فوضى ليلية في الجهات .. من يقف ورائها ؟
شعبان العبيدي
تشهد عديد المناطق بالعاصمة والولايات تحرّكات ليلية لشباب مراهق يستهدف الدّوريات الأمنية التي تسهر على تطبيق الحجر الصحيّ، وقد بيّنت كثير من المشاهد عبر شبكات التواصل الاجتماعي عمليات غلق للطرقات وإحراق للعجلات واعتداءات على القوات الأمنية، إضــــــافة إلى ما جدّ بمناطق أخرى بالعاصمة من اعتداءات على الأملاك وعمليات سرقة.
تحركات تطرح أكثر من سؤال خاصّة وأنّها تأتي بعد مرور ذكرى الثورة، وفي ظرف صحيّ دقيق، لمجموعات من الشبان المراهقين. هل هي عفوية أم هي ردّ على أحداث اجتماعية أم هـــي تحرّكات مدفوعة لمزيد تعميق جراح البلاد؟ أسئلة كثيرة تخامر الذهن وتشغل بال كلّ ذي حكمة خصوصا في مرحلة لم تعد البلاد تحتمل فيها مزيدا من الفوضى والعنف والاعتداء على أجهزة الدّولة وخصوصا الأمن.
ما يحدث اليوم مهما كــــــان حجمه يتحمّله أولا وأساسا رجال السياسة الذيــن ما فتئوا يشحنون جماهير الشعب ضدّ الدّولة وضدّ الاستقرار المجتمعي، ونتاج طبيعي للخطابات الهوجاء وأســـــاليب التحريض وتقزيم الدّولة، ومحاولة الاستثمار السياسي البائس في كلّ حدث. وما يجري من أحــــــــداث تهدّد عمل الأمنيين وسلامة الناس وممتلكاتهم إجابة واستجابة لما يروّجه بعض مجانين الساسة من خطابات تظهر الدولة في صورة عصابة ومافيات تتحدّى الدستور والقانون، وهو ما جاء البارحة في قناة إعلامية على لسان أحد السياسيين. وما يتردّد على وسائل الإعلام والتحاليل الإعلامية التي ما انفكت توظف كلّ شيء من أجل مزيد إغراق البلاد نكاية في خصم سياسي.
وما يحدث اليوم يجده مبرّره في الخطاب الشعبوي الذي ما انفك يردّد بطريقة انفعالية شعــــارات الثورة عوضا عن البحث عن سبل لتنزيلها إلى واقع التحقيق فهو يغذّي من حيث يشعر أو لا يشعر بإشعال فتيل الاحتجاجات والتمرّد على الدّولة وخرق القوانين. وما يحدث اليوم هو نتيجة حتمية لــــــدولة عاجزة من خلال مؤسساتها عن فرض احترام القانون وتطبيقه وحماية الأمن العام، وهي حالة من الوهن ما انفككت تنخر الدّولة بعد الثورة إلى اليوم حتّى أصبحت عرضة للتهديد من طــــرف الخارجين عن القانون تحت شعار كلمات حقّ أريد بها باطل، وهو ما يدفع الشباب المهمّش والجانحين والشباب الموظّف من طرف أصحاب المصلحة في الفوضى يسيرون على نفس المنوال ولا يـــــــــرون أنفسهم أقلّ من الناطق باسم تنسيقية.
إنّ نواقيس الخطر اليوم قد دقّت، وعلى كلّ الأطراف أن تعي خطورة الدّعــــوات إلى الفوضى وضرب الدّولة والدّعوة إلى العنف. وهي رسالة لا بدّ أن يدركها الإعلاميون ورجال الدّولة وأشبــــاه السيــاسيين الذين من متلازمة طمس الفارق بين الحقيقة والزيف وبين الواقع والخيال. لأنّ كلّ عمليات الاستثمار في هذه الفئات من الشباب والغاضبين والجانحين لن تكون نتائجها إلا وبالا على البلاد والعباد.
Comments