تونسيون”.
يعتبر توفيق العياشي أن هناك “أكثر من سؤال يحوم حول حقيقة الدور الذي يلعبه المُقاتلون التونسيون في صفوف التنظيمات الارهابيّة وهل هم فعلا مُخيرون في تنفيذ عملياتهم أم هم مُجرد عينات يتم انتقائها بعناية من الرُّعاة الحقيقيين للعبة”./9/
ويتابع لقد “عُرف المقاتلون التونسيون كذلك وفقا لأهم التقارير التي تدرس التنظيمات الارهابيّة بانضباطهم العالي في تطبيق اوامر وسياسات القيادات العليا، و”كفاءتهم” في العمل، وتميزهم كذلك بسرعة التدرج نحو الاعلى في تقلد المسؤوليات العسكرية والإداريّة داخل التنظيمات، هذا فضلا عن قابليتهم العالية للعمل الانتحاري وعدم مناقشتهم للأوامر العليا.”./10/
ويمضي توفيق العياشي في تقديم ملاحظات حول المقاتلين التونسيين مؤكدا على أنهم في الأغلب مجرد أعوان تنفيذ وحطب عند قيادات التنظيمات الارهابية، ولتبيان ذلك يشير صاحب المقال الى الملاحظات التالية:
” _** غياب المُقاتلين التونسيين في صفوف التنظيمات الارهابية عن المراكز القيادية العليا لهذه التنظيمات يجعلهم ابعد ما يكون عن ادارة الالعاب المخابراتية الكبرى المرتبطة بمصالح البلدان والاقطاب الدوليّة، وحقيقة الدور الذي يُراد لهذه التنظيمات ان تلعبه في سوريا والعراق ولبيا وداخل تونس نفسها…
_ **جل مُنفذي العمليات الارهابية الكبرى (محمد بوهلال منفذ حادثة الدهس بمدينة “نيس” وياسين العمري مُنفذ هجوم برلين وغيرهم) لم يتم استقطابهم وتأهيلهم للعمل الارهابي في تونس، بل تم تجنيدهم في الخارج من قبل خلايا نشطة في اوروبا وتتحرك جلها تحت أعلن المُخابرات الغربيّة.
_ **التهافت على استغلال تنفيذ التونسيين للعمليات الارهابية الكبرى كورقة ادانة توظفها اغلب المنابر الاعلامية الخارجية ضد تونس يُغذي الشكوك بأن المسألة تتعلق بالرغبة في ضرب النموذج المجتمعي والسياسي التونسي والدفع في اتجاه الاستنتاج بأن “التغيير السياسي” الذي وقع منذ سنة 2011 لم يسفر سوى عن تفريخ اجيال دمويّة من الارهابيين العابرين للقارات، وبالتالي وجب تطويق هذه التجربة وحنقها حتى لا تتمدد.
ولعل الأخطر مما سبق هو قابليّة التونسيين للتسليم اليوم بما يُراد أن يُسوق كحقيقة تقول ان الارهابيين التونسيين هم الذين يقودون اللعبة وهم “الأشرس” وهم الذين ينفذون الهجمات كـ”ذئاب مُنفردة لا ترتبط بغايات سياسية ومخابراتيّة ممنهجة هي التي تسير المشهد برُمته.”./11/.
كما أن الأمر لا يقتصر على المقاتلين من الرجال فقد بل أنه يشمل أيضا النساء التونسيات الذين تم استقطابهم من قبل التنظيمات الارهابية وأبرزها “داعش”، في هذا السياق كشفت الصحفية الجزائرية ناهد زرواطي في لقاء مع اذاعة “موزاييك” التونسية عن معلومات “صادمة” حول “داعش” في ليبيا، أساسا حول الحضور الكبير للتونسيات في هذا التنظيم الارهابي، الذين تحولن الى “زعيمات” ذوات بأس وتأثير كبير./12/
اذ قامت الصحفية الجزائرية، بتحقيق ميداني في ليبيا، ” وعادت من ليبيا وفي جرابها شريط مصور عنونته “نساء داعش” يعرض واقع النساء الداعشيات في ليبيا”.
في تصريحها لاذاعة “موزاييك” التونسية قالت الصحفية الجزائرية “أنّ الداعشات التونسيات على علاقة بالقيادات الكبرى لدواعش ليبيا ويملكن كل الأسرار لذلك اغلبهن يحرقن أحياء بعد انتهاء مهمتهن على حد قولها”.
وتابعت ناهد “للأسف الرقم الأول في تنظيم داعش اليوم هو الرقم التونسي… أسفي عظيم على المرأة وأنا أشاهد النساء في الصفوف الأمامية يحملن الأحزمة الناسفة يفجرن أنفسهن ويتشتتن أشلاء بعد أن وقع دمغجة عقولهن وإيهامهن بالجنة وبأمير المؤمنين وغيرها من الوعود المادية ومنهن من هربن من عائلاتهن طمعا في كل ذلك”.
