فطور رمضاني للرؤساء الثلاث .. بداية عودة الرشد أم “مجرد هدنة”؟
منذر بالضيافي
أكدت مصادر اعلامية متطابقة أنه من المنتظر أن يلتقي اليوم الأربعاء 13 ماي 2013 الرؤساء الثلاثة (قيس سعيد و راشد الغنوشي وإلياس الفخفاخ)، وسيكون اللقاء على الأرجح على مأدبة افطار رمضاني بقصر قرطاج. بعد تصاعد كبير في منسوب التوتر بين قرطاج والقصبة خلال الفترة الأخيرة. فهل هي بداية “عودة الرشد” أم “مجرد هدنة” فرضها وسيفرضها واقع ما بعد الكورونا؟
يأتي اللقاء المرتقب، في اطار سياق سياسي عرف حالة من “التوتر” ، سواء في العلاقة بين “قرطاج” و “القصبة”، أو داخل الائتلاف الحكومي، الذي لم يتوصل بعد شهرين من العمل المشترك، الى تجاوز “جراح التشكيل”، ما جعل ” الثقة داخل الائتلاف الحكومي لم تبن بعد”، وفق ما أكده رئيس الحكومة الياس الفخفاخ، في حواره التلفزي أمس الثلاثاء مع قناة “فرانس 24”.
سيخيم على “فطور قرطاج”، ثقل الوضع العام في البلاد الذي يتسم بتسارع مؤشرات تدهور الأوضاع الاقتصادية، التي رمت بظلالها على الأوضاع المعيشية لفئات وشرائح واسعة من التونسيين، وبالتالي فان الأوضاع الاجتماعية، ومثلما يذهب الى ذلك جل خبراء والمتابعين، مرشحة لتصاعد وتيرة “الغضب”، وأن الخروج من “الكورونا” سيكون مرفوقا باتساع الحراك الاجتماعي، الذي بدأت الدعوات اليه تبرز في مواقع التواصل الاجتماعي، وأيضا من خلال بعض التحركات التي وان بقت “معزولة”، فإنها من المتوقع أن تعرف المزيد من التبلور بمجرد انقشاع الوباء.
برغم التناقضات وتباين “الحسابات”، فان “النخبة” الحاكمة ( ممثلة في الرئاسات الثلاثة)، تدرك أكثر من غيرها، بحكم اطلاعها على اتجاهات الرأي العام، والتقارير السياسية والأمنية التي تقدم لها، أن الأوضاع في البلاد تفترض التحرك وبسرعة، في اتجاه التخفيف من منسوب التوتر السياسي، الذي وصل الى “سقف” أصبح ينذر بحصول المكروه، بما سيجعل الجميع خاسر من المآلات التي قد يصل اليها.
الآن، وبعد أن عبر كل طرف عما يفكر فيه وبطريقة علنية، وأصبحت الصورة أكثر وضوحا، وتم رصد التفاعلات وكذلك التداعيات، حان وقت الجلوس معا، والا تحول الصراع الى دائرة “العبث” الذي ستكون عاقبته وخيمة على الجميع، وبالتالي فان “فطور قرطاج” وفي هذا “الشهر المقدس”، لا يمكن الا أن يكون في اطار “دبلوماسية الخير”، التي يكون أفقها “المصالحة”.
سبقت “فطور قرطاج” المرتقب مساء اليوم، العديد من المؤشرات الدالة على أن هناك معالم “هدنة” في طور التشكل، لعل من أبرزها تأكيد رئيس الحكومة الياس الفخفاخ، في حوارة أمس مع القناة الفرنسية (فرانس 24)، على أن نهاية الأسبوع ستأتي بأخبار سارة، في ما يتعلق بتقريب وتجسير الفجوة بين مكونات الائتلاف الحكومي الذي يرأسه، وهنا لم يستبعد سيناريو الذهاب نحو توسيع الائتلاف، الذي مثل استجابة لمطلب قوي من شريك رئيسي في الحكم، وهو حركة “النهضة” التي تتمسك وبقوة، بأن المرحلة التي تمر بها البلاد تفرض “حكومة وحدة وطنية”.
