فوضى الأحزاب في تونس
فتحي نوفل
ان “الأحزاب السياسية لا تولد في البرلمانات”، هكذا برر سليم الرياحي، خروج نواب حزبه من كتلة الائتلاف الوطني ” . هي كلمة حق، فالأحزاب لا تولد في الصالونات ولا في المقاهي/المطاعم الفاخرة ولا في البنايات الشامخة ولا في الغرف المغلقة ولا أيضا في البرلمانات.
تولد الأحزاب من رحم أفكار ومشاريع وبدائل وبرامج مغمسة في الواقع، غير منقطعة عنه متنقلة بين الأفئدة والعقول مهيكلة للجموع في ” ماكينة انتخابية” تنزل بثقلها زمن المواعيد كبرهان ساطع على شعبيتها.
قد تلتقي لحظة التأسيس مع لحظة الحاجة المجتمعية لتعديل مشهد سياسي، مختل مثلما كان حال “النداء”، الا ان غياب فعل التراكم والتهيكل والتنظم، يفضي بالحزب الى الشلل فالجمود فالتحلل.
الأحزاب قد تولد من نطفة زعيم خطيب مفوه، يملأ الدنيا ويشغل الناس حضورا وحصافة وعمقا إلا ان زمن “الكاريزما” ولى وأدبر دون رجعة . قد تكون خطوة سليم الرياحي الإندماجية نفس جديد لرئة ندائية عليلة معتلة روافد ينضاف للروافد الا ان ما عرف عنه من عجلة موسوم بها صاحب شعار “توة ” تجعل من سقف الآمال المعقودة عليه غير عالية رغم ان الأماني تصبو الى ان تتوفر فيه خصلتي الرشد والرصانة.
قد يذهب في ظن البعض ان ترحال الرياحي السياسي ما بين اتخاذ الموقف ونقيضه يقوي شوكة غير الآبهين بوقع وتأثير انصهار حزبه في الجسد الندائي الا ان تداعيات ما حصل على المشهد السياسي في لحظته الآنية في معركة كسر العظام من الأهمية بمكان اذ قد تؤشر لأول اختراق اوقف النزيف وقد تدشن مرحلة لملمة الجراح “فالريمونتادا” ليست فقط كروية بل قد تكون ندائية.
كما المراهق اليافع الباحث عن نحت شخصيته يبحث سليم الرياحي عن هوية سياسية فبعد ان وجد لنفسه مكانا تحت الشمس آن له الأوان كي يستظل من لهيبها وهو الذي خبر لسعاتها.
Comments