تطرقت الباحثة في العلوم السياسية، ومديرة مكتب International Alert، في تونس، ألفة لملوم الى دواعي وأسباب ارتفاع الملتحقين من الشباب التونسي، بالتيارات المتشددة، التي رمت بهم في أتون بؤر التوتر خارج بلاهم، ليصبحوا مقاتلين في ساحات “الجهاد” وليس مجرد “مرتزقة” كما حصل في تجارب سابقة عرفها العالم. /13/
تكشف الباحثة، ألفة لملوم، أن التيار الجهادي في تونس هو بالأساس “إفراز داخلي” مشيرة إلى أنه “بعيدا عن كل نظريات المؤامرة الفضفاضة الرائجة في تونس، فان التيار الجهادي اليوم، وبرغم أهمية السياقات التاريخية والإقليمية التي طبعت ظهوره ثم صعوده في أعقاب الاجتياح الأمريكي للعراق أولا، وفي آتون الارتداد الدموي للثورات في سوريا وليبيا واليمن بعدها، هو مع ذلك إفراز داخلي، حكَم نموه و تموقعاته نسق الصراع السياسي وآليات إدارته وأشكال الهيمنة والعنف المادي والمعنوي الكامن في العلاقات الاجتماعية التي تُشكّله”. /14/
وترى لملوم أن هذا الاستنتاج ينطبق “بالخصوص على الجيل الثالث من الجهاديين الذي لم تطأ قدماه أفغانستان ولم يلتحق بالجهاد في أعقاب “11 سبتمبر”. منفذو عملية سوسة (هجوم ارهابي على منتجع سياحي خلف 39 قتيلا من السياح الأوروبييين-صائفة 2015) وباردو (هجوم ارهابي على متحف باردو خلف 22 قتيلا من السياح الغربيين-أفريل 2015) يجمعهم صغر السن، وهو قاسم مشترك للسواد الأعظم من الشباب الجهادي التونسي اليوم. ثلاثتهم ولدوا في سنوات التسعينيات ونشأوا في تونس تحت نظام بن علي، ثم اكتشفوا السياسة في خضم الحراك الثوري الذي أطاح به. اعتنقوا السلفية بسرعة، وباشروا الفعل خلال “المرحلة الانتقالية”. /15/
تخلص لملوم للقول بأن هذه الظاهرة “هي بامتياز ظاهرة شبابية تستهوي بالأساس الفئة العمرية 18-24 سنة، دون تمييز جنسي (كما تشير نتائج بحث أجري في حيين شعبيين في العاصمة تونس). أي أنها تستدعي تعاطف كلا الجنسين من تلك الشريحة العمرية التي أثنت النخب في أعقاب 2010 على زخمها، لكنها سرعان ما أقصتها من العملية السياسية، ولم تعبأ الحكومات المتعاقبة بإقناعها بجدوى الديموقراطية التمثيلية في تغيير واقعها وتحقيق انتظاراتها وإعطائها الأمل في المستقبل”. /16/.
وتنفي ألفة لملوم الفرضية السائدة التي ترجع منطلقات الانتساب للسلفية الجهادية الى المعطى أو البعد الديني وترى أن الجوانب الاجتماعية والسياسية هي منطلق مهم لدفع هؤلاء السباب نحو الذهاب للتنظيمات “الجهادية”. ان تؤكد أنه و “على عكس ما يروج له، فان الفرضية القائمة على أساس أن الدين في نسخته المتشددة هو المحرك المفصلي للتجذر السلفي لا تصمد كثيراً أمام نتائج أي عمل ميداني. أولاً، لأن المحركات كثيرة وليس هناك سببية عقائدية أحادية حاسمة في شرح الحوافز الدافعة لاعتناق الجهاد. فالدراسات الميدانية التي وقفت على المسارات الاجتماعية لبعض الشباب الجهادي من فرنسا أو من السعودية على سبيل المثال، وصلت الى استنتاجات تفند هذا الادعاء وترجّح كفة العوامل الاجتماعية والسياسية.” /17/.
تمضي ألفة لملوم في “ملاحظاتها حول “الشباب الجهادي في تونس”، للتأكيد علي غياب الدراسات المهتمة بالظاهرة انطلاقا من منظور سوسيولوجي، مشيرة الى أن البحوث الميدانية القليلة التي تم انجازها تبرز المنطلقات الاجتماعية مثل الفقر والاقصاء والتهميش هي التي تدفع نحو الانخراط في هذه التنظيمات. وهنا ” تشير إلى أن الفئة الشبابية الأكثر تعاطفا مع تنظيم أنصار الشريعة المحظور والمصنف إرهابي، هي الأقل تديناً وممارسة دينية. وما يكشفه البحث هو أن تعاطف شباب الاحياء الشعبية مع السلفية الجهادية مرده التماهي مع الجهاديين على أساس انهم “أبناء نفس الحومة” (الحي)، أي على أساس منحدراتهم الاجتماعية الفقيرة وانتمائهم في الغالب إلى مناطق ترزح تحت وقع التهميش … هؤلاء فقدوا الامل في التفات مؤسسات دولتهم إليهم، بعد ان خاب ظنهم في ثورة اعتقدوا لبرهة أنها ستكسبهم مواطَنتهم السياسية والاجتماعية المسلوبة”. /18/
التهديد القادم ..بداية عودة المقاتلين
تؤكد جل الدراسات والتقارير الاستخباراتية على أن محاصرة “داعش” في العراق وسوريا وأيضا ليبيا سيدفع الشباب الجهادي الى الفرار وبالتالي التفكير في العودة الى بلدانهم. من ذلك أن أحدث التقارير الاستخباراتية تشير الى أن تواجد 6 آلاف “داعشي” في ليبيا والقوات الليبية تؤكد موت قرابة ألفين فأين ذهب أربعة آلاف مقاتل داعشي؟. في هذا الاطار تشير عديد التقارير وأيضا الشهادات أنهم فتحوا ممرات وكانت من بين وجهاتهم تونس وهناك معلومات مؤكدة حول حرصهم على إقامة إمارة في تونس في أقرب وقت ولعل الهجوم الارهابي الذي استهدف ” بن قردان” التونسية على الحدود مع ليبيا أبرز العلامات الدالة على هذا المخطط المتمثل في تفكير وتخطيط هذا التنظيم لوضع قدم له في تونس.