وعلمنا في موقع “التونسيون”، أن رئيس الحكومة الياس الفخفاخ، منشغل كثيرا بالوضع داخل الائتلاف الحكومي، بدرجة ترتقي لنفس الاهتمام بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية، وأنه بصدد السعي الى توفير كل ظروف “التضامن الحكومي”، من خلال تقريب وجهات النظر بين مكونات الائتلاف، وقد يكون أعطى “اشارات” بضرورة تجنب “التصريحات الاعلامية” التي تزيد في “تعكير الأجواء”، وهنا لا يستبعد أن يخضع “الحضور الاعلامي” للوزراء مستقبلا، الى متابعة و “تنسيق” مسبق مع ادارة الاتصال بالقصبة.
من جهة أخرى، وفي اطار “التهدئة” دائما، أكد الناطق الرسمي لحركة النهضة و عضو مجلس النواب عماد الخميري في تصريح لاذاعة “موزاييك أف ام” أمس الثلاثاء 12 ماي 2020 أن راشد الغنوشي رئيس مجلس النواب و رئيس حركة النهضة التقى في لقاء غير معلن بغازي الشواشي وزير أملاك الدولة و القيادي بالتيار الديمقراطي.
و أكد الخميري أن اللقاء تناول عدة نقاط أهمها التضامن الحكومي الغائب في العلاقة بين الحكومة و حزامها السياسي خاصة في ظل تصويت بعض مكونات الحزام ضد قرارات الحكومة و هو ما يصعب العمل بالنسبة للفخفاخ و فريقه الحكومي.
كما تناول اللقاء التشنج الحاصل بين أعضاء مجلس نواب الشعب من مكونات الحكومة و تبادل التهم في ما بينهم. و أكد الخميري ان لقاء الغنوشي و الشواشي تناول أيضا مسألة حكومة الوحدة الوطنية و امكانية تعزيز الحكومة بمكونات أخرى في اشارة لقلب تونس و لائتلاف الكرامة . و اعتبر الخميري أن الشعوب في حالة الحرب و الأزمات تحتاج الى لم الشمل و الاتحاد للخروج الى بر الأمان.
في ذات التوجه، أكدت مصادر مطلعة لموقع “التونسيون” أن لقاءا سيجمع نهاية هذا الأسبوع رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي بقيادات حركة الشعب، يذكر أن العلاقة قد “ساءت” بين الطرفين على خلفية تبادل الاتهامات و “الرسائل الفايسبوكبة” بين قيادات الحركتين، اللذين لم يتجاوزا فيها الخلاف التاريخي والذي يعود لخمسينات القرن الماضي، بين التيارين الاسلامي والعروبي/ الناصري خاصة.
مما ذكرنا من مؤشرات على وجود “رغبة” في تجاوز الخلافات داخل الائتلاف الحكومي، فان لقاء قرطاج الذي سيجمع اليوم الرؤساء الثلاثة، سيكون حاسما في اعادة بناء جسور الثقة داخل منظومة الحكم، وهو ما تفتضيه طبيعة المرحلة التي تعيشها تونس، والتي يتوقع أن تعيش أوضاعا استثنائية، ما بعد الخروج من الكورونا (الكوفيد -19).
مرحلة، ستكون خلالها البلاد مرهقة اقتصاديا واجتماعيا، بعد توقف النشاط الاقتصادي، وتراجع كل المؤشرات الاقتصادية وتوقع نمو سلبي ب 5 بالمائة، وضع ستكون له دون أدنى شك “تكلفة” اجتماعية لابد من حسن ادارتها و حسن التعامل معها.
ولعل البداية تكون بتقوية “الجبهة الداخلية” التي هي أكثر من ضرورية لمواجهة لا تحديات الداخل فقط، بل أيضا التحديات الاقليمية في علاقة بالوضع الليبي الذي سيكون أيضا محددا بل مؤثرا على المشهد التونسي غدا.
Comments