أعلن الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، الاثنين 7 مارس 2016، إن المسلحين الإرهابيين الذين هاجموا مدينة بن قردان كانوا يسعون للسيطرة على المنطقة وإعلانها امارة جديدة تابعة لهم. وأضاف السبسي في كلمة موجهة للشعب بثها التلفزيون الحكومي “هذا الهجوم منظم وهو غير مسبوق وربما كان الهدف منه السيطرة على هذه المنطقة وإعلانها امارة جديدة ولكن قواتنا التي توقعت هذا كانت موجودة ويحق للتونسيين الافتخار بها”. وتابع أن الجيش سيدحر “الجرذان” في منطقة بن قردان وكامل البلاد.
كما أكد رئيس الحكومة التونسية أن المتطرفين الذين نفذوا فجر الاثنين هجمات متزامنة على ثكنة عسكرية ومركزيْ أمن في مدينة بن قردان الحدودية مع ليبيا، كانوا يريدون إقامة “إمارة داعشية” في المدينة. وقال في خطاب متلفز توجه به الى التونسيين “كان الهدف من هذا الهجوم إرباك الوضع الأمني في بلادنا وإحداث إمارة داعشية في بن قردان”.. وذكرت وزارتا الداخلية والدفاع في بلاغ مشترك أن الوحدات الأمنية والعسكرية تمكّنت، من القضاء، على 35 إرهابيا، والقبض على 7 آخرين. فيما قتل 10 من قوات الأمن والجيش والحرس الوطني من بينهم 7 من الحرس الوطني قتلوا داخل منازلهم، و6 من المدنيين من بينهم فتاة بعد أن تعرضت منطقتا الحرس والأمن الوطنيين وثكنة الجيش الوطني ببن قردان إلى هجومات متزامنة من قبل مجموعات إرهابية مسلحة. وقد ضلع في هذا الهجوم الارهابي مجموعة من “المقاتلين” التونسيين العائدين من ليبيا بعد اشتداد الخناق عليهم هناك، لتكون أول عملية ارهابية “نوعية” من تدبير وتخطيط “المقاتلين” العائدين.
أشار تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة، بداية العام الجديد (فبراير 2017) إلى الخطر الذي يمثله عودة الإرهابيين من بؤر الصراع. ويشير التقرير إلى أن كل المؤشرات تشير إلى أن هؤلاء يعدون العدة للعودة لبلدانهم الأصلية، وذلك بعد تقلص نشاط تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا والعراق وسرت الليبية. ذات التقرير أكد على أن الإرهابيين تجري محاصرتهم في سوريا والعراق و أن إمكانية ترحيلهم عبر تركيا هي الحل الأقرب. كما أشار الأمين العام للأم المتحدة “انطونيو جوتيريس” إلى خطورة عودة الإرهابيين من بؤر الصراع إلى بلدانهم ومن انتشار التهديدات الإرهابية في العالم.
في هذا السياق، تمثل عودة “الجهاديين” أكبر خطر على الانتقال الديمقراطي الجاري في تونس، وذلك بالنظر الى ارتفاع عدد هؤلاء الذين يقدرون بنحو 3 آلاف مقاتل. وذلك برغم بعض النجاحات التي حققتها المؤسسة الأمنية، فن الوضع ما زال يفتقد لوجود خطة أو استراتيجية شاملة في الحرب على الإرهاب، في ضل حديث عن وجود حاضنة شعبية لهؤلاء فضلا عن وجود خلايا نائمة وأسلحة مخزنة دون أن نهمل الوضع المنفجر على الحدود مع ليبيا.
آثار تقرير الأمم المتحدة جدلا كبيرا في المشهد السياسي والإعلامي التونسي، فقد أعاد ملف عودة الإرهابيين، فتح النقاش حول ظاهرة انتشار التيار السلفي المتشدد في تونس، وسط اتهامات لاطراف سياسية منها حركة “النهضة” بالمسؤولية الأخلاقية واللوجيستيكية، عن تسفير الآلاف من الشباب التونسي، الى بؤر التوتر. وهنا أشار الباحث أحمد المناعي، رئيس المعهد التونسي للدراسات الدولية، الى أن “هناك حقيقة غابت عن كثير من الدوائر المهتمة بالارهاب أو هي تغاضت عنها عن قصد وهي أن هذه العملية تخفي ظاهرة جديدة وفي منتهى الخطورة وهي نشأة جيوش من المرتزقة في خدمة مصالح وأغراض دول اقليمية سخرت نفسها وامكانياتها لخدمة دول كبرى وتنفيذ أجنداتها في المنطقة. وقد تفطنت الأمم المتحدة لذلك، متأخرة للأسف، فبعثت بفريق عمل الى تونس /لمدة 8 أيام في جويلية/ تموز 2015/ لبحث قضية استعمال هؤلاء المرتزقة”. /19/.
في دراسة له تحمل عنوان “المقاتلون الأجانب العائدون: تجريمهم أم إعادة دمجهم؟”، يبين الباحث تشارلز ليستر/20/ “أن المقاتلون الأجانب يختلفون عن المرتزقة، الذين يقاتلون في الخارج نيابة عن حكوماتٍ أو هيئاتٍ ممولة تمويلا خاصا. وهم، وفقاً لتعريف ديفيد ماليت، “ليسوا من مواطني دول الصراع وينضمون إلى التمرد أثناء الصراعات الأهلية”. /21/ .
يشير تشارلز ليستر الى أن المقاتلون الأجانب لعبوا دوراً في الصراعات منذ العصور القديمة، غير أن أعدادهم ومعدل تدفقهم إلى سوريا والعراق منذ العام 2011 لم يسبق له مثيل في التاريخ الحديث. وأقرب شيء يعادل ذلك هو ما حصل أثناء الجهاد الأفغاني ضد الاتحاد السوفياتي، الذي اجتذب حواليْ 20,000 مقاتل أجنبي على مدى 12 عاماً1992 – 1980. ومع تصاعد حدة الصراع السوري، ازداد معدل إجمالي تدفق المقاتل ن الأجانب من 1.400 سنة 2012 الى أكثر من 22 ألف نهاية 2015.
بالنظر الى هذا الارتفاع الكبير في عدد المقاتلين خاصة في سوريا وكذلك بقية بؤر التوتر مثل العراق وسوريا فان عودتهم تطرح تحدي كبير لا على بلدانهم فقط بل على الأمن العالمي وبالتالي على المجتمع الدولي. وهذا ما أكد عليه الخبراء المختصين في ظاهرة “المقاتلين الأجانب” مثل توماس هيجهامر، الذي اشار الى أن “سوريا سوف تطيل مشكلة الإرهاب الجهادي في أوروبا لمدة 20 عاماً”، معتراً أن وقوع هجوم من قبل أحد المقاتلين الأجانب العائدين أمراً “لا مفر منه تقريبا”. /22/.
وهو وضع مرشح للتصعيد أكثر في دول تعوزها الإمكانيات البشرية والفنية لمحاصرة خطر هذه “القنابل الموقوتة”، وهنا يبرز المثال التونسي، الأكثر عرضة لمثل هذا الخطر، باعتبار العدد الكبير للمقاتلين التونسيين في سوريا وغيرها من مناطق التوتر، فضلا عن تواصل وتمطط المرحلة الانتقالية، وما يصاحبها من شيوع لكل مظاهر عدم الاستقرار، الناجم عن ضعف الدولة وتراجع هيبتها، وبالتالي قدرتها على ضبط النظام العام.
لعل الوعي بخطورة عودة المقاتلين هو الذي يفسر تلك “الحيرة” و “القلق” الذي ميز الجدل الدائر في تونس حول الظاهرة. تأكد من خلال بروز شق رافض لهذه العودة ويتمسك بالقول إنهم خطر لا على تونس فقط، وإنهم قاموا بجرائم ضد الإنسانية ولابد من محاكمتهم في الأماكن الموجودون بها حاليا. في المقابل أبدى الموقف الرسمي مرونة في التطرق للموضوع وذلك عبر التأكيد على أن الدستور التونسي لا يمنع أي مواطن من العودة لبلده، داعيا الى محاكمتهم وفق مقتضيات قانون الإرهاب.
هنا نشير الى أن تونس ومثلما صرح بذلك عديد المسؤولين فان المقاربة التونسية في التعاطي مع هذه الظاهرة نجدها ملتزمة بتوصيات الأمم المتحدة التي بدأت تشتغل على عودة المقاتلين الذين شاركوا في الحروب منذ 3 سنوات والخيارات المطروحة كانت إما القضاء عليهم أينما وجدوا أو ترحيلهم أو استرجاع كل دولة للمجموعات التي تتبعها وهو الخيار أو السيناريو المرجح الذي سوف تتبعه تونس، وهناك اشارات واضحة على أنها انطلقت فعلا في تطبيقه.
وفق تصريح لمسؤولين في الرئاسة التونسية فان التعامل مع العائدين، يخضع الى عملية تصنيف لهم حسب درجة الخطورة، وذلك عبر تقسيمهم إلى نوعين :
*** صنف أول: مرتزقة كانوا متورطين في قضايا حق عام انخرطوا في شبكات مافيا سهلت سفرهم إلى هذه المناطق وفي حال عودتهم يجب محاسبتهم. وهذا الصنف يمكن اعادة ادماجه في المجتمع، دون أن يعني ذلك رفع الرقابة عنه، خصوصا وأن نسبة العود للأنشطة تبين أنها مرتفعة، من ذلك أن الاهابيين الذين تم العفو عنهم بعد ثورة 14 يناير 2011 نلاحظ أنهم عادوا للانخراط في الجماعات المتشددة
*** صنف ثان: وهم الذين يحملون عقيدة قتالية ويرفضون العودة إلى تونس ويبحثون دائما عن القتل والذبح والتدمير وهؤلاء نسبة عودتهم ضئيلة. وهذا الصنف تم الاقرار بضرورة تجريمه، وبالتالي اقرار محاكمته وتتبع القضائي على الجرائم التي اقترفها والتي ترتقي الى جرائم ضد الانسانية.
تشدد السلطات التونسية على أنّ من عاد من بؤر التوتر سيطبق عليه قانون مكافحة الإرهاب بمستوياته المختلفة إذ هناك من تمّت محاكمته وسجنه وهناك من يخضع للمراقبة الإدارية وأجهزة الداخلية بصدد متابعتهم وبالتالي الـ800 الذين عادوا إلى تونس ليسوا أحرار طلقاء في تونس.
تبين من خلال الجدل حول ملف عودة المقاتلين وجود ضغوطات غربية سواء من خلال ملاءمة خططها واجراءاتها مع توصيات ومقررات الأمم المتحدة حول الظاهرة، أو الخضوع لاملاءات الدول الغربية لاسترجاع مواطنيها. وهو ما شرع فيه على أرض الواقع اذ أعلن وزير الداخلية التونسي، الهادي المجدوب، في تصريح له أن 800 إرهابي قد عادوا من بؤر التوتر، وأنهم تحت أعين الأمن التونسي، وأشار الوزير إلى أن هناك مبالغة كبيرة في عدد التونسيين الذين ينشطون في صفوف الجماعات الإرهابية. ويعتبر المتابعين لنشاط الجماعات المتشددة أن ما “يطمئن نسبيا في قائمات العائدين هو التنصيص الامني في علاقة بكل العناصر العائدة من بؤر التوتر والذي يقول صراحة أنها «تخضع للمراقبة السرية والمتابعة باستمرار من قبل كافة الوحدات الأمنية كما يتم استدعاؤهم بصفة دورية طبقا للتعليمات الادارية وتحيين وضعيتهم في اطار اللجنة الجهوية للاستعلام فضلا عن مداهمة منازلهم بعد التنسيق مع النيابة العمومية..».
عودة المقاتلين.. بين الإدماج والعقاب
كيف يمكن أن تستعد تونس لعودة الآلاف من المقاتلين من بؤر التوتر؟ ذلك هو السؤال الذي يشغل الحكومة و الرأي العام التونسي على حد السواء، وسط تخوفات من سيناريو انزلاق الأوضاع التي تعرف استقرارا هشا نحو التقاتل والفوضى، بسبب عودة الآلاف من المقاتلين المحترفين، الذين قد يلجئون لتنفيذ أعمال إرهابية، خاصة بصفة فردية على طريقة ما يعرف ب “الذئاب المنفردة” مستفيدين من وجود حاضنة متمثلة في “خلايا إرهابية نائمة” ومن وجود مخابئ للسلاح لم تتوفق السلطات إلى الاهتداء إليها.
خلف الموقف من عودة الإرهابيين حالة من الانقسام السياسي والايديولوجي وكذلك المجتمعي، اذ تباينت الآراء والمواقف بين “شق رافض لها باعتبارها تشكل خطرا حقيقيا على الأمن الوطني والإقليمي، وشق آخر يرى أن من حق كل تونسي أن يعود إلى أرض الوطن وهو ما يكفله لهم الدستور، على أن يمثلوا أمام القضاء بمجرد دخولهم البلاد”.، وهو رأي يتمسك به خاصة الحقوقيين ومناضلي حقوق الإنسان، ويجد تفهما عند السلطات الحاكم، كما أنه ينسجم مع توصيات المجتمع الدولية، ومع السياق الديمقراطي الذي تعرفه البلاد.
وسط هذا الخضم من التجاذبات أعلنت الرئاسة التونسية، عن المصادقة على إستراتيجية وطنية لمقاومة التطرف والإرهاب، وقعها رئيس الدولة يوم 7 نوفمبر 2016، بمناسبة اجتماع مجلس الأمن القومي. وتتركز هذه الإستراتيجية على أربعة محاور رئيسية وهي الوقاية والحماية والتتبع والرد.
كما تم تكليف المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية وهو هيكل تابع لرئاسة الجمهورية، بإعداد دراسة حول ظاهرة الإرهابيين التونسيين بالخارج، وهي دراسة أريد لها أن تقدم ” تقييم لدرجة خطورة هذا التهديد الإرهابي، من خلال دراسة الدوافع الكامنة وراء إلتحاق الشباب بالجماعات الإرهابية وكذلك خطاباتهم وسلوكهم ومسار تجنيدهم وتسفيرهم”.
وحول تقديم دراسة متعددة الأبعاد قبل سبتمبر 2017 أكد حاتم بن سالم، رئيس المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية، في حوار مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء الرسمية، أنه ” كان يفترض إعداد هذه الدراسة خلال شهر سبتمر 2017، لكن الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد استوجبت إعدادها قبل هذا الموعد. وتتعلق بالإرهابيين التونسيين العائدين إلى أرض الوطن وأولئك القابعين في السجون التونسية والأشخاص المحيطين بهم (العائلات والأصدقاء.).
وأضاف بن سالم “أن الفريق العامل على إعداد هذه الدراسة والمتكون من خبراء وأخصائيين في علم النفس وقضاة وأساتذة جامعيين ومختصين في الخطاب الديني، قد تحولوا إلى مؤسسات سجنية في تونس وهم بصدد طرح بعض الأسئلة على الإرهابيين”.
وأوضح “أن معدى الدراسة يعملون على فهم وتفسير الظاهرة الإرهابية، حتى تكون تونس مستعدة للمستقبل، معتبرا “أن الحكومة مطالبة بأن تقرر وبسرعة عاجلة تكليف ثلة من الخبراء بوضع استراتيجية للوقاية من هذه الآفة ومقاومتها لوضع حد لمسألة الإرهابيين التونسيين بالخارج”.
ونبه إلى “أنه لا يمكن مقاومة هذا التهديد عبر اتخاذ قرارات وليدة اللحظة خلال الأزمات أو إجراءات وقتية حسب تطور الأحداث ، بل من خلال وضع استراتيجية متعددة الأبعاد قصد معالجة هذه المسألة بصفة شاملة”، مشددا على “أنه لا يمكن التعاطي مع هذه الظاهرة بعقلية التراخي او التفهم أو بصفة إنسانية، وإنما عبر الاستعداد بكل حزم، حتى تكون عودة الارهابيين ، التي لا مفر منها، منظمة بما من شأنه أن يضمن الأمن الوطني”.
وإلى جانب تشخيص هذه الظاهرة وفهمها، فإن هذه الدراسة تقدم أيضا مقترحات وقائية، وفق بن سالم، الذي أفاد “بأنه سيتم تنظيم ورشات عمل بالتعاون مع أئمة يشارك فيها خبراء أجانب يستعرضون وجهات نظرهم حول هذا الموضوع”.
وأشار بن سالم إلى وجود مئات التونسيين المحتجزين في السجون السورية والعراقية، والى أن المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية يدرس إمكانية التعاون مع خبراء تونسيين في بؤر التوتر بهدف إجراء لقاءات مع عدد من هؤلاء المساجين، قائلا لدينا شخص سيقوم بعملية تصوير هذه اللقاءات وإجراء حوارات مع المساجين.
يعتبر حاتم بن سالم أنه لا يمكن معالجة ظاهرة عودة الارهابيين من بؤر التوتر دون تعاون فعلي مع الدول التي يوجد بها هؤلاء الإرهابيين ، مشددا على “أن هذا التعاون يجب أن يكون رسميا، بأن تكون هناك علاقات دبلوماسية مع هذه الدول إضافة إلى ضرورة إيجاد تعاون أمني مع الدول التي تعاني بدورها من آفة الإرهاب”.
وأكد على أهمية “أن تتمكن الحكومة من تحمل مسؤوليتها وتضع إطارا تشريعيا مناسبا”، مضيفا “أنه من الطبيعي أن يكون لتونس قنوات لعلاقات رسمية مع الدول التي يوجد بها إرهابيون تونسيون، حتى تكون قادرة على التعاون على المستوى الأمني وكذلك على مستوى تأطير هؤلاء الارهابيين”. وأضاف في هذا السياق، “أن نجاعة الاستراتيجية الوطنية يرتبط كثيرا بنوعية العلاقة مع هذه الدول”، مشيرا إلى “أن أغلب الإرهابيين التونسيين لا سيما بالعراق وسوريا تمت محاكمتهم ومن بينهم من تم إصدار حكم الإعدام في حقه”.
وأشار حاتم بن سالم في حواره مع وكالة تونس افريقيا للأنباء الرسمية (وات) إلى “أن هؤلاء الإرهابيين الذين يمثلون تهديدا للأمن القومي التونسي ، لم يغادروا البلاد بصفة فجئية، بل تم تنظيم سفرهم، ولهذا فإن الدولة مطالبة بتحمل مسؤولياتها لتحديد المسؤولين عن انتداب التونسيين في هذه الجماعات المتطرفة”. وتابع قائلا: ” أنه وبالنظر إلى تعقد مسألة مراجعة الدستور أو الإطار التشريعي واستحالة منع الإٍرهابيين التونسيين من العودة إلى تونس، فإن الدولة مطالبة بإيجاد إطار مناسب لمعالجة هذا الملف، مضيفا، أنه وفي حال عودة هؤلاء، فلابد من أن تتم معاملتهم كمجرمين وإرهابيين وتطبق عليهم أحكام قانون مكافحة الإرهاب التونسي”.
كما أوضح المدير العام لمركز الدراسات الاستراتيجية (مركز حكومي يتبع مؤسسة الرئاسة) أنه وبالنظر إلى العدد الكبير لهؤلاء المقاتلين ولصعوبة تجميع الأدلة التي تثبت تورطهم ، وعدم توفر الوسائل الضرورية في النظام القضائي للحكم عليهم، خاصة وأن المنظومة السجنية غير قادرة على معالجة هذه الظاهرة، فإن ضرورة التعجيل بالاستراتيجية الوطنية لمقاومة التطرف والإرهاب، تتزايد يوميا ، وهو ما يبرر تمثيل وزارتي العدل والداخلية في اللجنة المكلفة بإعداد هذه الدراسة ، على أن تشارك بقية الوزارات في إعداد الاستراتيجية.
أقرت تونس، بصفة معلنة وحاسمة للجدل الذي عرفته البلاد، أنه في حال عودتهم الى تونس فان الارهابيين المتورطين في النشاط ضمن الجماعات الارهابية في بؤر التوتر يخضعون الى احكام قانون “مكافحة الارهاب ومنع غسل الاموال” الذي ينص في الفصل عدد 31 منه على أن يعد مرتكبا لجريمة إرهابية ويعاقب بالسجن من عام إلى خمسة أعوام وبخطية من خمسة آلاف دينار إلى عشرة آلاف دينار كل من يتعمّد داخل الجمهورية وخارجها علنا وبصفة صريحة الإشادة أو التمجيد بأي وسيلة كانت بجريمة إرهابية أو بمرتكبيها أو بتنظيم أو وفاق له علاقة بجرائم إرهابية أو بأعضائه أو بنشاطه أو بآرائه وأفكاره المرتبطة بهذه الجرائم الإرهابية.
أما الفصل 32 من هذا القانون فهو يعرف مرتكب الجريمة الإرهابية كالتالي “يعد مرتكبا لجريمة إرهابية ويعاقب بالسجن من ستة أعوام إلى اثني عشر عاما وبخطية من عشرين ألف دينار إلى خمسين ألف دينار كل من انضمّ عمدا، بأي عنوان كان، داخل تراب الجمهورية أو خارجه، إلى تنظيم أو وفاق إرهابي له علاقة بالجرائم الإرهابية أو تلقى تدريبات، بأي عنوان كان، داخل تراب الجمهورية أو خارجه بقصد ارتكاب إحدى الجرائم الإرهابية المنصوص عليها بهذا القانون. وتكون مدة العقوبة من عشرة أعوام إلى عشرين عاما والخطية من خمسين ألف دينار إلى مائة ألف دينار لمكوني التنظيمات أو الوفاقات المذكورة.
كما تم اتخاذ تدابير استثنائية في التعامل مع الارهابيين والمقاتلين العائدين، من ذلك أن الاشخاص المورطين في أعمال ارهابية والذين تم اصدار الحكم في حقهم او الموضوعين في الاقامة الجبرية، يتم التعامل معهم حسب درجة خطورتهم ، التي تحددها الادارة العامة للسجون بعد اجراء مراقبة لصيقة لهؤلاء الاشخاص في مراكز الايقاف وبالاستناد الى التقارير القضائية وللنيابة العمومية .من ذلك أن من يعتبرون قيادات في المجموعات الإرهابية ويوصفون بالخطيرين يتم عزلهم ، أما بالنسبة للبقية فإن 5 بالمائة منهم فقط يتم سجنهم مع سجناء الحق العام ، وذلك بسبب عدم توفر الفضاءات في المؤسسات السجنية.
خاتمة
برغم خطورة هذه الظاهرة، عودة المقاتلين، التي تمثل تهديدا صريحا للأمن القومي وكذلك لمسار الانتقال السياسي والديمقراطي، فان الحكومة التونسية، بضغط من المجتمع الدولي واستجابة لمطلب داخلي، فرضه السياق الديمقراطي الذي تمر به البلاد، فإننا نجدها قد اختارت ترجيح سيناريو إعادة الإدماج على التجريم وعلى إعطاء الأولوية للحل الأمني، الذي حصر في الحالات التي يثبت تورطها في جرائم فضيعة وضد الإنسانية، وهي في الواقع عملية صعبة ومعقدة. وهذا الخيار بدأت الحكومة في تطبيقه في الواقع، وهي التي أعلنت عن عودة 800 مقاتل قامت بتصنيفهم وفق درجة “الخطورة”، بين من آوتهم في السجون استعدادا لمحاكمتهم، وبين من تركتهم في حالة سراح، لكن فرضت عليهم مراقبة أمنية لصيقة ومشددة.
وهنا نلاحظ بأنه وعلى خلاف الوضع السابق عن ثورة 14 يناير 2011، اذ كان الحل الأمني هو الأساس في التعامل مع حركات الاسلام السياسي كلها، سواء التي تلجأ لاستعمال العنف، أو التي تنتهج منهج سلمي في نشاطها. فاننا في حال اليوم نجد استجابة من قبل السلطات للمنظمات الأهلية أو المجتمع المدني وتحديدا المنظمات الحقوقية، التي تدعوا الى مقاربة شاملة لمقاومة الارهاب، ليس البعد الأمني الا جزءا منها.
فجرت مسالة عودة المقاتلين حادثة من جديد الجدل حول ضرورة محاربة الارهاب، لكن، دون التعدي على حقوق الانسان والحريات العامة والخاصة. هناك شبه اجماع، اليوم في تونس، بأنه لا يمكن العودة للوراء تحت أي طائل، بما في ذلك الحرب على الارهاب. وأن هناك “يقظة” ايجابية، تقف حاجزا أمام جنوح السلطة الى اعادة الهيمنة على كل الفضاءات وتدجين الحراك الاجتماعي والسياسي. كما أنه لم يعد ممكنا للحكومة أو الرئيس تهديد الحرية التي يضمنها الدستور وعديد التشريعات.
هذه السياسة الجديدة التي تعطي الأولوية لاعادة “التأهيل” أو “الادماج” ل “المقاتلين” مع “اليقظة الأمنية” نجدها تعبر عما ذهب اليه عديد الدارسين للظاهرة ولمنطلقاتها، وهو ما ذهبت اليه الباحثة المختصة في العلوم السياسية ألفة لملوم، عندما أكدت على أن تنامي السلفية أكد في جانب منه تحاليل الكاتب الراحل حسام تمام الذي كان تنبأ منذ منتصف 2000 بأن هذه الظاهرة ستكون “سيدة الزمن القادم” في منطقتنا. لن نضع حدا لهذا “الزمن” بالقوانين الاستثنائية السالبة للحريات، ولا بإباحة التعذيب ولا بتشييد الأسوار حولنا. فلن ينسلخ الشباب عن الجهادية ما لم يقتنعوا أن في أوطانهم ما يستحق الحياة، وأن الحرية والكرامة والشغل ليست مجرد أحلام. /23/.
أكد الباحث في معهد” بروكنجز”، تشارلز ليستر، في دراسة له تحمل عنوان: “المقاتلون الأجانب العائدون: تجريمهم أم إعادة دمجهم؟”، في معرض حديثه عن سيناريوهات مقاومة ظاهرة “عودة المقاتلين”، مشددا على أن “تصميم سياسة مكافحة الإرهاب ومكافحة التطرف المحلي يجب أ لَّ تُترجم إلى حالة تجريم وإدانة شاملة للجميع دون تمييز. فالسياسات المتشددة، كإلغاء جواز السفر والمراقبة الأمنية المكثفة للمجتمعات الإسلامية، لا تؤدي إ لَّا إلى ترسيخ عقلية الضحية التي يسعى المتطرفون إلى استغلالها.”.
ويشير الباحث في معهد بروكنجز الى أنه “بدلاً من ذلك، يجب تمكين الجهات الفاعلة غير الحكومية المحلية للتعامل مع الأفراد والمجتمعات المعرضة للخطر. ولا ينبغي بالضرورة أن يُنظر إلى العقيدة الإسلامية المحافظة بأنها تتعارض مع نزع التطرف، ولكن يمكن للسلفية المهادنة أن تمثل علاجاً فعالاً للجهاد العنيف”. ويضيف “يمكن للسلطات حتى أن تعكس ما يسمى “تأثير المحارب القديم” وأن تستخدم المقاتلين العائدين المصابين بخيبة أمل للعمل علي تخليص الآخرين من التطرف”.
هوامش وإحالات
1/ المقاتلون الأجانب العائدون: تجريمهم أم إعادة دمجهم؟، تشارلز ليستر، معهد بروكنجز، أغسطس 2015، كتبت النسخة الأصلية لهذا البحث باللغة الإنجليزية.
2/ المرجع السابق
3/ أحمد نظيف، بنادق سائحة تونسيون في شبكات الجهاد العالمي، المعهد التونسي للعلاقات الدولية، تونس، 2016، ص 51
4/ المرجع السابق
5/ المرجع السابق
6/ المرجع السابق
7/ منذر بالضيافي، استراتيجية محاربة الارهاب في تونس، مكافحة الارهاب المفاهيم – الاستراتيجيات – النماذج، كتاب مركز المسبار للدراسات والبحوث، دبي، يونيو/حزيران 2015، ص 138
8/ توفيق العياشي، “الارهابيون التونسيون والجرائم الاستعراضية الكبرى: مُقاتلون “تكنوقراط” في مُستنقع ألعاب مُخابراتية عالميّة”، راجع الرباط التالي:
https://www.hakaekonline.com/content/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D8%B6%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A8%D8%B1%D9%89-%D9%85%D9%8F%D9%82%D8%A7%D8%AA%D9%84%D9%88%D9%86-%D8%AA%D9%83%D9%86%D9%88%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%8F%D8%B3%D8%AA%D9%86%D9%82%D8%B9-%D8%A3%D9%84%D8%B9%D8%A7%D8%A8
9/ المرجع السابق
10/ المرجع السابق
11/ المرجع السابق
12/ تونسيات في “داعش”، راجع الرابط التالي:
https://www.alarabiya.net/ar/north-africa/2017/03/09/%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82-%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%B2%D8%B9%D9%8A%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A7.html
13/ ألفة لملوم، ملاحظات عن « الجهاديين » في تونس، راجع الرابط التالي:
http://arabi.assafir.com/article.asp?aid=3319&refsite=facebook&reftype=sharebutton&refzone=like
14/ المرجع السابق
15/ المرجع السابق
16/ المرجع السابق
17/ المرجع السابق
18/ المرجع السابق
19/ أحمد المناعي، تقديم كتاب “بنادق سائحة” (مرجع سابق)، ص3
20/ تشارلز ليستر، مرجع سابق
21/ المرجع السابق
22/ المرجع السابق
23/ حسام تمام، باحث مصري مختص في حركات الاسلام السياسي خاصة جماعة الاخوان المسلمين
Comments